النواب والأعيان يستردون مكاسبهم!

عندما صدر قانون مؤقت يلغي الامتيازات غير المستحقة للنواب والأعيان في التقاعد، وجوازات السفر الحمراء، توقع كثيرون في حينه أن القانون لن يمر من مجلسي النواب والأعيان، وأنهم سوف يستردون هذه المزايا، ما داموا يقررون مصالحهم بأنفسهم ولا يتقيدون بأية معايير وتقاليد تحكم العمل البرلماني.
في أصول الحاكمية الجيدة، سواء كانت على مستوى الحكومة أو القطاع الخاص، أن لا يسمح مسؤول لنفسه بأخذ قرار لمصلحته الخاصة، وإذا حدث تصويت على قضية له مصلحة شخصية فيها فعليه أن ينسحب من الجلسة، فكيف يسمح نواب وأعيان لأنفسهم بالتمتع بمزايا على حساب المجتمع والمال العام دون أن يرف لهم جفن، مع علمهم بأن شعبهم يرفض ذلك وينتقدهم عليه.
منع تناقض المصالح له قوة أخلاقية وقانونية، فلا يجوز لمسؤول أن يسمح لنفسه بتجاوزه. بل إن تناقض المصالح نوع من الفساد الصارخ. في التقاليد المرعية عالمياً أن الحكومة تستطيع أن ترفع رواتب ومزايا الوزراء شريطة إلا يطبق القرار عليهم بل على وزراء المستقبل، وبالمثل فإن النواب والأعيان يستطيعون أن يقرروا منح مزايا مادية ومعنوية للنواب والأعيان شريطة أن تطبق على المجالس القادمة.
النواب والأعيان ليسوا موظفين في الحكومة، ولا يحق لهم قبض رواتب بل مكافآت فقط، فما بالك بالتقاعد والإعفاءات والاستثناءات التي يقررونها لأنفسهم أو تقررها الحكومة لهم لأسباب يعرفونها جيداً، خاصة وأن النواب والأعيان ليسوا متفرغين، بل يحضرون أو يغيبون عن جلسات من وقت لآخر، ويتمتعون بعطلة طويلة تمتد لشهور عديدة، وهم يمارسون أعمالهم العادية كمحامين وأطباء وملاكين ومستثمرين.
يعلم النواب والأعيان المحترمون أن موازنة الدولة تعاني من العجز وارتفاع المديونية، وهم في مقدمة الداعين لتخفيض النفقات وتقليص العجز، ولكنا نجدهم يقولون للحكومة وفّروا في كل شيء إلا في مزايانا ومكاسبنا الشخصية، ولو كانت ممولة من المساعدات الأميركية وقروض البنك الدولي.
مطلوب من المواطنين أن يشدوا الأحزمة على بطونهم للتقشف وتوفير المال كمكاسب للنواب والأعيان الذين يدافعون عن حقوقنا في الحصول على الأحزمة!.