برافو" حمد...

 برافو" حمد... لقد نجحت حتى الآن في بعث الحرارة في جسد الجامعة العربية البارد خدمة لأسيادك في المشروع الأميركي الصهيوني.

  "أما بالنسبة إلى قضايا العرب المصيرية، وفلسطين في مقدمها، فإنك لم تتحرك لبعث الحرارة في أروقة الجامعة.

 من يشهد على نجاحك، ليرسل إشارات النجاح لمن أمره بحضور الجلسة، وهما أوغلو وزميله باباجان التركيان، وسعود الفيصل، الذي يتحرك الآن بالزمبرك.

 إن الحرب الدائرة في سوريا اليوم لها فضيلة واحدة، هي أنها باتت تعرف أصدقاءها من أعدائها الكثر في العالم، وفي المنطقة العربية، بما فيها لبنان. فالعالم الغربي، وفي بعض العالم العربي، يشن عليها حرباً لا هوادة فيها، تسعى لأن تصيب منها مقتلاً في نواحيها السياسية والأمنية والاقتصادية، وحتى الكيانية.

 فجأة شربت الجامعة العربية حليب سباع الغرب، فاتخذت قراراً مفاجئاً بتوقيته ونوعه، لأنه ينص على بنود ليست معتادة في عرف السياسة العربية، وتتعلق بأمور سيادية، وتتدخل في الشوؤن الداخلية للدول الأعضاء رغم أن الجامعة هي المؤسسة الرسمية للدول العربية، وقبول أو تعليق أو تجميد أو طرد الأعضاء هو من صلاحية مجلس الجامعة على مستوى القمة.

 لقد اتكأت الجامعة العربية على الطموحات الإمبراطورية لدولة قطر، ووقعت تحت تأثير دول الخليج العربي، وما تمثل هذه الدول بعد انحسار نفوذ الثلاثي (سوريا ومصر والسعودية)، ما يجعل الجامعة أحد أضعف المنظمات قي تاريخ العرب الحديث، وتتحول من فأر جبان إلى "أسد مقدام".. فأين كانت يوم احتلال العراق وتدميره؟ وأين كانت عندما انفصل جنوب السودان عن شماله؟ وأين هي من أحداث الصومال والحروب المستمرة فيه؟ ولماذا لم تجتمع وتتخذ قرارات إزاء عربدة "إسرائيل" في فلسطين، وبناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشريف؟

 لماذا سوريا اليوم ؟

 تشهد منطقة الشرق الأوسط اليوم أزمات حادة، نتيجة سخونة عدة ملفات يدور حولها صراع يجعل من منطقة الشرق الأوسط، بما فيها من تناقضات أثنية وطائفية ومذهبية، منطقة ملتهبة على الدوام، يمكن أن يقال إنها حرب عالمية يتحارب العالم في جزء منه.

 العالم الغربي كله، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ومن يواليهما، يأخذ منها مواقف عدائية: هناك أولاً الملف النووي الإيراني، الذي يصرّون على وقفه ومنع توسّعه خوفاً من وصول إيران إلى سلاح نووي يهدد - على حد زعمهم - أمن المنطقة والعالم. وهناك ثانياً الانسحاب الأميركي من العراق، فأميركا تريد التخفيف من صورة الانسحاب المذل عبر إثارة العواصف في وجه الدول المجاورة للعراق (إيران وسوريا). وهناك ثالثاً لبنان، حيث توجد فيه قوى سياسية تتصدى للنهج الأميركي في المنطقة، وتقف عقبة كأداء في وجه مشروعها الكبير. ورابعاً هناك ملف القضية الفلسطينية وتعقيداتها، وسعي أميركا لتبني كل مواقف "دولة إسرائيل"، سواء في موضوع عدم الاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في هيئة الأمم، وقضية المستوطنات، وقضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ناهيك عن تزويد "ٳإسرائيل" دائماً بالمال والسلاح.

 إن التدخل العسكري للناتو صعب، والكلام عنه يدخل في إطار الترهيب، والكلام عن احتمالات أخرى مثل نشوب نزاع مسلح بين سوريا وتركيا يؤدي إلى تدخل الحلف الأطلسي دعماً لأحد أعضائه غير مقبول، لأن تداعيات هذا النزاع هو تحوله إلى مواجهة، وطرحه هو في سبيل التهديد.

 أما الحرب الناعمة في الاقتصاد، والتي تشنها أميركا وحلفاؤها من الاتحاد الأوروبي والعرب، وسلاحها المال والإعلام، ومسرحها الجامعة العربية وأميركا وأوروبا، فإنها تبقى في إطار الترهيب، لكن آثارها مضرة بلا شك.

 أخيراً نقول: إن هناك حدوداً دولية وإقليمية للتصعيد في الأزمة السورية، ففي الـ8 أشهر أثبتت مؤسسات النظام تماسكها بشكل لافت للنظر، كما أثبتت أن المعارضة مشرزمة ومنقسمة، وأهم ما في ذلك أن في تحركاتها لا توضّح شكل النظام الذي تريده، فلا تحدد شكله ولا ملامحه، ما خلا الحديث العام عن الديمقراطية (على الطريقة الأميركية).

 أما لبنان، فتداعيات الأزمة السورية عليه كثيرة جداً، وهذا يتطلب وحدة أبنائه لمواجهة هذه التداعيات، لكن يبدو أن في لبنان حلفاء صغاراً لأميركا، يجدون في الأزمة السورية ملهاة يتسلون بها، بعد أن كان عقدهم على وشك الانفراط، وهم يعلمون أو لا يعلمون أن تسليتهم هذه هي تلاعب بمصير الوطن، ومن شأنها ٳثارة الفتن..