العرب يُحلّقون في صناعة الطيران
اخبار البلد -
بدأت عدة دول عربية في السنوات الأخيرة استكمال منظوماتها الصناعية الجوية المدنية سواء بالتصنيع الوطني، أو بالشراكات الثقيلة مع دول متقدمة في هذا المضمار الحيوي.
وتضم مجموعة الدول العربية المنتجة لهياكل الطائرات المدنية السعودية ومصر والإمارات والمغرب. وأعلنت رسمياً السعودية في أواخر أغسطس (آب) الماضي عن عقد اتفاق مشترك مع شركة «فيجيك أيرو» الفرنسية لصناعة مكونات هياكل الطائرات، وهو أول مشروع من نوعه في المملكة. وقد دشن المشروع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حيث وضع حجر الأساس لمصنع يُعتبر الأكبر من نوعه وعلى مرحلتين بمساحة 27 ألف متر مربع و92 ألف متر مربع على التوالي في مطار الملك خالد الدولي في الرياض، لصناعة معظم هياكل الطائرات المدنية والعسكرية. وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة الفرنسية جان كلود مايان أنه «بعد دراسة استمرت أربع سنوات تم التوصل إلى شراكة مستقبلية لبناء صناعة طيران خاصة بالسعودية». ولم تنشر تفاصيل وافية عن التكاليف أو الموعد المحدد للإنتاج، إلا أن الصحف المحلية أشارت إلى أن الإنتاج يشمل هياكل الطائرات المدنية وأجنحتها.
وفي الأسبوع نفسه اختارت شركة «بيلاتوس» السويسرية إنشاء مصنع لها في المملكة المغربية للتجميـع الكامل لهياكل طائراتها من طراز «C - P 12» ووقعت الشركة السويسرية عقداً مع شركة «سابك المغرب» لإنشاء المصنع في ضواحي الدار البيضاء على مساحة 16 ألف متر مربع باستثمار مالي يبلغ عشرين مليون دولار.
وهذه ليست الشركة الأجنبية الأولى التي تدخل في استثمارات مشتركة مع المغرب في صناعة الطيران، ففي المغرب أكثر من 142 شركة أخرى تنشط في مجال هذه الصناعة باستثمارات تزيد على 15 مليار درهم مغربي. وسيعمل مصنع الشركة السويسرية في المغرب على تجميع هياكل الطائرات والأجنحة وأدوات التحكم في الطيران وإرسالها إلى سويسرا، حيث يتم التجميع النهائي والتسويق الذي يركز على أوروبا والولايات المتحدة بالدرجة الأولى. وتتمتع المصانع المغربية بمرونة أثبتت فاعليتها في التصدي لجائحة كورونا وانخفاض النقل الجوي العالمي بتغيير أهداف الإنتاج إلى تصميم وتصنيع أجهزة التنفس الصناعي.
نستطيع القول اليوم إن العالم العربي حَلّقَ لأول مرة في «نادي» صناعة الطيران بانضمام السعودية والإمارات والمغرب بعد مصر الدولة العربية الرائدة في هذه الصناعة منذ 1950 أي قبل قيام النظام الجمهوري، لكن مصنع الطائرات المصرية هو المصنع الوحيد حتى الآن بين الدول العربية الذي أنتج بالتعاون مع شركة «آيرو سباسيل» الفرنسية الطائرة الهليكوبتر «غازيل» المتعددة المهام. وفي عام 1985 أنتجت الهيئة العربية للتصنيع طائرة «توكانو» بالتعاون مع البرازيل. وفي عام 2000 تم التعاقد مع الصين لإنتاج طائرات تدريب مشتركة.
والنظرية العقلانية التي تعمل مصر بموجبها هي أنه ليست هناك دولة نامية تستطيع أن تعتمد على نفسها اعتماداً كلياً، أي تصنع المنتج من الإبرة إلى الصاروخ. وهذا صحيح لأن تصنيع طائرة متقدمة بالكامل يحتاج إلى 500 مصنع لإنتاج أكثر من 50 ألف عنصر كما جاء في المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة التي تصدرها جامعة «عين شمس» المصرية. ووفق هذه النظرية قامت مصر بتجميع طائرة التدريب النفاثة «القاهرة 200» والطائرة المقاتلة الأسرع من الصوت «القاهرة 300» وطائرات تدريب من نوعي «الفاجيت» و«توكانو». ويمتلك المصنع كافة المعدات والآلات وأجهزة الاختبار الحديثة والعمالة المدربة التي نجحت في إنتاج أجزاء من الطائرات الفرنسية لصالح شركة «داسو» وشركة «ساجيم». ويخضع المصنع إلى رقابة دولية على أنظمة الجودة والسلامة.
