على حرف الخاء
باعتياد الخروج عن المألوف يصبح الخطأ أمر مقبول، ليس قبولا لذاته وإنما يكون قبوله بعدم إنكاره، فالصورة المتكررة كل يوم تجعل الشخص يتكيف معها ويفقد مشاعره تجاهها، فويلات حرب العراق جعلت الشعوب تألف مشاهدة الدماء والجثث والدمار، وتبعتها الحرب الإسرائيلية على غزه، فكانت وسائل الإعلام تتسابق بتصوير أكثر المشاهد دموية و دمار، وتبرز أكثر الأحوال الإنسانية بؤس ويأسن حتى اعتدنا مشاهدة أكثر المشاهد حزنا ونحن على مائدة الطعام ولا تهيج مشاعرنا، بل نراه أمر عادي غير ذي بال ولا أهمية، وهذا كله بافتراض حسن النية بالإعلام، وتحت مسمى السبق الإعلامي ونقل الحقائق كما هي على الأرض، ولكشف حجم الخراب والتجاوزات التي ترتكبها آلة الحرب في حق المواطنين العزل في كل مكان تصل إليه، أو تعطى الأوامر لجنرالات الحرب باتخاذ الإجراءات المناسبة والتصرف بشرف المهنة العسكرية.
ونحن اليوم نرى أن الأمن أصبح سلعة غالية، يفتقدها ابن البادية ويفتقدها ابن القرية وابن المدينة، تدمي قلوبنا أخبار تأتي من هنا وهناك لا تحمل معها إلا الشر والخراب، ...احرقوا سيارة شرطه ...احرقوا المنازل ...احرقوا الأشجار ...قتل اثنان وكذا مصابين ...الخلاف بين عشيرتين، وهكذا دواليك كل يوم على هذا الحال، والإعلام جاهد يسعى لكشف كل التفاصيل، كيف لا وهي الحقيقة يجب أن تصل للجمهور.
الآن أصبحنا نقرأ العنوان عن المشاجرات ولا نقرا تفاصيل الخبر، لأنه أصبح تناقل مثل هذه الأخبار أمر مألوف وعادي، ما دام كل يوم هناك مشكلة تكبر كثيرا ثم تتلاشى، وفي اليوم التالي تتجدد عند أبناء الجيران أو القرية المجاورة مشكلة اكبر وبدموية اكبر، وبخطف رجل امن زيادة على البيعة، وعادي مشكلة كما التي سبقتها يومين أو ثلاث وتنتهي.
ولكن إلى أي حد سنكون قادرين على تحمل مشاهدة مظاهر العنف والدمار والتخريب والقتل بدون أن نحرك ساكن - ونقول زوبعة وعدت- فالعشائرية قُتلت وقُتلت أعرافها الطيبة، ففقدنا ضابط كان من الممكن أن يحد من مظاهر العنف المجتمعي، فالمتبقي اليوم من مظاهر العشائرية اسمها فقط، أما ضوابطها فلا، ودليل ذلك أن أهم عنصر مسيطر في العشائرية هو احترام كلمة الكبير وعدم كسرها أو عرقلة نفاذها، أما اليوم فكلمة الكبير لا تسمع لا بل لا يسمح للكبير في حضرة الصغار أن يتحدث، ثم إن العشائرية كانت تُجمع كلمتها بناطق رسمي للعشيرة هو شيخها ومرجعيتها، واليوم كل واحد شيخ على حاله، فالعشائر لا تتفق على رجل يمثلها إلا في البرلمان أو في خطبة امرأة وفي كلتا الحالتين يخرج مغضوبا عليه.
فإذا فُقدت العشائرية بقتلها والقضاء عليها، ولست هنا بصدد الدعوة لإحياء العشائرية والنظر إليها على أنها الحل الأمثل أو السحري لحل مشاكلنا ولكن أتساءل هل هناك قوة أمنية تحمي مصالح الناس وأمنهم على أنفسهم وأموالهم - إذا قلنا نعم - فالأمن حسب مشاهدات الواقع مستهدف بالمقام الأول من المخربين وأصحاب الأهواء، ومن أفراد الأمن أنفسهم، باتباع أساليب عمل خاطئة عند تنفيذ مهامهم لا تجر على كوادر الأمن إلا المشاكل، وتؤثر تبعاتها على كل المواطنين، فالتعاطف الشعبي ضد رجال الأمن ينمو بشكل متسارع، وعلى العكس من ذلك فالألفة التي تتولد بين رجل الأمن والمواطن تعاني من أزمة ثقة، فالمطلوب وبشكل سريع وحاسم، وضع آلية مناسبة لضبط الأمن في كافة أرجاء البلاد، وإنهاء حالة الفوضى، وذلك باتباع سياسات أمنية تقوم على استيعاب الآخر وتنفيذ القانون برفق من غير ضعف، ومن المناسب الاستفادة من الخبرات الأكاديمية في الجامعات والمؤسسات المختلفة، التي تختص بمجالات عمل وبحث يمكن للأجهزة الأمنية الاستفادة منها، مثل علماء الاجتماع والأطباء النفسيين والفقهاء، وعلماء الشريعة والقانونيين، للخروج بوضع إستراتيجية أمنية تستطيع تسيير وضبط الأمن في البلاد ومحاصرة الفوضى والقضاء عليها لخدمة المواطن وبناء الوطن.
