وثائق بريطانية تكشف معلومات عن دور السوفييت في تحديد موعد هجوم مصر وسوريا على إسرائيل
اخبار البلد - كشفت وثائق بريطانية أن السوفييت هم الذين نصحوا الرئيس المصري الراحل أنور السادات باختيارالسادس من أكتوبر عام 1973 لبدء الهجوم على الجيش الإسرائيلي الذي كان يحتل سيناء.
ووفقا للوثائق فإن أحد الجنرالات الروس هو الذي نصح باختيار هذا اليوم الموافق السبت، الذي يطلق عليه اليهود بالعبرية اسم "يوم كيبور" أي الغفران، العاشر من شهر رمضان، أحد عناصر المفاجأة التي شلت حركة إسرائيل في الأيام الأولى للحرب.
وتكشف الوثائق، أن حجم الدعم السوفييتي لمصر وسوريا حتى "قبل الحرب وخلالها" كان أكبر بكثير مما يعتقد.
وبعد شهور قليلة من انتهاء الحرب، أجرى حلف شمال الأطلسي "الناتو" دراسة للحرب بهدف "استخلاص الدروس" تحسبا لاندلاع صراع عسكري مع دول حلف وارسو في ذلك الوقت، بقيادة الاتحاد السوفييتي، على المسرح الأوروبي.
وحسب نتائج الدراسة، فإن السوفييت أدوا دورا مؤثرا ساعد المخططين المصريين في أن ينفذوا بإحكام خطة الخداع، التي جاءت بعد دراسة دقيقة لتجربة الهزيمة أمام إسرائيل فيحرب الأيام الستة في يونيو عام 1967، بكل تفاصيلها.
وتقول النتائج، التي قدمت لقيادة الناتو في أول مارس عام 1974 واعتبرت أحد وثائق الحلف البالغة السرية: "أظهر التحليل العربي، المصحوب بإرشاد من جانب مستشاريهم الروس،لحرب يونيو 1967، أنه إذا أراد العرب تحقيق أي نوع من النجاح ضد الإسرائيليين، فلا بد أن يضمنوا أن تكون المفاجأة كاملة عن طريق: أولا: إخفاء نواياهم العدائية عن طريق تهيئة موقف سياسي وعسكري لا يؤدي إلى شن هجوم إسرائيلي استباقي وقائي، ثانيا: شن هجومهم قبل استكمال التعبئة الإسرائيلية".
وتشير معلومات الناتو الاستخباراتية، في ذلك الوقت، إلى أنه "خلال دراسة المصريين لحرب يونيو، أوصى المستشار الروسي الكبير الجنرال فاسيليوفيتش بفترة يوم كيبور باعتبارها أفضل وقت للهجوم لتحقيق المفاجأة".
واستندت النصيحة إلى أنه في هذا اليوم تتوقف الحياة بشكل شبه تام وفقا للتعاليم اليهودية المتبعة. وقالت: "في هذا اليوم يكون سكان إسرائيل في المنزل يتأملون، ويصومون وتظل أجهزة المذياع مغلقة".
وقالت نتائج دراسة الناتو إنه "باختيار الثانية (بعد ظهر يوم كيبور) ساعة الهجوم، زاد عنصر المفاجأة أكثر. فإذا لم يحدث هجوم في الفجر، يكون هناك ميل إلى الاسترخاء. أما الهجوم في الغسق، فيتيح ضوء نهاري ضئيل لا يساعد في الاستفادة من المكاسب الأولية التي تتحقق".
وهذا ما حدث بالفعل. فقد أربكتالمفاجأة إسرائيل التي لم تستطع انتزاع المبادرة على الجبهة الجنوبية (المصرية) إلا يوم 15 أكتوبر، أي بعد 9 أيام من بدء العمليات، وفق معلومات الناتو.
وما أثار اهتمام خبراء الناتو هو احتمال أن يكون الاتحاد السوفييتي على علم أكبر بكثير، مما كان يُظًن، بخطط السادات في مرحلة مبكرة، وهو ما يجعل السوفييت، حسب دراسة الحلف، يستحقون "قدرا أكبر من الاعتراف بفضلهم".
وتكشف الدراسة أن حجم الدعم السوفييتي للعرب أكبر وأهم بكثير من المعروف عنه، في الحرب التي فتح السادات بعدها بأربع سنوات أبوابالتسوية بين العرب وإسرائيل بزيارته التاريخية للقدس في نوفمبر عام 1977.
وتقول معلومات الناتو الاستخباراتية إنه "بداية من مساء يوم 11 أكتوبر، وصلت سفن الشحن السوفييتية بمواد حربية من (مدينة) أوديسا ( في أوكرانيا) إلى ميناء اللاذقية السوري، بعد اندلاع الحرب بـ 5 أيام".
وخلص خبراء الناتو من هذا إلى أن السوفييت كانوا على علم مسبق بموعد الحرب، ما أتاح لهم الفرصة لإعداد الدعم العسكري للعرب عن طريق البحر.
وأضافوا "إجمالا، وصل حوالى 50 سفينة شحن في مواني اللاذقية وطرطوس والإسكندرية في الفترة من 10/11 أكتوبر إلى 21 أكتوبر بحمولات من الذخيرة والمواد الحربية".
ولم يكن الدعم السوفييتي عن طريق الجو، باستخدام الطائرات العسكرية والمدنية، أقل من الدعم عن طريق البحر.
وقالت دراسة الناتو إنه "بين يومي 6 و21 من شهر أكتوبر 1973، هبطت 296 طائرة في مصر تحمل أسلحة ومعدات (244 طائرة أنتينوف-12 تحمل كل واحدة 12 طنا و 40 طائرة أنتينوف-44 كل منها يحمل ما بين 60 إلى 70 طنا و 12 أخريات). ولمدة شهر، بقي جسر جوي بين الاتحاد السوفييتي وسوريا نفذت خلاله قرابة 900 رحلة، وصلت ذروتها يوم 17 أكتوبر بعدد رحلات بلغ أقصاه 100 رحلة".
ووفق حسابات الناتو، فإنه بهذا يكون الاتحاد السوفييتي "قد نقل جوا ما بين 800 إلى 1000 طن يوميا عبر 3000 كيلومتر عبر يوغوسلافيا ومن البحر الأسود فوق تركيا".
وفيما يتعلق بالمعدات المنقولة، فإنها شملت "الذخيرة وقطع الغيار، ومعدات لوحدات كاملة من المجر وتشيكوسلوفاكيا، بل وحتى وحدات من الجيش السوفييتي من وسط أوروبا إلى مسرح الشرق الأوسط، مثل وحدات صواريخ سام ومواقع رادار".
ويشير تقييم استخبارات الناتو إلى أنه في خريف عام 73، كان عدد العمليات الجوية، التي نفذتها مجموعة القوات السوفييتية المتمركزة في ألمانيا الشرقية، التي كانت معروفة باسم GSFG، لأمداد العرب بالدعم العسكري، غير مسبوق في تاريخها.