الأردن يرسي دعائم العمل العربي المشترك وعودة سوريا للجامعة قريبة

أخبار البلد - العلاقات السورية - الأردنية هي موضع اهتمام عربي وإقليمي ودولي وان تسارع وتيرة تطور ونمو العلاقات بين البلدين دليل على أن الأردن من يملك مفاتيح رسم السياسة الشرق أوسطيه على اعتبار ان الأردن بموقعه الجيوسياسي يعتبر نقطة الارتكاز في السياسة الاقليميه، ومع افتتاح معبر نصيب الحدودي بين البلدين، من المتوقّع أن تتدفّق البضائع السورية إلى الأردن ومنه إلى الدول العربية. وفيما يبدي البلدان رغبتهما في إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين على أعلى المستويات، تُطرح تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الإيجابية ستنسحب على العديد من الملفّات العالقة، وعلى رأسها عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

 

حراك غير مسبوق شهدته الآونة الأخيرة كانت أحدث محطّاته إعادة افتتاح معبر نصيب كنتاج طبيعي لإعادة تأمين الجنوب السوري، تتحرّك العلاقات العربية - السورية على سلّم الإيجابية. وعليه، من المتوقّع أن يشرّع فتح معبر نصيب الباب أمام تدفّق البضائع السورية نحو الخليج، إذ لا يمكن اعتبار الموقف الأردني معزولاً عن توافق عربي، على مثل هذا التطور في العلاقات بين البلدين الشقيقين. والسوق الأردنية، وإن كانت متعطّشة للبضائع السورية، لا يمكنها أن تستوعب كلّ هذه المنتجات، ولذا غالباً ما يكون الأردن طريق نحو الدول الخليجية. وتبدو جملة المواقف العربية الإيجابية، والتي يلعب الأردن دور مهم في ارساء دعائمها وتقود لعمل عربي مشترك يقود نحو التكامل الاقتصادي، وهذه المواقف الاردنيه مبنيّة على تغيرات في التحالفات الاقليميه والدولية ضمن عملية تغير في موازين القوى التقطها الأردن لتدعيم موقفه وتحركاته في اللقاء الذي جمعه مع الرئيس بايدن في واشنطن آب الماضي، تمكن من خلاله الملك عبدالله الثاني من تغيير الرؤيه الامريكيه وضرورة الانفتاح على المنطقه ونجح في اقناع الاداره الامريكيه الجديده بالموافقة على نقل الغاز المصري نحو لبنان مروراً بسوريا، ومن ثمّ الموافقة على توجّه الأردن لتحريك مياه السياسة الراكدة من خلال الاقتصاد، هذه الخطوات تمت بتنسيق مسبق مع واشنطن، خشية من العقوبات المفروضة على دمشق التي سبق أن ظهرت مؤشرات إلى أن دولاً عربية في طريقها إلى فتح سفاراتها فيها أسوةً بالإمارات، لكن الموقف الأميركي منع ذلك في حينه.

 

رفضت الحكومة الأردنية، طيلة السنوات الماضية، التعامل مع بديل من الموانئ السورية، على الرغم من وجود معلومات عن أن أطرافاً عربية عمدت، مع بداية الأزمة السورية وفرض القطيعة وعقوبات الجامعة العربية على دمشق، إلى تقديم ملفّ متكامل إلى الأردن حول الجدوى الاقتصادية للتحوّل نحو الموانئ الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن عمّان بموقفها القومي العربي رفضت كل العروض والإغراءات رغم صعوبة الأوضاع ألاقتصاديه التي مر فيها الأردن ومعاناة الأردنيين من جراء الحصار على سوريا طيلة الازمه السورية، إلى أن افتُتح معبر نصيب لأوّل مرّة في تشرين الأول من عام 2018، الأمر الذي أظهر احتياجاً كبيراً من الأردنيين إلى أسواق دمشق ذات الأسعار الأرخص، بالاستفادة من فارق سعر الصرف بين البلدين. وقياساً على ذلك، فان هناك رغبه سوريه اردنيه لعودة العلاقات بين البلدين في مسارها الطبيعي، هذا وتعقد اجتماعات على الحدود المشتركة (معبر نصيب)، بين ممثلين عن وزارة الزراعة في كلّ من سوريا والأردن لمناقشة اتفاق «الحجر الطبي الحيواني»، الأمر الذي يشير على أنه يمثّل «مقدّمة لزيادة التبادل التجاري بين البلدين»، كما أن الحديث يدور عن «تعاون في مجال الطاقة البديلة وأتمتة الرّي والاستزارع السمكي»، إضافة إلى تقديم الوفد السوري «مسودة علمية وفنية لإمكانية إعادة تفعيل الاتفاقيات المتوقّف العمل بها منذ بداية الحرب».

 

أمّا ملفّ اللاجئين فلا يزال غائباً حالياً عن التصريحات الأردنية، ولا يبدو أن الأمر يتعلّق بموقف رافض من دمشق لمثل هذه العودة، خاصة وأن الأخيرة كانت قد عقدت مؤتمرَين لإعادة اللاجئين. وتشير المعلومات، في هذا الإطار، إلى أن عودة اللاجئين السوريين من المخيمات الواقعة شمال الأردن سيكون «تحصيل حاصل»، ومؤشراته ما تشهده المنطقة الجنوبية من تسويات واتفاقيات كفيلة بإنهاء التوتر الأمني في كامل محافظة درعا أولاً، إضافة إلى كون إعادة فتح معبر نصيب أمام نقل المسافرين والبضائع يوم الأربعاء الماضي، تعني بالضرورة أن الطريق مفتوح أمام مَن يرغب من اللاجئين في العودة. وفي السياق نفسه، وبخصوص عودة دمشق إلى شغل مقعدها في جامعة الدول العربية، فإن تطور العلاقات الأردنيه مع دمشق قد تعني، إلى جانب مجموع اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السورية فيصل المقداد في نيويورك، وخاصة لقاءه بالوزير المصري سامح شكري، أن هذه العودة قد تكون قريبة، علماً أن الطريق إليها لم تكن لتُفتح لولا موافقة أميركية مسبقة.