«الهزيمة» الأميركية في افغانستان..بـ«عيون» إسرائيلية

اخبار البلد - 

 

يَخرج المُتابع لوسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة المكتوب منها والمرئي، بانطباع أقرب إلى اليقين بشماتة تفوح من بين عناوين الصُحف والمقالات التحليلية لكتّابها, فضلاً عمّا تبوح به وتستنبطه أقوال «الخبراء» من سياسيين وعسكريين ومُحللين أصحاب باع في التحليل الاستراتيجي العميق, وليس على طريقة الفضائيات العربية التي تُغدق وبسخاء ألقاباً على بعض الكتّاب العابرين, وتضع تعريفاً لكلّ واحد منهم بأنه محلل استراتيجي, فيما لا تسمع منه أو تلمس في ثنايا كلامه «الانطباعي» أيّ علاقة بالأبعاد السياسية ما بالك ما يندرج تحت باب الاستراتيجية؟
 
ما علينا..
 
تتابع وسائل الإعلام في دولة العدوّ عن كثب وبمثابرة تداعيات الحدث الأفغاني, التي ما تزال تتكشّف يوماً بعد يوم, خاصة انعكاساتها على خريطة الصراع المُتعدد الأوجه والأطراف في منطقتنا المسمّاة الشرق الأوسط، حيث أفغانستان كما إيران وباكستان تندرج في إطار هذه التسمية/الشرق الأوسط، ولا يتردّد أصحاب الشأن في الدولة الصهيونية في تسمية الأسماء بأسمائها دونما خشية من الاتهام بأنّهم يديرون ظهرهم لحليفتهم الاستراتيجية الأولى, في «المحنة» التي تعيشها الآن بعدما خسرت أطول حروبها في التّاريخ. وبدت عاجزة حتى عن تنظيم انسحابها وحماية حلفائها, الذين «جلبَتهم» لحرب عبثية تحت مسمّى التحالف الدولي، وزجّت بحلف الناتو في معركة استنزاف طويلة ومكلفة, فيما مهمّته الأساسية/وفق ميثاقه تنحصر في الدّفاع عن «أمن الدّول الأعضاء فيه, حال تعرّض أمن أحد منها أو أكثر للخطر».
 
لنأخذ مثلاً عناوين/مانشتات بعض الصحف، لنرى كيف تعكس شماتة واضحة, حيث إلتقت عند استنتاج لافت, هو أنّ ما حدث في أفغانستان دليل على الفشل الاستراتيجي لعقيدة «السلام الأميركي». كذلك قالت: إنّ انسحاب الولايات المتّحدة يُقوّض صورتها في عيون روسيا والصين وإيران، ويعمّق قلق حلفائها من خسارة مُرتكزهم الاستراتيجي. إذ عنونت يديعوت أحرونوت على صفحتها الأولى وبالحبر الأحمر:"من سايغون إلى كابول». في استدعاء مقصود للهزيمة الأميركية النكراء في فييتنام. فيما جاء عنوان صحيفة «إسرائيل اليوم"/أكثر الصحف اليومية توزيعاً، وبالمجّان، و(الدّاعمة بلا تحفّظ لنتنياهو والسياسات العنصرية الاستيطانية والتهويدية): «الأميركيون مع الذيل»..
 
ماذا عن التحليلات وتعليقات الكُتّاب؟:
 
قال ايال زيسر في «إسرائيل اليوم» تحت عنوان «فشل مُتوقع مُسبقاً في أفغانستان": إنّ الحكم الذي أقامه الأميركيون كان عفِناً وفاسداً، مُعززاً بالدولارات ومسنوداً إلى حِراب الجنود الأميركيين، ومثل قصة نهايتها معروفة مسبقاً، في اللحظة التي أعلن الأميركيون عن نيّتهم الانسحاب, إنهار هذا النظام كبرج من ورق.. كان من الأفضل ربما (يُضيف زيسر) في العام 2001 ضرب طالبان وترك الدولة.. وهكذا توفّر عقدين من سفك الدماء.
 
أمّا إنشل بابر في هآرتس فيقول في مقالته المُعنونة «انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان هو دليل محدودية القوة الأميركية": «الجيش الأفغاني.. رغم الاستثمار الأميركي الضخم، بما في ذلك ترسانة سلاح بالمليارات و19 سنة من التدريب والتوجيه, تعثّر أمام طالبان. بينما كانت القوات الأميركية ما تزال موجودة على الأرض.
 
هذه -أضاف بابر- إهانة للرئيس الأميركي بايدن. طالبان ليست جيش شمال فييتنام، قال بثقة (يقصد بايدن) قبل شهر فقط، هم حتّى لا يقتربون من التشابه معه من حيث القدرة، لا توجد ظروف سنرى فيها أشخاص يتّم إخلاؤهم من فوق سطح السفارة الأميركية في أفغانستان». ويختم بابر بالقول: مقولة بايدن الواثقة بصلابة الجيش الأفغاني التي استندت إلى إحاطات لجهاز المخابرات الأميركية.. ستُلاحقه، رغم أنّ بايدن «بكّر» في فهم محدودية قوة أميركا، لكن أيضاً الرؤساء الذين كانوا قبله سبق واستوعبوا الوضع، حتّى جورج بوش الابن الذي في فترة حكمه وفي أعقاب الحادي عشر من أيلول غزت الولايات المتّحدة أفغانستان وبعد ذلك العراق، كان من الواضح له قبل انتهاء ولايته بأنّه لا يوجد للأميركيين أي رغبة في المغامرة».
 
ماذا عن عاموس هرئيل أبرز كتّاب هآرتس؟.
 
يقول هرئيل تحت عنوان «استسلام سريع":».. لا شكّ أنّ الصُور من كابول أثارت خوف حلفاء أميركا في الشرق الأوسط، وأثارت مسألة إذا كان يُتوقّع في المستقبل حدوث عمليات مشابهة أيضاً لديهم. عدد من الردود في الشبكات الاجتماعية -يُواصِل- قالت أمس: أنّه محظور على إسرائيل الاعتماد على أميركا، وأنّه يجب عليها الاعتماد فقط..على نفسها.