مصادر: محاكمة ''الفساد'' تسكين للمواطن كي تمهد الحكومة لرفع المحروقات
أكدت مصادر مطلعة اليوم الأربعاء، أن قرار تحويل عمدة عمان السابق عمر المعاني إلى القضاء وتوديعه سجن الجويدة على خلفية قضايا فساد؛ حظي بمباركة ملكية.
وقالت المصادر المقربة من القصر، إن الملك عبدالله الثاني أعطى الضوء الأخضر لحكومة عون الخصاونة، كي تباشر في تحويل مسؤولين سابقين وحاليين إلى المحاكم، يشتبه بتورطهم في قضايا فساد.
لكن المصادر اعتبرت أن قرار التحويل للمحاكم المختصة، يهدف إلى احتواء الشارع، والتمهيد لجملة من القرارات الاقتصادية، أبرزها رفع الدعم عن المحروقات؛ لإنقاذ الموازنة العامة.
مصدر حكومي رفيع المستوى قال لـ"السبيل" إن "تجاهل ملفات الفساد التي شغلت الرأي العام خلال الفترة الماضية، لن تمكن الدولة من رفع الدعم عن المحروقات، وستجد نفسها في مواجهة أوضاع قاسية".
وكان وزير المالية أمية طوقان قال في وقت سابق، إن "الحكومة ستعمل على إعادة توجيه الدعم المقدم للمشتقات النفطية والكهرباء والمياه".
وأكد طوقان - في خطاب الموازنة العامة لعام 2012 الذي تلاه مساء الأحد أمام مجلس النواب - أن الحكومة ستقوم بالتشاور مع المجلس لإعادة النظر في الآلية المتبعة حالياً لدعم المحروقات، والتي قال إنها "تحدث تشوهاً واضحاً في الأسعار، ولا تتسم بالعدالة، وتشجع الإنفاق الاستهلاكي الذي يذهب إلى المستوردات وليس للصادرات".
المصادر العليمة تؤكد أن الأيام القادمة ستشهد تحويل العشرات من "الرؤوس الكبيرة" إلى القضاء وعلى دفعتين، موضحة أن مطبخ القرار "وصل إلى قناعة مفادها أنه لا يمكن التحايل على المواطن، وأن التستر على المتورطين من شأنه أن يضعف الدولة ويفقدها الشرعية".
ومن المتوقع أن يستمع المدّعي العام خلال الأيام القادمة لشهادة عدد من كبار الشخصيات السياسية في ملف الكازينو، من بينهم رئيسا وزراء سابقان، ومدير سابق للديوان الملكي، ووزراء آخرون.
يشار إلى أن هيئة مكافحة الفساد، أعلنت أخيراً عن إصدار أمر قضائي بمنع سفر عشرات المسؤولين ورجال الأعمال خارج المملكة؛ للاشتباه في تورطهم بقضايا فساد مالي وإداري.
وقال رئيس الهيئة سميح بينو إن "الهيئة تحقق حالياً في 70 قضية أحيلت من مجلس الهيئة بتهم فساد كبيرة، بينها 26 قضية في مدينة واحدة".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد المصري؛ أن "خيارات صعبة تعيشها الدولة هذه الأيام".
يقول لـ"السبيل": "إما أن تستسلم السلطات لحالة الإحباط والسخط الشعبي، أو أن تسعى إلى محاربة الفساد بشكل جدي".
ويضيف: "محاربة الفساد والكشف عن المتورطين، من شأنه أن يضع مصداقية الدولة على المحك. سننتظر الأيام القادمة لنرى ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات".
أما الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان؛ فيرى أن "الرسائل الملكية المتعلقة بمحاربة الفساد، تشي بوجود قرار ثوري لاجتثاث ذلك السرطان".
ويقول أيضا إن "تلك الرسائل تعكس تغيراً كاملاً، بل انقلاباً ضد المرحلة السابقة التي كان فيها الخطاب الرسمي يحاول لملمة الحديث عن الفساد عبر الحدّ منه، سواء عبر التشريعات أو الرقابة على الآراء، وهو ما عزّز القناعة بأنّ هنالك تستراً على الملف، وزاد من منسوب الضرر".
وكان الملك عبدالله الثاني التقى قبل أيام شخصيات من مختلف المؤسسات الرسمية، وطالبهم بإيجاد إطار قانوني لمكافحة الفساد.
واعتبر الملك أنّ المواطن "تعب من الشعارات، وأنه لا أحد فوق القانون". وتزامنت التصريحات الملكية مع أخرى لرئيس الوزراء أكد فيها الجديّة في مكافحة المتورطين بالمال العام.