kayedrkibat@gmail.com
ونحن اليوم نرى أن الأمن أصبح سلعة غالية، يفتقدها ابن البادية ويفتقدها ابن القرية وابن المدينة، تدمي قلوبنا أخبار تأتي من هنا وهناك لا تحمل معها إلا الشر والخراب، ...احرقوا سيارة شرطه ...احرقوا المنازل ...احرقوا الأشجار ...قتل اثنان وكذا مصابين ...الخلاف بين عشيرتين، وهكذا دواليك كل يوم على هذا الحال، والإعلام جاهد يسعى لكشف كل التفاصيل، كيف لا وهي الحقيقة يجب أن تصل للجمهور.
الآن أصبحنا نقرأ العنوان عن المشاجرات ولا نقرا تفاصيل الخبر، لأنه أصبح تناقل مثل هذه الأخبار أمر مألوف وعادي، ما دام كل يوم هناك مشكلة تكبر كثيرا ثم تتلاشى، وفي اليوم التالي تتجدد عند أبناء الجيران أو القرية المجاورة مشكلة اكبر وبدموية اكبر، وبخطف رجل امن زيادة على البيعة، وعادي مشكلة كما التي سبقتها يومين أو ثلاث وتنتهي.
ولكن إلى أي حد سنكون قادرين على تحمل مشاهدة مظاهر العنف والدمار والتخريب والقتل بدون أن نحرك ساكن - ونقول زوبعة وعدت- فالعشائرية قُتلت وقُتلت أعرافها الطيبة، ففقدنا ضابط كان من الممكن أن يحد من مظاهر العنف المجتمعي، فالمتبقي اليوم من مظاهر العشائرية اسمها فقط، أما ضوابطها فلا، ودليل ذلك أن أهم عنصر مسيطر في العشائرية هو احترام كلمة الكبير وعدم كسرها أو عرقلة نفاذها، أما اليوم فكلمة الكبير لا تسمع لا بل لا يسمح للكبير في حضرة الصغار أن يتحدث، ثم إن العشائرية كانت تُجمع كلمتها بناطق رسمي للعشيرة هو شيخها ومرجعيتها، واليوم كل واحد شيخ على حاله، فالعشائر لا تتفق على رجل يمثلها إلا في البرلمان أو في خطبة امرأة وفي كلتا الحالتين يخرج مغضوبا عليه.
فإذا فُقدت العشائرية بقتلها والقضاء عليها، ولست هنا بصدد الدعوة لإحياء العشائرية والنظر إليها على أنها الحل الأمثل أو السحري لحل مشاكلنا ولكن أتساءل هل هناك قوة أمنية تحمي مصالح الناس وأمنهم على أنفسهم وأموالهم - إذا قلنا نعم - فالأمن حسب مشاهدات الواقع مستهدف بالمقام الأول من المخربين وأصحاب الأهواء، ومن أفراد الأمن أنفسهم، باتباع أساليب عمل خاطئة عند تنفيذ مهامهم لا تجر على كوادر الأمن إلا المشاكل، وتؤثر تبعاتها على كل المواطنين، فالتعاطف الشعبي ضد رجال الأمن ينمو بشكل متسارع، وعلى العكس من ذلك فالألفة التي تتولد بين رجل الأمن والمواطن تعاني من أزمة ثقة، فالمطلوب وبشكل سريع وحاسم، وضع آلية مناسبة لضبط الأمن في كافة أرجاء البلاد، وإنهاء حالة الفوضى، وذلك باتباع سياسات أمنية تقوم على استيعاب الآخر وتنفيذ القانون برفق من غير ضعف، ومن المناسب الاستفادة من الخبرات الأكاديمية في الجامعات والمؤسسات المختلفة، التي تختص بمجالات عمل وبحث يمكن للأجهزة الأمنية الاستفادة منها، مثل علماء الاجتماع والأطباء النفسيين والفقهاء، وعلماء الشريعة والقانونيين، للخروج بوضع إستراتيجية أمنية تستطيع تسيير وضبط الأمن في البلاد ومحاصرة الفوضى والقضاء عليها لخدمة المواطن وبناء الوطن.
kayedrkibat@gmail.com