هل تفجر المقارفات الإسرائيلية انتفاضة فلسطينية؟

أخبار البلد - لطالما توفرت مقومات الفعل المقاوم في الضفة الغربية. فها هي قراها وبلداتها ‏ومدنها ومخيماتها من الخليل مرورا ببيت لحم والقدس ونابلس وجنين وعلى امتداد ‏ساحة الضفة كلها، تتوالى فيها الأحداث التي تعزز مخاوف إسرائيل من تكثيف ‏عمليات المقاومة في الساحة الأكثر احتكاكاً بجنود الاحتلال ومستعمريه/ ‏‏”مستوطنيه”.‏

 

في قرى وبلدات ومدن وخيمات الضفة، تتعمق إرادة المقاومة بدء بالشعبية من ‏مسيرات ومظاهرات وصولا إلى المواجهات والإرباك الليلي والعمليات الفردية ‏وإطلاق النار على الحواجز العسكرية، حتى بات جيش الاحتلال يتحسب قبل اجتياح ‏أصغر الأحياء. فثمة إصرار من الشباب الفلسطيني على الاشتباك والاستعداد ‏للتضحية افتقدته الضفة الغربية منذ عام 2005 حين شهدت الانتفاضة تراجعا بسبب ‏مقارفات إجرامية كثيرة على رأسها الاغتيالات واعتقال عشرات القيادات الميدانية ‏للمقاومة، وإنشاء الطرق الالتفافية والحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري التي ‏تحولت الضفة بفعلها كلها إلى مربَّعات أمنية، فضلا عن إجراءات قمعية منهجية لكل ‏من ينفذ عملاً عسكرياً، مثل هدم البيوت ومصادرة الممتلكات. لكن الضفة تعود اليوم ‏بقوة، خاصة بعد أن حركت معركة "سيف القدس” الفلسطينيين، وأثبتت أن الرهان ‏على تسكين جبهة الضفة لا استمرارية له، وهو ما كشفته المواجهات المسلحة في ‏القدس وجنين.‏

بالمقابل، نحن أمام أعمال قتل وإعدام، ومقارفات لا تعد ولا تحصى: تخريب ‏واعتقال، إغلاق طرق حتى الترابية منها، إغلاق حواجز ونصب جديدة، أوامر هدم ‏ذاتي خاصة في القدس ومحاولات تطهير عرقي في قراها وبلداتها، استعمار/ ‏‏”استيطان”، اقتحامات للمسجدين الأقصى والإبراهيمي ومحاولات فرض التقسيم ‏المكاني والزماني فيهما، ناهيك عن استفزازات المستعمرين/ "المستوطنين”، حيث ‏أظهرت معطيات أجهزة أمن الاحتلال أن "الاعتداءات الإرهابية التي يرتكبها ‏المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية تضاعفت”. وبحسب صحيفة ‏‏”هآرتس”، فقد استعرضت أجهزة الأمن هذه المعلومات أمام مسؤولين في جهاز ‏الأمن وممثلين عن المستوى السياسي خلال مداولات مغلقة، حيث تطرقت المعطيات ‏إلى الأعوام 2019 – 2021، ودلت على "تزايد هذه الاعتداءات الإرهابية”. ‏وأشارت المعطيات إلى أن "المستوطنين نفذوا 363 اعتداء إرهابيا ضد فلسطينيين ‏في العام 2019، وارتفع عدد هذه الاعتداءات الإرهابية إلى 507 في العام 2020، ‏وإلى 416 اعتداء إرهابيا في النصف الأول من العام الحالي، أي أكثر من كافة ‏الاعتداءات الإرهابية التي ارتكبها المستوطنون في العام 2019 كله”‏‎.‎

في هكذا حال، نتساءل: "هل تفجر هذه المذبحة الإسرائيلية المستمرة ‏انتفاضة؟ شرعية السؤال تكمن في استمرارية المجزرة خاصة وأن الحكومة ‏الإسرائيلية بزعامة (نفتالي بينيت) ليست يمينية فقط وليست متشددة فقط، إنما تريد ‏المزايدة على المتطرف (بنيامين نتنياهو) وحزب الليكود فتراها تتوغل في ‏الاستعمار/ "الاستيطان” والتهويد، وبالتالي يرى المراقب وكأن هناك مزادا دمويا ‏إسرائيليا ضحيته الشعب الفلسطيني.‏

هناك جانبان عريضان اليوم: الاحتلال ومقارفاته، وقرار المقاومة من ‏الجماهير الفلسطينية: الأول يعمل في أكثر من اتجاه بهدف كبح تهديد اشتعال جبهة ‏الضفة، والثاني إدراكه أن المقاومة هي ورقة الضغط الحقيقية على دولة الاحتلال، ‏وبالتالي إنجاز نقلة نوعية في حالة المقاومة الشعبية وتصعيدها، وانتقالها إلى كل ‏موقع في الضفة‎.‎‏ وعليه، لا سبيل أمام الضفة الغربية سوى ترجيح سيناريو المواجهة ‏على سيناريو الهدوء، ذلك أن تصاعد مقارفات المحتل لا يوازيه قوة سوى انتشار ‏أوسع للمقاومة.‏