إسرائيل ومجلس حقوق الانسان: سجل أسود وتكلفة مجانية..

أخبار البلد - تفوقت اسرائيل /هذا الشهر/ على نفسها في سياستها القمعية وانتهاكاتها مختلفة الاشكال ضد حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة . كانت البداية مع إنكار رئيس وزرائها نفتالي بينيت للحق الطبيعي لملايين الفلسطينيين في إقامة دولتهم والحكم المسبق عليها بأنها "جلب للارهاب على بعد 7 دقائق من بيته” المزعوم والمقام أصلاً بواسطة إرهاب احتلالي. ثمّ جاء الانتهاك الصارخ لحرمات الأموات والاعتداء المنافي للانسانية على المقبرة اليوسيفية لطمس تاريخ وهوية المدينة المقدسة في سلوك بربري لم تقدم عليه أعتى الدول الشمولية . 


سبقه الاغلاق غير المبرر لست منظمات عمل خيري استنادا على قانون معيب يسمى "مكافحة الارهاب” وادعاءات بوجود معلومات استخبارية سرية دون إيضاحها، رغم أن اسرائيل التي ترى ارهاب المستوطنين يتزايد عنفا وهمجية ضد الفلسطينيين لم تعلن تصنيف أية مجموعة استيطانية ارهابية ! ناهيك عن نهجها التقليدي في القتل وتوسيع الاستيطان غير الشرعي والفصل العنصري . وتوّجت نهاية الشهر الحالي بشكل مميز مع قيام السفير الاسرائيلي جلعاد إردان بتمزيق نسخة من التقرير السنوي لحقوق الانسان صابًّا جام غضبه على رئيسة المجلس بشراسة قائلا لها ثلاث مرات "عار عليك” ، مضيفاً في تحقير وتحد للقانون الدولي أن التقرير مصيره الزبالة!!


ولو كان العالم يعطي جائزة مشينة لمنتهكي حقوق الانسان واللامبالاة بالقانون لحصدتها اسرائيل بناء على انجازاتها المريعة ضد الانسانية هذا الشهر بلا منازع .

الهجوم الاسرائيلي الضاري والمستديم الذي ينال مجلس حقوق الانسان شخوصا وسياسات مفهوم ولا يحتاج لتحليل عميق ، وببساطة كيف لدولة هدف سياستها الأول والمعلن صراحة: الحفاظ على الاحتلال وترسيخ المستوطنات أن تتفق مع مجلس يناقش حقوق الانسان؟ ورغم ان اسرائيل تعلم جيدا أن المجلس غير قادر على التأثير أو الضغط لمعالجة المسألة الفلسطينية أو حتى تحسين حياة الفلسطينيين إلا أن كل تقرير صادر عنه يواجه بمزيد من الصراخ والاتهامات بالانحياز.

وبنظر اسرائيل والولايات المتحدة وباقي حلفائهم أن المشكلة تقع في البند السابع في مجلس حقوق الانسان. والبند السابع بند دائم على جدول اعمال المجلس وهو بعنوان "حالة حقوق الانسان في فلسطين وباقي الاراضي العربية المحتلة ” وفي كل دورة للمجلس يبحث الانتهاكات التي تقوم بها اسرائيل في الارض المحتلة. المفارقة أن هذا البند الذي يفترض أنه يناصر الفلسطينيين هو نفسه يعد مدخلا لاسرائيل وحلفائها لتوجيه اتهامات للمجلس بالانحياز والاستفزاز بحجة أنه لا توجد دولة في العالم لها بند منفرد غير اسرائيل . وبالطبع فالمحاولات الامريكية والاسرائيلية لإزالته حثيثة ومتواصلة.

وللأسف على الرغم من التركيز الكبير للمجلس على المسألة الفلسطينية والاعتداءات الاسرائيلية إلا أن البند السابع ليس كافيا لمواجهة اسرائيل ، فالطريقة التي يتم بها تناول الاوضاع في فلسطين أشبه بإطفاء الحرائق وليس منع حدوثها بمعنى أن آلية العمل تتم برد الفعل على حادثة معينة وليس معالجة جذور الصراع كونها دائرة متصلة لا تنفصل ابدا فطالما هناك احتلال لن يتغير شيء.

ولاشك أن التكلفة المجانية للاعتداءات الاسرائيلية بمثابة إعطاء اسرائيل إمتيازاً بالاستمرار دون رادع . فلا عقوبات ولا توصيات بدفع الثمن . مثلا لماذا لا تكون هناك مطالبات بدفع اسرائيل تكاليف إعادة بناء غزة نتيجة الحرب والدمار بدلا من أموال المانحين؟