باحث إسرائيلي يدعو لإلزام الإسرائيليين بتعلم لغة العرب لفهم نواياهم ومحاورتهم
أخبار البلد-
أكد باحث إسرائيلي عمل في الإستخبارات العسكرية سابقاً، أن إسرائيل لم تستخلص حقاً دروس حرب 1973، داعيا لـ «إلزام الإسرائيليين بتعلم العربية من أجل قراءة نوايا العرب ومحاورتهم خاصة من هم مواطنون فيها».
ويرى الباحث المحاضر في جامعة تل أبيب الدكتور ميخائيل ميليشتاين أنه على رجال الاستخبارات ان يستوعبوا بأن تعلم لغة وثقافة الطرف الأخر يكون أحياناً من قدرة التحليل الاستراتيجي والمنطق الحاد الذي يعتمد في الغالب على أسس التفكير الغربي.
واعتبر أن حرب 1973 شكلّت وبحق، صدمة تأسيسية في وعي الاستخبارات الإسرائيلية. وعن ذلك يقول: «في ضوء قصور 1973 تشكلت أجيال عديدة من ضباط الاستخبارات الذين تعلموا تفاصيل التفاصيل للدينامية التي أدت الى بلورة التقدير المغلوط وأمروا باستيعاب دروسه وعلى رأسها: اتخاذ جانب التواضع والحذر، تنمية تعددية بحثية، التشكيك والحث على الشجاعة للإعراب عن موقف مستقل والحذر من تفكير القطيع».
وفي رأي ميليشتاين الذي شغل منصبا رفيعا في الاستخبارات العسكرية في الماضي، فإنه كلما فتحت الأرشيفات ترتسم صورة أكثر تركيباً عن الماضي ولا سيما بالنسبة لجذور «المفهوم المغلوط» مما يثير علامات استفهام حول الدروس التي استخلصت وغرست في الاستخبارات على مدى نحو نصف قرن.
ويشير إلى أن مراجعة مداولات الحكومة في اليوم الذي سبق نشوب حرب 1973 تشهد أنه على الأقل في مستوى القيادة السياسية والعسكرية العليا في إسرائيل لم تكن مفاجأة لمجرد نشوب الحرب.
ويضيف: «في صباح السادس من تشرين الأول كان واضحا لرؤساء الدولة انه توشك على ان تنشب في أثناء النهار حرب. ولكن الفرضية لدى الكثيرين من أصحاب القرار كانت أنه حتى لو تجرأ العرب على الهجوم فانهم سيصدون بسهولة».
"المفاجأة في القمة"
وبالتالي فإن المفاجأة في القمة الإسرائيلية لم تكن في رأيه لمجرد مبادرة الحرب من جانب مصر وسوريا، بل في ضوء حقيقة أن الجانب العربي أبدى تصميماً ولم ينسجم مع التقديرات الأساسية المفعمة بالاستخفاف حول قدرته الحربية ما حظي بالاسم المهين «قيود المنطق العربي».
ويرى أن هذا الأمر يؤكد الفهم بأن القصور الاستخباراتي في 1973 يكمن عميقا في عدم معرفة وفهم منطق وثقافة الطرف الآخر والذي نبع في معظمه من الاحتقار العميق له.
وينوه أن «ايلي زعيرا، الذي شغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (امان) اوضح في شهادته امام لجنة التحقيق الرسمية بعد الحرب، على أن التقدير الذي ساد في الجيش كان أنه في كل حال سيتم دحر العرب بسهولة».
كما يشير إلى أن يوئيل بن فورات، قائد وحدة الاستخبارات 8200 خلال حرب 1973 اشتكى من الجهل الذي ساد في قمة شعبة الاستخبارات عن ثقافة العرب وعلق عليه قسما كبيرا من القصور.
ويستذكر أن الشاعر الإسرائيلي حاييم غوري منح تعبيراً ثاقباً للموضوع بوصفه لقاء أجراه في القاهرة في 1977 مع حسين فوزي، المثقف المصري البارز الذي ادعى أمامه: «لو كانت الاستخبارات الإسرائيلية قرأت الشعر المصري الذي كتب بعد 1967 لكانت عرفت ان حرب تشرين الأول 1973 كانت حتمية. ضابط الاستخبارات ملزم بان يقرأ الشعر».
ويتابع ميليشتاين في هذا المضمار» لكن يخيل أن درس المعرفة المحدودة لثقافة الأخر دحر الى الهوامش وكان صعبا عليه ان يثبت مكانة سائدة مثل الفرائض لاتخاذ تنوع في الآراء او الامتناع عن الاستخلاصات القاطعة». ويشير ميليشتاين أنه بعد نصف قرن من حرب 1973 تثار علامة استفهام كبيرة على المعرفة العميقة من جانب المجتمع الإسرائيلي كله لمحيطه العربي، معتبرا ذلك خللا يجد تعبيرا بارزا له في الحجم المتناقص للتلاميذ الذين يتعلمون اللغة العربية، للطلاب الذين يتجهون لدراسة الشرق الأوسط او المواطنين اليهود القادرين على أن يجروا حديثا بالعربية
"قراءة نوايا الآخر"
ويقول ميليشتاين إنه في اوساط اصحاب القرار ومحافل التقدير المختلفة هذا الوضع لا يختلف عنه لدى الشعب مما من شأنه بالطبع ان يثقل على قدرة القراءة الدقيقة لنوايا الآخر والفهم العميق لمنطق عمله.
ويدلل على ذلك بالقول إن هذا التساؤل تأكد حول حملة «حارس الأسوار» على غزة في مايو/أيار الماضي وسلوك حماس في قطاع غزة في الأشهر الأخيرة
ويضيف «في هذا الإطار ليس واضحا هل نحن حقا نحل لغز الأهداف الاستراتيجية والايديولوجية للحركة ونحذر من ألا نسقط منطقنا على الآخر الأمر الذي وجد تعبيره في الفجوة القائمة بين الموقف الإسرائيلي الجدي من التسوية في غزة وبين الشكل الأقل الزاما الذي يرى فيه يحيى السنوار الخطوة».
"درس لا ينسى"
ويعتقد ميليشتاين أنه ينبغي استخدام اجواء التفكير في حرب 1973 كي يرفع الى السطح درس نسي من حرب 1973 ويقول إن «رجال الاستخبارات مطالبون بان يستوعبوا بأن تعليم لغة وثقافة الطرف الآخر هام أحيانا أكثر من قدرة تحليل الاستراتيجية والمنطق الحاد (الذي يعتمد في الغالب على أساسات التفكير الغربي).
ويرى ميليشتاين ان المجتمع الإسرائيلي من جهته مطالب بأن يعترف بحيوية تعليم اللغة العربية ولا يستبعد أن يتم ذلك من خلال التشريع الذي يأمر بتعليمها الإلزامي» الأمر سيسمح بفهم أفضل للعدو وللمحيط، ولكن أساسا سيمنح وسيلة لإدارة حوار مباشر مع المنطقة الإقليمية التي تنفتح بالتدريج أمام إسرائيل، وأهم من ذلك مع المواطنين العرب في الدولة».