آخر يهود أفغانستان.. لماذا غادر وماذا حلَّ بالتوراة العتيقة والكنيس؟
أخبار البلد-
كان الصحفي "رون بن يشاي" (المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت اليوم) أوّل صحفي إسرائيلي يزور أفغانستان مع بدء الغزو الأمريكي للبلاد، ولم تكن زيارته تلك تهدف إلا إلى البحث عن آخر من بقي من اليهود هناك وعن نسخة التوراة القديمة التي كان قد سمع أنها بحوزته ولها أهمية بالغة، إضافة إلى فضول البحث عن كنيس يهودي في عاصمة كانت تحكمها طالبان قبل حين.
يروي بن يشاي فصولاً من رحلة البحث عن آخر اليهود، ويقول في تقرير نشره مؤخراً يستعيد فيه ذكرياته إنه "وبعد رحلة شاقة استطاع العثور على شخصين يهوديين لا يزالان يعيشان في العاصمة كابل"، مشيراً إلى أنهما يرفضان المغادرة.
ويقول إن سبب زيارته تلك كان "البحث عن آخر اليهود وكذلك عن التوراة القديمة التي بحوزتهم هناك".
عثر بن يشاي خلال تلك الرحلة على بائع السجاد اليهودي "زفولون سيمان طوف" والذي كان مجرد شخص فقير يمتلك محلاً صغيراً لبيع السجاد في كابل، ويشير إلى أن "رحلة البحث عن اليهودي استغرقت وقتاً طويلاً إذ لم يكن أحد من المواطنين الأفغان يعرف عن اليهود شيئاً، حتى وصل إلى مسنين في سوق السجاد استطاعوا تذكر بعض التفاصيل وإرشاده للعثور على سيمان طوف".
وفي تقريره الذي حمل عنوان "يهوديان بقيا في كابل و لم يكن بينهما سلام "، يقول الصحفي الإسرائيلي إن سيمان طوف كان يعيش في الطابق الثاني لكنيس يهودي وسط العاصمة يبدو عليه القدم "لكنه لم يكن يملك كتاب التوراة، ويدعي بأن حركة طالبان صادرته منه".
أثناء دخوله إلى بيت سيمان طوف، خرج مُسنّ آخر من غرفة مجاورة وبدأ بشتم سيمان طوف وتوجيه الاتهامات إليه، كان هذا اليهودي يسمى "يستحاق ليفي"، وقد اتهم زميله الآخر بأنه سارق، وقد باع كتاب التوراة القديم، وهو ما قد يدحض ما قيل حول مصادرة الكتاب من قبل طالبان.
يقول "زفولون سيمان طوف" إنه نشأ في العاصمة كابل "لقد جئنا إلى هذه المدينة هاربين من مدينة هرات بعدما تعرضنا لمشاكل كثيرة بعد إعلان قيام إسرائيل".
ولفت إلى أن معظم اليهود في هرات كانوا من أصول إيرانية. وفرّوا إلى أفغانستان بسبب مشاحنات مع المواطنين الإيرانيين، وفق زعمه.
ويشير التقرير إلى أن نحو 10 آلاف يهودي كانوا يعيشون في مدينة هرات، وقد نزحوا إلى مدن أفغانية أخرى في خمسينيات القرن الماضي "وقد غادروا بعد ذلك إلى بريطانيا والهند".
ويشير اليهودي الأخير إلى أنه ليس على وفاق مع جاره وهو أيضاً اليهودي الوحيد المتبقي في أفغانستان، ويقول إنه بانتظار أحد ما ليشتري منه دكانه وكذلك الكنيس اليهودي".
كما يؤكد أن عدداً من أفراد عائلته هاجروا إلى إسرائيل واستقروا بمدينة "حولون" وأنه كان يجري اتصالات معهم بشكل دوري.
ويذكر الصحفي الإسرائيلي أنه كشف بأن اليهودي الآخر "ليفي" كان قد غادر أفغانستان إلى إسرائيل مع أفراد عائلته "لكنه عاد مرة أخرى إلى كابل، لأسباب ما زلت أجهلها، ولم يفصح عنها".
بعد مرور سنوات على ذلك اللقاء، يبدو أن "سيمان طوف" قرر الهجرة إلى إسرائيل، وهذا ما فعله بالفعل، لكنه عاد إلى كابل مرة أخرى بعد سنين واتخذ له من الكنيس القديم مستقراً للحياة.
وقال قبل أيام في سياق مقابلة مع موقع آسيوي يدعى "WION" إنه كان يتوقع أن تساهم أمريكا والغرب في إصلاح هذا البلد (أفغانستان) لكن هذا لم يحصل أبداً".
وأضاف: "لو لم أقرر الرجوع إلى كابل لَفقدنا الكنيس الأخير فيها".
قبل أسبوع فقط قال اليهودي الأخير إنه حصل على فرص كثيرة للهروب من كابل "لكنني لن أترك منزلي رغم كل ما يحيط بي من مخاطر".
لم تمض أيام على هذا التصريح الذي عُد "بطولياً" لدى يهود العالم وإٍسرائيل، بخاصة في ظل سيطرة طالبان من جديد على أفغانستان، يبدو أن سيمان طوف قد غيّر في قراره وبدّل. إذ ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن زفولون غادر العاصمة كابل، متجهاً إلي دولة جارة لم يجرِ الإفصاح عنها.
وأشارت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية إلى أن اليهودي الأخير جرى إجلاؤه قبل أيام من أفغانستان، رفقة 30 أفغانياً معظمهم نساء وأطفال.
ولفتت القناة إلى أن عملية إجلاء سيمان طوف، والمرافقين له، جرت من قبل شركة أمنية خاصة يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي، مؤتي كهانا.
وكان رجل الأعمال كهانا قد ذكر في تصريحات لمحطات تلفزة إسرائيلية، بوقت سابق، إن سيمان طوف رفض من قبل مغادرة أفغانستان، لكنه اقتنع لاحقاً بعدما طلب جيرانه الأفغان منه الرحيل واصطحاب أبنائهم معه لأنهم في خطر .
لكن موقع "واللا" العبري كشف في وقت لاحق نقلاً عن رجل الأعمال موتي كهانا أن اليهودي الأخير غادر كابل إلى نيويورك، مشيراً إلى أنه "يحتفل بعيد رأس السنة العبرية هناك مع أفراد عائلته".
كما كشف الموقع أن ابنة وزوجة سيمان طوف تمكثان في تل أبيب في هذه الأثناء.
وفي 15 أغسطس/آب الماضي، سيطرت حركة "طالبان" على أفغانستان بالكامل تقريباً، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتملت نهاية الشهر ذاته.
والثلاثاء، أعلنت "طالبان"، تشكيلة وزارية لتكون حكومة تصريف أعمال في أفغانستان، وذلك بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على سيطرتها على العاصمة كابل، وهروب الرئيس السابق أشرف غني.