«السِجن الأسود».. النسخة الأفغانية لـ«سجن أبو غريب» العراقي

اخبار البلد - 

 

يوماً بعد يوم ينكشف حجم الارتكابات والأساليب الوحشية التي قارفتها القوات الأميركية الغازية لأفغانستان, في ازدراء واضح لشرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات والمعايير القانونية والأخلاقية التي تُطبَّق خلال الحروب، وهي المعزوفة الغربية/وخصوصاً الأميركية التي طالما ردّدها الأمبرياليون في سردية منافقة تُوحي -دون نجاح- حرص الدولة العظمى التي أخذت على عاتقها مهمة نشر الديمقراطية، والدّفاع عن حقوق المرأة والطفل وغيرها من المصطلحات المغسولة, التي لا تجد تطبيقاً لها على أرض الواقع/والوقائع الأميركية، وبخاصة في السّجون التي تُقيمها أو تُشرِف عليها القوّات العسكرية/ والاستخبارات داخل أميركا وخارجها, على نحو أعاد إلى الأذهان الارتكابات بل الجرائم التي قارفتها قوات الاحتلال الأميركي ضدّ المعتقلين العراقيين, والتي باتت «علامة» مُسجّلة باسم الأميركيين تماماً، كما هي مقارفاتها ضد سجناء ومعتقلي سجن غوانتانامو, الذي وَعدَنا أول رئيس أسود لأميركا بإغلاقه، وانقضت سنواته الثماني في البيت الأبيض دون أن يفي بوعده، وها هو نائبه السابق بايدن لم يُفكر، أو ربما لا يتذكّر الوعد الذي بذله في حملته الانتخابية (كما أركان حملته الذين تولّوا مناصب رفيعة في إدارته مثل جاك سوليفان/مستشار الأمن القومي، وأنتوني بلينكن/وزير الخارجية).
 
ما علينا..
 
صحيفة التايمز البريطانية نشرت تقريراً أول أمس لمراسلها في كابول «أنطوني لويد», بعنوان «طالبان سيدة قاعدة باغرام تكشف عن الرعب في السّجن الأميركي بأفغانستان»، تحدّث فيه عن مرافقته أحد قادة طالبان, الذي جلس في برج السّيطرة، والذي كان -وفق وصف الصحافي - عصب الحرب الأميركية في أفغانستان، ناقلاً انطباعات القائد الطالباني واسمه «حافظ محب الله مكتاز», الذي راح يلاعب بأصابعه لوح تحكّم وكأنه يطلب مُقاِتلة حربية، مُحدقاً في القاعدة الجوية التي كلفت مليارات الدولارات وبحجم مدينة صغيرة، قائلاً: «في أحلامنا المُتوحشة، لم نكن نحلم أبداً أن نهزم قوة عظمى كأميركا بكلاشينكوفات».
 
هنا يظهَر قيادي طالباني آخر من ولاية هلمند واسمه «مولوي أحمد شاه»/44 عاماً، إلى جانب حرّاسه والوفد المرافق له قائلاً وهو يعود لرؤية مكان اعتقاله لحظة النصر: «اعتُقلتُ هنا مرّتين، مرّة في السّجن الأصلي عام 2002، وآخر في السّجن الجديد عام 2009»، حيث ظلّ في عهدة الأميركيين ثم الأفغان.. مُعتقلاً في قفص لمدّة ثلاثة أعوام ونصف العام. مُتذكراً ما حصل له...«في أول مرّة عذّبني الأميركيون بشكل مُتكرر وجُرّدت من ملابسي وتمّ رشّي بالماء البارد وعلقت في الأصفاد، وضُرِبت وتعرّضت للإهانة بطرق لا أستطيع وصفها وتمّ تصوير ما حدث لي، وفي المرّة الثانية اعتُقلتُ لمدة أطول ولم يكن النّظام سيئاً مع أنّه ظلّ قاسياً»..
 
وفي تجوّله بـِ«مجمّع الأقفاص» يقول الصحافيّ البريطانيّ، والذي كان فيه ما بين 24-30 فرشة، نظَر إلى الصور التي رسمها السجناء على الجدران، ناقلاً عن أحمد شاه قوله: «مِن الصعب تخيّل أنني كنتُ محتجَزاً هنا، الجنود الأميركيون يمشون على القضبان فوقنا ويُحدّقون بنا، ويوجّهون الضوء السّاطع علينا في أيّ وقت أحبوا، وتمت مراقبتي طوال الوقت، وحُقِّق معي وأُهنتُ»..
 
ثمّة قطبة أميركية مخفية في كلّ ما جرى من تعذيب وقهر وإهانة للسجناء الأفغان، وهي أنّه وبعدما نقلت القيادة العسكرية الأميركية السيطرةَ على سجن قاعدة باغرام إلى حكومة كابول عام 2012، إلّا أنّهم (الأميركيون) احتفظوا بسجن سرّي أطلق عليه «السجن الأسود»، لمّ يتم الكشف عن الموقع الذي أدارته الاستخبارات العسكرية وقوات العمليات الخاصّة، وأصبحت قصّته أسطورة في الخيال المعاصر كما يذكر أنطوني لويد في التايمز، مضيفاً أنّه التقى بعدد من قادة طالبان في القاعدة الاثنين الماضي، وكانوا يبحثون عن مكان وجود هذا السجن، بعد انتشار شائعات «عن ترك الأميركيين السجناء يموتون في الزنازين», ولأنّ طالبان لم تذكر القصّة - يُواصل لويد- فمن المحتملَ أنّها أسطورة خاصّة لا تزال في أذهان من عاشوها, وكان من بين المعتقلين الكبار «أنس حقّاني» الأخ الأصغر لسراج حقّاني زعيم شبكة حقّاني، وأحد الرجال الأقوياء في أفغانستان.
 
*استدارك:
 
نفى البنتاغون صحة التقارير الإعلامية حول أنّ القوات الأميركية تركت الكلاب المدرّبة في مطار كابول أثناء إتمام انسحابها، إذ غرّد مُتحدّث البنتاغون جون كيربي: لتصحيح التقارير الخاطئة، «نؤكّد» أنّ الجيش الأميركي لم يترك أيّ كلاب في أقفاص في مطار كابول، بما في ذلك الكلاب العاملة مع العسكريين التي تمّ ذكرها»!!