عالمياً، تُعتبر الولايات المتحدة الدولة الأولى في إنتاج وتطوير وتسويق الطائرات المدنية والعسكرية، وتبلغ صادراتها 146 مليار دولار سنوياً، ووصل عدد الذين يعملون في صناعة الطيران الأميركية نصف مليون موظف، بالإضافة إلى دعم أكثر من 700 ألف وظيفة غير مباشرة في الصناعات المكملة لإنتاج الطائرات. وكلما رفعت رأسك إلى الفضاء ستجد عشر طائرات أميركية تجارية مقابل طائرة واحدة من جنسيات مختلفة. وكلما ركبت طائرة ستجد أنها «بوينغ» الأميركية أو «إيرباص» الأوروبية. ويُذكر بالمناسبة أن وليم إدوارد بوينغ (1881 - 1956) هو صاحب الشركة الأميركية التي تحمل اسم جده، وقد دخل الحفيد، وهو طيار أساساً، ميدان صناعة الطائرات المدنية التجارية، بعد أن باع شركة لتجارة الخشب في واشنطن كان يملكها. أما شركة «إيرباص»، فهي شركة صناعات فضائية ودفاعية أوروبية متعددة الجنسيات، وبدايتها كانت شركة للإنتاج الحربي واستكشاف الفضاء، وفي عام 2014 تحولت إلى مجموعة لصناعة وتسويق الطائرات المدنية والعسكرية ونظم الاتصالات والصواريخ وطائرات الهليكوبتر والأقمار الصناعية.
يؤكد تقرير نشره موقع «إنسايدر مانكي» الأميركي المتخصص بالدراسات والأبحاث المالية والاقتصادية أن أكبر 10 دول تصديراً في مجال صناعة الطائرات في العالم هي: الأولى الولايات المتحدة ثم فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا وسنغافورة واليابان وإسبانيا وإيطاليا والبرازيل. وكل هذه الدول المتقدمة اعتمدت في تجميع مستلزمات صناعة الطائرات على دول مختلفة طبقاً لإمكانياتها وجودتها.
قد لا يصدق كثيرون أن صناعة مكملات أو تفاصيل مستلزمات صناعة الطيران تعتمد فيها دول الصف الأول في إنتاج وتسويق الطائرات على دولة الإمارات العربية المتحدة التي استطاعت خلال السنوات من 2010 إلى 2018 تصدير 3156 شحنة و47964 قطعة لأكثر من 3 آلاف طائرة من أرقى الخطوط الجوية العالمية، ويشمل هذا الإنجاز الأسطح الخارجية لرفارف أجنحة طائرات «إيرباص»، وهي تمتاز بتحسين الانسيابية الهوائية وخفض الوقود وتعزيز الكفاءة. وتعتمد السعودية والإمارات والمغرب على «الروبوتات» في تجميع هياكل الطائرات، ولم تتوفر معلومات عن أسلوب العمل في المصانع المصرية، لكني أرجح أنها تعتمد أيضاً على الإنسان الآلي في التفاصيل الدقيقة والحساسة. وما يعزز كفاءة وإتقان وسلامة هذا التصنيع غير اليدوي هو خضوع المصانع لأنظمة الفحص الدقيق والتشغيل التجريبي في الظروف العادية والطارئة. وبهدف تحديد المسؤوليات عن أرواح الناس الذين يتعاملون مع شركات الطيران المتعاقدة فإن الإمارات، وربما السعودية والمغرب ومصر تعتمد أيضاً على شركات ذات خبرة في تقنية الروبوتات في مراحل تصنيع الهياكل والأجنحة. ولا يقتصر التعاون الدولي في هذا المجال على دول ضليعة في صناعة الطيران، بل يمتد إلى الهند وبلجيكا وإيطاليا واليابان وماليزيا ودول أخرى.
وقد يتساءل القارئ: أن الإمارات دولة صغيرة مساحتها 8671 كلم مربعاً، فكيف استطاعت أن تدخل مضمار صناعة الطيران بهذه القوة والثقة؟ والجواب أن دولة سنغافورة التي تعتبر واحدة من أكثر الدول تقدماً في الصناعة والاقتصاد والتنمية لا تزيد مساحتها على 710 كلم مربعة على جزيرة صغيرة تضم 100 شركة لتصنيع الطائرات والصيانة والإصلاح والتجديد وتوفير قطع الغيار.
