بانتظار طبقة من المسؤولين “الشجعان”

اخبار البلد - 

 

بماذا تفكر الحكومة وهي تدخل عامها الثاني؟ ما أعرفه أن الرئيس، بشر الخصاونة، يستعد لإجراء تعديل جديد، ربما يكون موسعاً، وأن وزير الشؤون السياسية يتحرك بنشاط لعرض مخرجات لجنة التحديث السياسي والترويج لها، وأن بعض الوزراء يباشرون أعمالهم كالمعتاد، فيما آخرون "على قلق” بانتظار المغادرة.
جردة حسابات الحكومة، في العام الماضي، تراوحت بين مواجهة أزمات ثقيلة وإنجازات متواضعة، فقد ظلت بعيدة نسبيا عن "الملف” السياسي، وانشغلت بالملف الاقتصادي، اختارت ان تعمل "بصمت” وبلا ضجيج وانطوت على نفسها، لم تنثر الوعود على الجبال، ربما لتحافظ على مصداقيتها، لكنها منذ "ولادتها” عانت من عدم الانسجام بين فريقها، وظل رئيسها حريصاً على القيام بدور "المايسترو” وبحزم احيانا.
عام "التسخين” انتهى بما له وبما عليه، المهم الآن أن تبدأ حركة ” عجلة” الحكومة في اتجاهين مهمين، الأول تهيئة البيئة السياسية الداخلية لإنعاش المعنويات العامة، واحياء الروح الوطنية لدى الناس واستعادة الثقة بمؤسسات الدولة، هذا يحتاج إلى خطوتين، خطوة من قبل الرئيس لمصارحة الأردنيين بما فعلته الحكومة وما تفكر فيه، وفي تقديري ان الخروج إلى "الإعلام” هو أفضل وسيلة لذلك، علما بأن الخصاونة لم يظهر في مقابلات حصرية على وسائل الإعلام الأردنية حتى الآن.
أما الخطوة الثانية فهي ضرورة "حلحلة” الازمات العالقة، وخاصة مع المعلمين والناشطين السياسيين الموقوفين، إضافة الى فتح مجال الحريات العامة، وترطيب علاقة الحكومة مع المؤسسات الأخرى، والنزول الى الميدان "الشعبي” لمواجهة الناس، للاستماع اليهم والتعرف على هموهم بشكل مباشر.
أما الاتجاه الثاني فيتعلق بالمجال الاقتصادي، وأهم ما تحتاجه الحكومة هو وجود فريق وزاري متجانس لحمل هذا الملف الصعب، ثم الانفتاح على القطاع الخاص بصورة أفضل لتشكيل "شراكات” قادرة على طرح حلول لمشكلات البطالة والفقر وتراجع عجلة التنمية والنمو، ربما يكون هذا امتحان الحكومة في العام المقبل من عمرها، وعليه يتوقف حكم المجتمع على إنجازها.. والثقة بها ايضاً.
أعرف تماماً أن أغلبية الأردنيين غير معنيين بما تقوله الحكومة (والحكومات عموما) إن لم يتحول الى إنجازات حقيقية تنعكس ايجابيا على حياتهم ومعيشتهم، وأعرف أيضاً أن الأيام المقبلة "حبلى” بمخاضات، وربما مفاجآت، من شأنها أن تعكر المزاج العام، المعكّر اصلاً، ما أتمناه ان تكون الحكومة جاهزة للتعامل مع هذه المستجدات المتوقعة، وان لا تكرر ما فعلته مع "أزمات” العام الماضي، حين تباطأت في مواجهاتها ومصارحة الناس بها.
بقي لدي ملاحظة أخيرة ، وهي ان خوف المسؤول من اتخاذ القرار ولد حالة من العجز والسلبية في الإدارة العامة، إذ شهدنا للأسف قناعة لدى بعض المسؤولين أن "الحركة ليست بركة”، وأن "التسكين” أقصر طريق لضمان البقاء في المنصب، هذا المسؤول المرعوب لن يستطيع ان ينجز أو يغير، وبالتالي فإن أي نجاح للحكومة في مرحلتها المقبلة سيحتاج الى وجوه جديدة تنتسب إلى "طبقة” أخرى من المسؤولين "الشجعان” الموثوق بكفاءاتهم، الذين لا يعانون من التردد والارتجاف حين يوقعون مقرراتهم، وهؤلاء بحاجة لمن يحميهم، ويعزز فيهم روح العمل والمبادرة.
مهمة الحكومة في العام المقبل، إذا قدر لها ان تستمر، لن تكون سهلة، فأمامها امتحانات صعبة لمواجهة مرحلة "التعافي” السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري، وهي مرحلة مثقلة بالتحولات والهواجس والشكوك والاستحقاقات، وعليه فإن بوابة "التعديل” القادم ستشكل بالنسبة لها فرصة لإعادة تصحيح مساراتها، وشحن طاقاتها، وتحسين صورتها وأدائها ايضاً.