الحلقة الأولى .. أخبار البلد تفتح الملف الأسود لمافيات الحليب البودرة الأبيض

اخبار البلد - مهند الجوابرة 

جرائم ترتكب بحق المواطن الأردني ومنذ أمد بعيد من قبل بعض التجار المستوردين لمادة الحليب المجفف والذين انسلخوا وخلعوا مبادئ الأمانة والتجارة وباتت أحلامهم وطموحاتهم في جمع الثروات تطغى على إحساسهم بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه المواطن المستهلك لبضائعهم الخالية من أدنى حدود المواصفات والمقاييس ، تلك الجرائم كشفت عنها الدراسات والأبحاث التي أجرتها الدكتورة سناء قموة على بعض الأصناف الغذائية المطروحة في الأسواق الأردنية مؤخراً ، حيث أثبتت الدراسات أن تلك الأصناف"الحليب المجفف والقمح والأسماك المجمدة والأرز" تحوي في مكوناتها الأساسية على بعض المواد السامة التي تتسبب في إصابة المواطن بأنواع مختلفة من السرطانات على رأسها سرطان القولون والمستقيم .

ومن جانبه علق رئيس جمعية تسويق الحليب مروان صوالحه على الأبحاث والدراسات التي أجرتها الدكتورة قموة بأن تلك الأبحاث أصابت كبد الحقيقة وفتحت ملفاً قديماً جديداً حاولت العديد من الأيادي البيضاء في المملكة التصدي له في السابق وإيقاف دخول تلك المواد الغذائية التي رفضت إحدى دول الجوار استيرادها من الأردن بسبب أنها غير صالحه للإستهلاك البشري ، حيث تولى أمر تلك البضائع أحد النواب في مجلس البرلمان السابق لإعادة توزيعها في الأسواق الأردنية وبيعها من خلال حرق أسعارها في أحد المولات الكبرى في المملكة ، الأمر الذي دفع صوالحه بالحصول على أحد هذه المنتجات والتوجه مباشرة لوزارة الزراعة لسؤالها عن كيفية تداول هذا المنتج في السوق الأردني على الرغم من أنها معدة للتصدير الخارجي .

صوالحه أكد لـ أخبار البلد أن جشع التجار أثمر عن دخول تلك المكونات والمواد الغذائية إلى الأراضي الأردنية بالرغم من علمهم اليقين أن تلك المواد تشكل تهديداً واضحاً وصارخاً على صحة المواطن الأردني وسلامته الغذائية ، لكنهم تمكنوا من تشكيل لوبي في الخفاء جمع بين متنفذين ورجال أعمال وصناع قرار لتسيير أعمالهم وزيادة أرصدتهم البنكية بالأموال الملطخة بالمواد السامة المدسوسة في بضائعهم المطروحة في الأسواق والمصنعة من مخلفات المواد الغذائية والتي أثبتت دراسات متعددة صادرة من مؤسسات موثوقة أنها غير صالحة للإستهلاك البشري.

وأضاف أن هناك العديد من المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق الأردنية يتم إعادة تدويرها في المملكة وإضافة العديد من المواد الممنوعة والمحظورة من الإستخدام في تصنيع المواد الغذائية كمادة الميلامين على سبيل المثال لا الحصر والتي تصبح مادة شديدة السمية في حال استخدامها بكميات أعلى من الحد المسموح به ، مؤكداً أن هناك بعض الأصناف أجريت عليها فحوصات واختبارات لتؤكد النتائج أنها لا تصلح للإستهلاك الإنساني بأي شكل من الأشكال بل إنها لا تصلح أيضا للإستهلاك الحيواني !

وقال رئيس جمعية ائتلاف مربي الأبقار ليث الحاج إن الدراسات والأبحاث التي قامت بها قموة صحيحة وسليمة ، مستشهداً بأنه وفي عام 2016 قامت جمعيات متعددة بالتعاون مع مؤسسة المواصفات والمقاييس بمحاربة الحليب المجفف لاحتوائه على الزيوت المهدرجة ، وتم حظره بشكل رسمي من قبل المواصفات والمقاييس في ذات العام بناءً على دراسات تسلمتها المواصفات والمقاييس ومديرها آنذاك حيدر الزبن ، حيث إن تلك الدراسات صادرة من جامعة هارفرد تفيد بخطورة استخدام الزيوت المهدرجه في صناعة الحليب المجفف وذلك لتسببه بالعديد من الأمراض ، إذ استهدفت الدراسة "100"ألف شخص وتبين أن من "20% إلى 30%" من العينة المستهدفة قد أصيبوا بأمراض متعددة منها الضغط والسكري وأنواع مختلفة من السرطانات.