لقد آن الأوان لتنظيم وتنسيق وتبادل الخبرات بين الدول العربية، التي دخلت نادي صناعة الطيران من أوسع أبوابه، في إطار منظومة عربية متخصصة، وكانت مصر طلبت رسمياً قبل عامين المشاركة في تصنيع الطائرات التجارية من شركتي «إيرباص» و«بوينغ»، والخطوة القادمة ليست بعيدة، وهي المشاركة العربية في تصنيع مركبات فضاء عربية لاستكشاف العالم الآخر وعدم الاكتفاء بما تقوله نجمة لبنان الذهبية فيروز «نحن والقمر جيران».
وتضم مجموعة الدول العربية المنتجة لهياكل الطائرات المدنية السعودية ومصر والإمارات والمغرب. وأعلنت رسمياً السعودية في أواخر أغسطس (آب) الماضي عن عقد اتفاق مشترك مع شركة «فيجيك أيرو» الفرنسية لصناعة مكونات هياكل الطائرات، وهو أول مشروع من نوعه في المملكة. وقد دشن المشروع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حيث وضع حجر الأساس لمصنع يُعتبر الأكبر من نوعه وعلى مرحلتين بمساحة 27 ألف متر مربع و92 ألف متر مربع على التوالي في مطار الملك خالد الدولي في الرياض، لصناعة معظم هياكل الطائرات المدنية والعسكرية. وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة الفرنسية جان كلود مايان أنه «بعد دراسة استمرت أربع سنوات تم التوصل إلى شراكة مستقبلية لبناء صناعة طيران خاصة بالسعودية». ولم تنشر تفاصيل وافية عن التكاليف أو الموعد المحدد للإنتاج، إلا أن الصحف المحلية أشارت إلى أن الإنتاج يشمل هياكل الطائرات المدنية وأجنحتها.
وفي الأسبوع نفسه اختارت شركة «بيلاتوس» السويسرية إنشاء مصنع لها في المملكة المغربية للتجميـع الكامل لهياكل طائراتها من طراز «C - P 12» ووقعت الشركة السويسرية عقداً مع شركة «سابك المغرب» لإنشاء المصنع في ضواحي الدار البيضاء على مساحة 16 ألف متر مربع باستثمار مالي يبلغ عشرين مليون دولار.
وهذه ليست الشركة الأجنبية الأولى التي تدخل في استثمارات مشتركة مع المغرب في صناعة الطيران، ففي المغرب أكثر من 142 شركة أخرى تنشط في مجال هذه الصناعة باستثمارات تزيد على 15 مليار درهم مغربي. وسيعمل مصنع الشركة السويسرية في المغرب على تجميع هياكل الطائرات والأجنحة وأدوات التحكم في الطيران وإرسالها إلى سويسرا، حيث يتم التجميع النهائي والتسويق الذي يركز على أوروبا والولايات المتحدة بالدرجة الأولى. وتتمتع المصانع المغربية بمرونة أثبتت فاعليتها في التصدي لجائحة كورونا وانخفاض النقل الجوي العالمي بتغيير أهداف الإنتاج إلى تصميم وتصنيع أجهزة التنفس الصناعي.
والنظرية العقلانية التي تعمل مصر بموجبها هي أنه ليست هناك دولة نامية تستطيع أن تعتمد على نفسها اعتماداً كلياً، أي تصنع المنتج من الإبرة إلى الصاروخ. وهذا صحيح لأن تصنيع طائرة متقدمة بالكامل يحتاج إلى 500 مصنع لإنتاج أكثر من 50 ألف عنصر كما جاء في المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة التي تصدرها جامعة «عين شمس» المصرية. ووفق هذه النظرية قامت مصر بتجميع طائرة التدريب النفاثة «القاهرة 200» والطائرة المقاتلة الأسرع من الصوت «القاهرة 300» وطائرات تدريب من نوعي «الفاجيت» و«توكانو». ويمتلك المصنع كافة المعدات والآلات وأجهزة الاختبار الحديثة والعمالة المدربة التي نجحت في إنتاج أجزاء من الطائرات الفرنسية لصالح شركة «داسو» وشركة «ساجيم». ويخضع المصنع إلى رقابة دولية على أنظمة الجودة والسلامة.
