من عمق الظلام نور الحرية
أخبار البلد - مباراة حدودها بحجم وطن، محاطة بنهر، وبحر، وجبال وسهول وتلال وصحاري، وقتها طويل بطول تضاريسها، تحولت فيها المباريات الجميلة في ازقتها وحاراتها بين الاطفال تارة وبين الكبار تارة اخرى من مرح وصخب وضحك الى مباريات حدودها مشوهة بالأسلاك والالغام، وغاب عنها جو المرح والسرور حتى صارت مخيفة مرعبة، لاعبوها فُرضت عليهم اللعبة لهدف واحد هو الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع وبحدوده المصطنعة، او الهروب من صانع اللعبة وقوانينها والاختباء منهم، او حتى من ذواتهم الهاربة لأرض لا تعرفهم ولا تحِنُ عليهم وتحميهم ؛لأنهم غرباء هاربين ويسمونهم لاجئين ولو بعد حين، ومن منا ليس لدية قطعة منه وجزء من وطنه الحبيب في المهجر.
ولا ضوابط اخلاقية لتلك المباراة المفروضة عليهم فأجسادهم التي تحمل ارواحهم مستهدفة، وكل هواجسهم وآمالهم وطموحاتهم ومحبتهم لتضاريس وطنهم السليب كذلك، وجعلهم ايضا يضيعون بين ركام ضلوعهم المهشمة وافكارهم المضطربة.
تدور المباراة على ملعبنا وفي ارضنا، أيعقل ان نهزم في عقر دارنا؟ فارضنا هي ملاذنا الوحيد عند هروبنا وقهرنا، واينما حاول المعتدي ان يسمم الارض ويشوه معالمها ويغير من مسميات شوارعها وازقتها وتلميع حجارتها وتزوير نقوشها، فإنها تأبى إلا ان تشفق وتحنو على صاحبها فهي تشعره بالأمان فوقها وسمائها وتحتها وتقول له: إذا ضاقت بك ضروب الظلم والقهر فوقي فنور الحرية في باطني، ففي حواكيرها حكايات الابطال من اللاعبين الذين ثاروا على قوانين الظلم في مباريات ظالمة غير متكافئة،
وشجرها بأغصانه وزيتونة بتجاويف جذعة يحكي الحكايات عن ابطال المباريات، ودخان الطوابين يشهد لأبطال تصدروا المشهد وما زالوا واقفين شامخين مشتاقين لعجوز تُدعق الطابون-تشعله- للخبز الاسود، فلم تعلم العجوز انها بذلك ستطرد الدبابير عن النحل الذي يفيض بالشهد ضد صياد حاقد، انها مباريات فرضت على الجميع ليشارك فيها بلباس غير موحد، ومسميات عديدة، ولا محصورة بعمر او جنس، فالرضيع والذكر والانثى سيشارك رغما عن ارادته في لعبة المطاردة، ويتم استفزاز الجميع لكي يدخلوا في ملعبهم، تارة لحماية ارواحهم وتارة للدفاع عن كرامتهم وشرفهم وملعبهم المسلوب؛ ومن يرفض اللعب يكون قد تخلى عن كل الخصال الانسانية ويتصف بصفات حيوانية، يتفرج من بعيد كالقطيع يكتفي بمشاهدة فريسة انفصلت عنه.
ويبقى الرهان على عنصر الزمن؛ فلن يستطيعوا انهاء اللعبة متى شاءوا لان انهاء اللعبة يتطلب كسر ارادة لاعبين عظماء او تغيير آية قرآن في سورة الاسراء، وكيف يكون ذلك وقد حفظه الله من سابع سماء؟؟!!
يا لبشاعة ملعبهم وهو في حوزتهم بعد ان كان جميلا، وعقارب ساعاتهم التي تعد وقت المباريات، تقتل الزمن حيث الروح التواقة للحرية مقهورة، هذه مباراة ليست عادلة، يباركها شياطين من الجن الازرق تتقن رقصات الموت وتتلذذ بعذابات الآخرين كيف لا وهم من وصموا بالساديين.
وحيث تتجلى بشاعة الانسان اعلى درجاتها عندما تُنفذ كل العذابات من افراد تم سابقا اقحامهم بالقوة للعب مباريات غير متكافئة على ارض جميلة تشوهت بفعل الاسلاك والابراج والاقبية، أهو هاجس الخوف والرعب يلاحقهم؟ ام انهم أدمنوا هذا الفن من المباريات- ولا اعلم انا شخصيا ان كان حب الرياضة الدموية ينتقل وراثيا- هل من الممكن ان تورث القسوة والاجرام عبر الزمن دون غيرها من الصفات الاخرى الطيبة؟؟
وهل العذابات تشكل جرحا لا يشفى مع الزمن؟؟ فيظلوا مأبونين بورم لا يشفى منه أحد، او ان الملدوغ يخاف من جرة الحبل، وتبقى هواجس الخوف تلاحقهم، وكوابيس الليل تفزعهم وتحثهم بالإبقاء على سيطرتهم على المباراة، ويضمنوا وحدهم لعب دور المطاردة لغيرهم، وجلد اللاعبين – أي انهم الحكم والجلاد في نفس الوقت- والا سيكون مصيرهم استبدال اللاعبين المطاردين مكانهم ويصبحوا هم المطاردين.
الحق في زمن الخذلان والانقسام غائب، ويبقى غريب ويأبى الحق ان يظهر إلا امام جمهور موحد بلون واحد وراية واحدة وهتاف واحد للاعبين، والى تلك اللحظة من حق كل فريق ان يلعب على ارضه وتحت سيادته الكاملة وبرضاه، وضمن اللاعبين الاكفياء وجمهور موحد يهتف نفس الهتاف، وينشد نشيد السلام على ارض السلام تحت علم الاوطان الحرة الموحدة وتحترم نتيجة المباريات بروح رياضية وليس من الحصافة في شيء ان نكرر مقولة الكرة في ملعبكم فلا الملعب معترف به ولا الكرة معروف في أي ملعب.
واخيرا ايها الجنيُّ الازرق لطالما اخافونا منك ونحن اطفالا، تبا لكل الخرافات وتهويلها!! لم نعد نخاف من أي لون ازرق ولا شيطان ولا جني احمر، فالفريق الملك المشارك انتصر وخرج من تحت ركام الارض، والجني الازرق نائم، الا تُحترم نتيجة مباراة ستة: صفر؟ لا بل تم التمديد وما زالت المباراة مستمرة.
ليت قلمي يكون حرا وشعبي حرا موحدا