“تطبيع” بـ37 طنا من الخيار والفلفل

أخبار البلد-

 
مع أن "التطبيع” مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي يعيث جيشها الصهيوني فسادًا وقتلًا وتدميرًا في فلسطين شرقًا وغربًا، ناهبًا خيراتها، كان يُعتبر لأعوام قليلة مضت من "الموبقات”، على الصعيد الديني، إلا أنه قد يُبرر البعض ذلك التعامل مع "إسرائيل” بحجج عديدة.
لكن ما لا يتقبله العقل، أن يكون هناك تطبيع "مجاني”، بلا أدنى مسؤولية، أو أن يكون غير مُجد، هذا في حال تم التسليم بذلك، على قاعدة "الغاية تُبرر الوسيلة”.
تفاجأ الكثير من الأردنيين بخبر لوزارة الزراعة، مفاده بأن صادرات الأردن الزراعية إلى "إسرائيل”، بلغت خلال شهر آب الماضي، 37 طنًا فقط من مادتي الخيار والفلفل.
قد يتقبل أناس، أن يكون هناك تطبيع مع دولة الاحتلال بشأن بحث علمي، أو سبق طبي، أو تعاون زراعي أو اقتصادي، يعود بالفائدة على المواطن الأردني، وإن كان كل ذلك مرفوضًا جملة وتفصيلًا من قبل الكثير من أبناء الأردن، الذي قدم آباؤهم وأجدادهم أرواحهم رخيصة في سبيل فلسطين والدفاع عنها، لكن أن يتم التطبيع بثمن بخس دراهم معدودة، ثمنًا لتصدير 37 طنًا من مادتي الخيار والفلفل، يستفيد منها قلة من "شُذاذ الآفاق”، فهذا ما لا يتقبله منطق أو يستسيغه اللُب، ويدخل في باب التأويلات التي تحتمل أكثر من رأي وتفسير.
إن دولة الكيان الصهيوني، التي يُهرول الكثير لنيل رضاها، تنظر إلينا بـ”فوقية” و”تعجرف”، وتستكثر التعامل معنا في أمور حياتية عادية، يكون من نتاجها فوائد تخدم الطرفين، فحتى في موضوع الزراعة، كانت معنا "بخيلة” كعادتها، فهذه دولة لا تهتم إلا بمصالحها ومواطنيها، إذ لم تُقدم على توقيع اتفاق مع الأردن، يقضي بمنح المنتجات الزراعية الأردنية أفضلية في الأسواق الإسرائيلية، إلا من خلال ما يُسمّى بـ”سنة الراحة اليهودية (السبتية)”، والتي تقع ما بين أيلول 2021 وأيلول 2022.
وبعد ذلك، يخرج الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة ليقول بأن هذا الاتفاق "سيرفع الصادرات الأردنية للجانب الإسرائيلي لنحو 50 ألف طن من الخضار والفواكه خلال عام”.. فكما هو معلوم بأن تلك السنة، تُعتبر بنظر "المزاعم اليهودية” هي السابعة من الدورة الزراعية، التي تمتد لسبعة أعوام، حيث يجب أن تُترك الأرض في راحة خلال هذه السنة، ويُحظر كل نشاط زراعي، بما في ذلك الحرث والغرس والتقليم والحصاد.
دولة الاحتلال، لا تُقدم أي فائدة للأردن في أكثر من مجال، وخصوصًا على الصعيد الزراعي، فهي تُبرم اتفاقات تعود عليها ومواطنيها فقط بالخير والفائدة، في وقت يتراكض فيه مزارعونا نحو التطبيع معها، لكنه تطبيع مقابل مبلغ مالي زهيد.. وللقارئ أن يتخيل كم يبلغ ثمن 37 طنا من الخيار والفلفل.
ويبقى السؤال لماذا الزراعة تأخرت عندنا، وفي تراجع مستمر، وفي الطرف الآخر متقدمة جدًا، مع أن الأرض هي نفس الأرض، والمناخ متشابه؟
ويستطيع المتابع أن يتخيل إلى أي درجة وصلت الاستخاف بنا، من قبل الكيان الصهيوني، الذي يلهث كُثر وراء التطبيع معه، فـ”إسرائيل” لا تُقيم وزنًا لموضوع امتداد الحرائق إلى أراضينا، ولا تُكلف نفسها، حتى بتصريح دعائي، يُلمّح بتعويض المزارعين المتضررين من تلك الحرائق، فكيف يتم تصديق بأن التصدير الزراعي إلى "الاحتلال” سيعود بفوائد على مزارعينا؟.