استثناءات السلطة للانتخابات البلدية: تخل عن القدس وشرعنة لقرار المحتل

أخبار البلد - يأتي قرار السلطة الفلسطينية استثناء مدينة القدس والمخيمات الفلسطينية داخل الضفة الغربية من الانتخابات البلدية بموجب القرار الصادرعن لجنة الانتخابات المركزية مفاجئاً وغريباً سواء من حيث التوقيت أو المضمون. 


تشكل القدس بمساحتها الجغرافية الكلية محور الأساس للصراع مع الكيان الصهيوني، إن فعل السلطة الفلسطينية هذا هو إقرار بإسقاط مدينة القدس ومن يسكنها من مشؤوع التحرر الذي تأسست من أجله منظمة التحرير الفلسطينية، فحق المقدسيين في اختيار ممثليهم هو حق قانوني أصيل كفلته لهم المواثيق والقوانين الدولية بوصفهم مواطنون فلسطينيون تحت الاحتلال، ومن حقهم أن يختاروا من يدير خدماتهم المحلية.

ولعل استثناء مدينة القدس والمخيمات الفلسطينية له دلالات سياسية واضحة أكثر منها تنظيم انتخابات تنوي القيام بها السلطة في ديسمبر المقبل ، فالحديث عن مدينة القدس بأنها تحت سلطة الاحتلال لتبرير القرار يعد خروجاً عن مبدأ السيادة على جميع الارض المحتلة وفي مقدمتها القدس؛ تحت ذريعة أنها تخضع مباشرة لسلطة بلدية الاحتلال، أو ما يسمى بلدية "القدس الموحدة”، فسكان القدس فلسطينيون ، واستثناؤهم يبعث بدلالات تقبل رواية الكيان الصهيوني التي تقول بأن سكان مدينة القدس لا جنسية لهم، ويقيمون في دولة الكيان الصهيوني، وهذا الأمر له ارتدادات قانونية وسياسية على ابناء مدينة القدس، خاصة أن ملف القدس من الملفات التي لم يتم إغلاقها بشهادة المجتمع الدولي وبحماية القانون الدولي الذي مازال يعتبر القدس جزءا من الضفة الغربية المحتلة.

إن تماهي قرار السلطة خشية الاصطدام مع الغطرسة الصهيونية في عدم إجراء أي تدخل سياسي أو مظهر من مظاهر فرض السيادة الفلسطينية على القدس، يشير إلى أن السلطة تتخلى قانونياً وسياسياً عن القدس. 

وإذا كانت السلطة الفلسطينية غير قادرة على إجراء أي انتخابات داخل مدينة القدس، فإن ذلك فرصة سياسية يساندها المجتمع الدولي فيه أن مدينة القدس وفق ما نصت عليه اتفاقية (اوسلو) من الملفات التي تم تاجيل النظر فيها وحرمان المقدسيين، وهذا تغول من الكيان الصهيوني على (اوسلو) وانتهاك خطير لها ، لذا فإن السلطة الفلسطينية أمام فرصة وتحد سياسي وقانوني لإحياء مشروع التحرير عن طريق فرض الأمر الواقع ، وكذلك يمنحها الفرصة بالتحلل من أي التزام تجاه الكيان الصهيوني، وبدعم ورعاية من المجتمع الدولي الشاهد على اتفاقية اوسلو المشؤومة. 

ويعد استبعاد المخيمات الفلسطينية من المشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية، أمر يثير الشبهات حول النظرة السياسية والقانونية من قبل السلطة لقضية اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية، ودعواها  أن الأمر متعلق بحق العودة لأبناء المخيمات، ومدى اعتبار هؤلاء ضمن التركيبة السكانية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، حيث تشير سجلات دائرة الإحصاء الفلسطيني أن عدد اللاجئين في الضفة الغربية بلغ 800,000 لاجئ فلسطيني يعيش جزء منهم في مخيمات الضفة الغربية البالغ عددها 19 مخيماً وفق الأونروا. 

ويعتبر هذا الاستبعاد لأبناء المخيمات في الضفة الغربية مخالفاً للمادة التاسعة من النظام الدستوري المؤقت للسلطة الفلسطينية والتي تقضي"أن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة". 

في حين يجدر الإشارة إلى التناقض العجيب في قرارات السلطة الفلسطينية في استثناء أبناء المخيمات في انتخابات محلية تعتبر مشاركة لتحسين حياتهم اليومية والخدماتية وتحت ذريعة أنها تحت رعاية الاونورا، علماً أن المخيمات تشارك في الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) بشكل كامل. 

إن قرار السلطة بالتخلي عن القدس في هذه المرحلة الحرجة لن يفسر الا بالتماهي مع قرارات الكيان الصهيوني ، وما صدر عن محاكم الكيان غير الشرعية بشرعنة اقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى. 
وتبقى الفرصة موجودة للتراجع عن هذا القرار من قبل السلطة الفلسطينية، باعتباره قراراً باطلاً قانونياً بعيد كل البعد عن حق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال بكل الطرق والوسائل المتاحة ، ومنها الاشتباك الايجابي في حقهم لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية والبلدية.