عالمياً، تُعتبر الولايات المتحدة الدولة الأولى في إنتاج وتطوير وتسويق الطائرات المدنية والعسكرية، وتبلغ صادراتها 146 مليار دولار سنوياً، ووصل عدد الذين يعملون في صناعة الطيران الأميركية نصف مليون موظف، بالإضافة إلى دعم أكثر من 700 ألف وظيفة غير مباشرة في الصناعات المكملة لإنتاج الطائرات. وكلما رفعت رأسك إلى الفضاء ستجد عشر طائرات أميركية تجارية مقابل طائرة واحدة من جنسيات مختلفة. وكلما ركبت طائرة ستجد أنها «بوينغ» الأميركية أو «إيرباص» الأوروبية. ويُذكر بالمناسبة أن وليم إدوارد بوينغ (1881 - 1956) هو صاحب الشركة الأميركية التي تحمل اسم جده، وقد دخل الحفيد، وهو طيار أساساً، ميدان صناعة الطائرات المدنية التجارية، بعد أن باع شركة لتجارة الخشب في واشنطن كان يملكها. أما شركة «إيرباص»، فهي شركة صناعات فضائية ودفاعية أوروبية متعددة الجنسيات، وبدايتها كانت شركة للإنتاج الحربي واستكشاف الفضاء، وفي عام 2014 تحولت إلى مجموعة لصناعة وتسويق الطائرات المدنية والعسكرية ونظم الاتصالات والصواريخ وطائرات الهليكوبتر والأقمار الصناعية.
يؤكد تقرير نشره موقع «إنسايدر مانكي» الأميركي المتخصص بالدراسات والأبحاث المالية والاقتصادية أن أكبر 10 دول تصديراً في مجال صناعة الطائرات في العالم هي: الأولى الولايات المتحدة ثم فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا وسنغافورة واليابان وإسبانيا وإيطاليا والبرازيل. وكل هذه الدول المتقدمة اعتمدت في تجميع مستلزمات صناعة الطائرات على دول مختلفة طبقاً لإمكانياتها وجودتها.
قد لا يصدق كثيرون أن صناعة مكملات أو تفاصيل مستلزمات صناعة الطيران تعتمد فيها دول الصف الأول في إنتاج وتسويق الطائرات على دولة الإمارات العربية المتحدة التي استطاعت خلال السنوات من 2010 إلى 2018 تصدير 3156 شحنة و47964 قطعة لأكثر من 3 آلاف طائرة من أرقى الخطوط الجوية العالمية، ويشمل هذا الإنجاز الأسطح الخارجية لرفارف أجنحة طائرات «إيرباص»، وهي تمتاز بتحسين الانسيابية الهوائية وخفض الوقود وتعزيز الكفاءة. وتعتمد السعودية والإمارات والمغرب على «الروبوتات» في تجميع هياكل الطائرات، ولم تتوفر معلومات عن أسلوب العمل في المصانع المصرية، لكني أرجح أنها تعتمد أيضاً على الإنسان الآلي في التفاصيل الدقيقة والحساسة. وما يعزز كفاءة وإتقان وسلامة هذا التصنيع غير اليدوي هو خضوع المصانع لأنظمة الفحص الدقيق والتشغيل التجريبي في الظروف العادية والطارئة. وبهدف تحديد المسؤوليات عن أرواح الناس الذين يتعاملون مع شركات الطيران المتعاقدة فإن الإمارات، وربما السعودية والمغرب ومصر تعتمد أيضاً على شركات ذات خبرة في تقنية الروبوتات في مراحل تصنيع الهياكل والأجنحة. ولا يقتصر التعاون الدولي في هذا المجال على دول ضليعة في صناعة الطيران، بل يمتد إلى الهند وبلجيكا وإيطاليا واليابان وماليزيا ودول أخرى.
وقد يتساءل القارئ: أن الإمارات دولة صغيرة مساحتها 8671 كلم مربعاً، فكيف استطاعت أن تدخل مضمار صناعة الطيران بهذه القوة والثقة؟ والجواب أن دولة سنغافورة التي تعتبر واحدة من أكثر الدول تقدماً في الصناعة والاقتصاد والتنمية لا تزيد مساحتها على 710 كلم مربعة على جزيرة صغيرة تضم 100 شركة لتصنيع الطائرات والصيانة والإصلاح والتجديد وتوفير قطع الغيار.
لقد آن الأوان لتنظيم وتنسيق وتبادل الخبرات بين الدول العربية، التي دخلت نادي صناعة الطيران من أوسع أبوابه، في إطار منظومة عربية متخصصة، وكانت مصر طلبت رسمياً قبل عامين المشاركة في تصنيع الطائرات التجارية من شركتي «إيرباص» و«بوينغ»، والخطوة القادمة ليست بعيدة، وهي المشاركة العربية في تصنيع مركبات فضاء عربية لاستكشاف العالم الآخر وعدم الاكتفاء بما تقوله نجمة لبنان الذهبية فيروز «نحن والقمر جيران».