وأكد الحاج لـ أخبار البلد أن منطقة الحرة في الزرقاء هي المنطقة التي يتم من خلالها تهريب الحليب البودرة إلى المملكة من خلال المصانع الموجودة في المنطقة الحرة والتي وجدت لتصدير هذه المنتجات للخارج ، فيما تقوم هذه المصانع بإدخال هذه المنتجات إلى الأسواق الأردنية بدلاً من تصديرها للخارج ، مطالباً الجهات المسؤولة بوضع حد لهذه التجاوزات عن طريق تشديد الرقابة على المصانع وعلى المنافذ الحدودية.

وطالب الحاج المؤسسة العامة للغذاء والدواء بإجراء الفحوصات والإختبارات على المواد المطروحة في الأسواق بدلا من التوجه لإجراء الفحوصات على العينات الموجودة في المصانع ، حيث إن العديد من المصانع باتت على علم بتلك الزيارات الهادفة لإجراء فحوصات واختبارات ، فتقوم بدورها بجلب عينات سليمة للجان المؤسسة العامة للغذاء والدواء وإخفاء العينات المطروحة في الأسواق ، في مشهد يتيح للناظر معرفة مدى حالة الجشع التي أصابت أصحاب تلك المصانع الذين لا يراعون في صحة المواطن لا إلاً ولا ذمة أو ضمير.

وبين الحاج وجود ثغرة في شروط منح التراخيص لأصحاب المصانع الذين يتحصلون على رخص لاستخدام الحليب المجفف لغايات تصنيع جبنة "فيتا" لكنهم وعلى النقيض من غاية حصولهم على الرخصة يباشرون استخدام الحليب المجفف في صناعة مواد غذائية أخرى باستخدام تلك الرخص التي باتت شماعة يعلق عليها أصحاب المصانع جشعهم واختراقهم للقانون بهدف تمرير منتجاتهم إلى الأسواق بأقل الأسعار وأقل جودة ، مطالباً الجهات المعنية في زارة الزراعة بإعادة النظر في شروط منح الرخص لأصحاب المصانع المراوغين والمتلاعبين في الغاية من حصولهم على الرخص ، ومطالباً بإعادة النظر بشروط وبنود النظامة لاستيراد الحليب من الخارج بطريقة تضمن دخول الحليب المجفف ضمن المواصفات والمقاييس بما لا يشكل خطورة على صحة المواطن.

وذكر الحاج أن هناك عدد من المصانع الراغبة بتعظيم ربحهم وتكديس الأموال في حساباتهم لا تزال تستعمل هذه المواد المحظورة على الرغم من منعها مرات عديدة من المؤسسة العامة للمواصفات والمقاييس ، مؤكداً أنه وبالإضافة للعديد من الأشخاص الشرفاء قاموا بشن حرب شرسة لمنع دخول تلك المواد المحظورة واستطاعوا بالتعاون مع الجهات الرسمية للتوصل لقرارات تمنع دخول عدة منتجات من دول مجاورة لاحتوائها على مواد شديدة السمية ولا تصلح للإستهلاك البشري.

إن ملف حليب البودرة المجفف غير المطابق والذي رفضته ونبذته كل الدول المحترمة في العالم المتحضر يحتاج إلى إرادة سياسية واقتصادية ووطنية لإغلاقه ومحاسبة حيتان ومافيات هذه المواد شديدة السمية على المدى البعيد واتخاذ قرارات جريئة وسريعة وفورية ووضع إشارة أمام هؤلاء الذين أدخلوا تلك السموم إلى أمعاء الأردنيين ملتفين ومتجاوزين جميع الأنظمة والقوانين ، حيث سنقوم في أخبار البلد بفتح هذا الملف الخطير على مصراعيه ومع كل الأطراف ذات العلاقة مع التذكير بأن دائرة الجمارك العامة كانت قبل شهور من الآن قد داهمت الكثير من هؤلاء السماسرة الذين أغرقوا مصانع البلد بنفاياتهم التي تسمى زوراً وبهتاناً حليب بودرة مجفف وهو بريئ من تسمياتهم ومؤامراتهم.