كولن باول وإرث الحرب على العراق

أخبار البلد - منذ يومين، توفي وزير الخارجية الأسبق #كولن باول عن عمر يناهز 84 عاماً بسبب مضاعفات فيروس كورونا.


كما حدث حين توفي وزير الدفاع الأميركي الأسبق #دونالد رامسفيلد، جذبت وفاة باول تحليلات متفاوتة وحتى متناقضة حول إرثه السياسي الذي كاد يختصره البعض ب#الحرب على العراق.

تركت تلك الحرب الكثير من خيبات الأمل الأميركية بما أنها خيضت على أساس امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، وهو أساس تبين خطؤه في وقت لاحق. ولعلّ أبرز ما ميّز باول في السياسة الأميركية أنّه كان أول رئيس أسود البشرة لهيئة الأركان الأميركية المشتركة وأول وزير خارجية أسود في الولايات المتحدة.

يتذكر رئيس "مجلس العلاقات الخارجية" ريتشارد هاس خصال باول الذي عرفه عن قرب بالنظر إلى عملهما معاً في إدارات مختلفة، بدءاً بإدارة جيمي كارتر وصولاً إلى إدارة بوش الابن. يصف هاس باول بأنه رجل متواضع ومتفائل وقد نصح معارفه بعدم استشارة ما تمليه المخاوف، ووصف التفاؤل المستدام بأنه "قوة مضاعِفة". وكان باول أيضاً عضواً في مجلس إدارة "مجلس العلاقات الخارجية" منذ اكثر من عقد. باختصار، كان باول صديقاً جيداً لأكثر من أربعة عقود بحسب الكاتب.

لقد آمن باول بأن الخدمة العامة موضع شرف كما كان رجل اعتدال وبراغماتية لا إيديولوجية. لقد تنقل باول بين العالمين المدني والعسكري ففهِم أن القوتين العسكرية والديبلوماسية متكامتلان لا متناقتضان في ميدان الأمن القومي.

لقد خدم باول عامين في حرب فيتنام كضابط يافع في الجيش الأميركي وأدرك كيف يمكن سياسة غير حكيمة وقيادة سيئة أن تفرضا أكلافاً بشرية وتدمرا المؤسسات. لقد أثرت تجربة فيتنام بشكل عميق على طريقة تفكير باول في استخدام القوة العسكرية. تقوم العقيدة التي تحمل اسمه بوضع المعايير التي يجب أخذها بالاعتبار قبل استخدام القوة. وكان باول يرى أن القوة العسكرية يجب أن تكون آخر ملاذ للحكومة.

من بين الأسئلة التي تطرحها عقيدة باول قبل اللجوء إلى الخيار العسكري، "هل من أهداف واضحة تماماً بإمكان القوة العسكرية تحقيقها بالشكل الأفضل؟"، و"هل ستتفوق المنافع المحتملة على الأكلاف المتوقعة؟" و"كيف يمكن الاستخدم الأساسي للقوة العسكرية تغيير الوضع، وماذا بعد ذلك؟". لقد فهم باول كيف أن قياس التدخل العسكري يجب أن يتم لا عند إطلاقه بل عند نهايته.

يؤكد هاس أن باول لم يكن صائباً دوماً في خياراته. أكبر خطأ كان ظهوره في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شباط 2003 مدافعاً عن فكرة الحرب على العراق. وكان باول أول من اعترف لاحقاً بخطئه.

ما يلفت هاس النظر إليه هو أن جميع من عملوا في إدارة بوش، بمن فيهم هو نفسه، لم يكونوا مدركين أن صدام حسين لم يكن يملك أسلحة دمار شامل. لكن ما يجهله نقاد باول هو أن الأخير كان مؤمناً بما يقوله.

حتى مع تصديقه لمؤشرات وجود تلك الأسلحة، لم يكن باول يفضل الذهاب إلى الحرب، لكنه كان يدرك أن التهديد كان حقيقياً وأن خيار الحرب كان منطقياً حتى ولو لم يكن ذلك تفضيله. لقد أصرّ باول دوماً على بناء خياراته بالاستناد إلى المعلومات التي وفرتها الأجهزة الأمنية لا بالاستناد إلى تفضيلاته السياسية.

يضيف هاس أنّ ما هو أساسي في تقييم باول هو أنّ ما قاله الأخير شكّل تمثيلاً صادقاً لما ظنّه هو وآخرون أنه الواقع. "بإمكان المرء أن يكون مخطئاً عن غير قصد".

وبعد مغادرته الحكم، انتقد باول الميل غير الليبيرالي المتزايد لدى الحزب الجمهوري الذي كان جزءاً منه لفترة طويلة. وقد ظل رجل اعتدال حتى النهاية، كما أوضح هاس.