في ذكرى اغتياله: ناجي العلي فنان عكس مأساة فلسطين تحت الاحتلال
أخبار البلد-
قال خالد العلي، نجل رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير،
الراحل ناجي العلي، إن الفن الذي قدّمه والده يعكس مأساة فلسطين والقضية
الفلسطينية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف في مقابلة مع حلول الذكرى السنوية الـ34 لاغتيال رسام
الكاريكاتير ناجي العلي في العاصمة البريطانية لندن، أن والده كان أحد الرسامين
المهمين في العالم العربي، وقد حاول الرسام الراحل من خلال أعماله عكس العلاقات
بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأنظمة العربية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وتعرض العلي لعملية اغتيال بلندن، في 22 يوليو/ تموز 1987، وهو
في طريقه إلى مكتبه، وتوفي في أحد مستشفياتها في 29 أغسطس/آب من العام ذاته، جروح
خطيرة ناجمة عن عملية الاغتيال، التي لم تتمكن السلطات البريطانية حتى الآن من
العثور على منفذيها.
وقال خالد العلي: أصبحت شخصية "حنظلة”، التي تحمل توقيع ناجي
العلي، رمزا من رموز النضال الفلسطيني من أجل الحرية.
وأكمل: "في الواقع تمكنت رسومات ناجي العلي من لفت الأنظار في
وقت قصير لأنها تعبر عن روح القضية الفلسطينية وقد حظيت بإشادة واهتمام كبيرين”.
وتابع: "أبصر ناجي العلي النور في قرية الشجرة بفلسطين عام
1936 وعاش في قريته حتى اضطر للرحيل عنها مع أسرته عام 1948.. كان عمره وقتها
11-12 ربيعًا.. طُرد قسراً من وطنه مع آلاف الفلسطينيين، أقام مع عائلته في مخيم
عين حلوة في جنوب لبنان”.
ومضى خالد العلي موضحا: "تم طرد والدي وعائلته من منازلهم
وحياتهم وحقولهم. وفجأة وجدوا أنفسهم في خيمة يعيشون في ظلها شتى صعوبات الحياة،
لا وظائف، ولا عمل، ولا شيء يمكن الاعتماد عليه، تجربة مؤلمة للغاية.. هذه التجربة
لم تدفعه للخنوع والإحباط بس صقلت عزمه وجعلته أكثر شجاعة وصمودًا”.
وذكر أن والده، ناجي العلي، رسم بعض الرسومات عندما كان
صغيراً، لكن لن يكون من الصحيح القول إنه بدأ مسيرته الفنية عندما كان طفلاً.
وأشار خالد العلي إلى أن والده بدأ بالاهتمام والانخراط في
العمل السياسي في فترة مبكرة، ولهذا تم اعتقاله عدة مرات ولم يرحب به من قبل
السلطات اللبنانية، وأنه انتقل إلى الكويت عام 1963 عندما تلقى عرض عمل من مجلة
الطليعة الكويتية.
وأضاف: في السابق، كانت رسوماته تدور حول القضايا السياسية
والاجتماعية، والقضايا المحلية. ثم بدأ في الرسم أكثر فأكثر عن السياسة وفلسطين،
وما يحدث في الشرق الأوسط والعالم.
وعن شخصية حنظلة، ذكر خالد العلي أن والده كشف النقاب عن تلك
الشخصية الكاريكاتيرية في أغسطس/آب 1969.
وقال واصفًا الشخصية: "حنظلة طفل غادر فلسطين في سن مبكرة..
توقف الزمن عند طرده من فلسطين، اعتاد والدي أن يقول إن حنظلة لن يكبر إلا عندما
يعود إلى وطنه في فلسطين”.
وأضاف: "حنظلة يجسد شخصية صبي فقير.. إنه ليس حسن المظهر،
وقدميه عارية، وملابسه ملطخة، وشعره غير نظيف.. لذلك هو ليس الطفل الذي يحلم أي
شخص بإنجابه إلى الحياة. يمثل حنظلة بطريقة ما ضمير والدي. الطفل الذي لا يكذب
أبدًا، يقول ما يفكر فيه بغض النظر عن العواقب، ويحاول أن يكون في الجانب الصحيح”.
وتابع: "لذلك كان حنظلة بمثابة بوصلة لوالدي، ناجي العلي،
بوصلة العودة إلى فلسطين. تشير البوصلات عادةً إلى الشمال، بينما تشير بوصلة حنظلة
دائمًا إلى فلسطين”.
وذكر خالد العلي أن رسومات والده كانت تعكس آراءه من القضية
الفلسطينية، قائلا: "كرّس والدي حياته من أجل فلسطين.. كان صادقًا مع قضيته وكان
يعتقد أن له الحق في العودة إلى وطنه.. لقد صب جل اهتمامه على فلسطين والظلم الذي
يلحق بالشعب الفلسطيني”.
وتابع: "كان ناجي العلي متعاطفا مع فقراء العالم.. كان شجاعًا
في مقارعة الظلم.. لقد كافح دائمًا ضد الفجوة بين الأغنياء والفقراء.. لقد عارض
عدوان الولايات المتحدة وإسرائيل على القضية الفلسطينية ولم يكتف بانتقادهما.. لقد
نظر بشكل نقدي تجاه سياسات الجانب الفلسطيني والعربي أيضًا.. لم يكن خائفًا أبدًا”.
وأكد خالد العلي أن والده ناجي العلي "كان قبل كل شيء رسام
كاريكاتير جيد جدًا.. لم يغير آرائه من أجل المال أو أي شيء آخر.. كان مخلصًا
لقضيته.. كان قتله دليل على إخلاصه.. أدرك المعارضون لرسالته صعوبة إيقافه فقرروا
إسكاته للأبد وذلك عن طريق اغتياله”.
وذكر خالد العلي أن والده تلقى تهديدات بالقتل طوال حياته،
وأنه تم فتح تحقيق بعد الاغتيال، لكن القضية لم تنته بعد.
وتابع: قضية والدي كانت فلسطين. لم يؤمن والدي قط بما يسمى
بعملية السلام، والتي كان من المفترض أن تسفر عن نتائج إيجابية للشعب الفلسطيني.
وأضاف: قال ناجي العلي منذ زمن بعيد إن هذا لن يقودنا إلى أي
نتائج. كان واضحًا جدًا في جميع رسوماته قدرته على تشخيص المشكلة. عمل من أجل
فلسطين وفي سبيلها متمسكًا بشعار "ما أخذ بالقوة لا يمكن استعادته إلا بالقوة”.