هزائم وبطولات

أخبار البلد-

 
هزيمة الـ67 وما تمخض عنها من خسارة سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية ودرة المدائن مدينة القدس وفي قلبها مسرى الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماء، وثالث الحرمين الشريفين، أهالت التراب على كل البطولات الفردية التي قدمها أفراد من الجيوش العربية في تلك الحرب الكارثية، ولا سيما أبطال الجيش العربي.

أجل كانت هناك بطولات فردية كثيرة، كان هناك إصرار على المواجهة، كان هناك إقبال بل وارتماء في حضن الموت، أثخنوا في العدو ما استطاعوا ولم يعطوهم ظهورهم.

اكتشاف رفات جندي أردني في تل الذخيرة بالقدس المحتلة، لن يكون الأخير، فخنادق التلة التي حفرها الجيش العربي واستحكم فيها 101 من جنود كتيبة الحسين الثانية للدفاع عن المدينة المقدسة، استشهد فيها 97 جنديا بطلا، فيما أسر الأربعة الآخرون بعد إصابتهم بإصابات بليغة. لم يبرحوا خنادقهم، ولم تزل أصابعهم على الزناد حتى بعد نفاد ذخيرتهم وقطع جميع الإمدادات عنهم.

في كل جبهة تسمع عن بطولات فردية خارقة يتحدث عنها العدو نفسه، لدرجة تخال فيها أن الهزيمة كانت هزيمة للقيادات السياسية وليست للأفراد؛ هزيمة للنياشين والرتب المعلقة بين الرؤوس والأكتاف، لا للأيادي السمر القابضة على زناد البواريد.

كان الأولى الحديث عن بطولات هؤلاء لتكون وقودا لقيامة جديدة، لكن الحديث الذي استغرقناه كان عن الهزيمة فكان ذلك وقودا لهزيمة سياسية أقسى وأمر.

قد تهزم الدول والأمم عسكريا، وهذا وارد جدا، لكن الهزيمة الأكبر هي الهزيمة النفسية التي تؤدي إلى الهزيمة السياسية والاعتراف للعدو بحقه فيما سلبه.

سيحزن الشهداء حين يعلمون أننا هزمنا عسكريا، سيحزنون حين يعلمون أننا خسرنا أرضنا، لكنهم قد يتفهمون ذلك. لكنهم لن يغفروا لنا أبدا حين يعلمون أن كل ما ضحوا من أجله سلمناه لعدونا طواعية! ورفعنا له في عواصمنا أعلاما، وفرشنا لمجرميه الذين قتلوهم سجادا أحمر! وعزفنا لهم نشيدهم الذي يمجد قتل شهدائنا! وربما شرب البعض معهم نخب نصرهم وهزيمتنا!

لن يغفر الشهداء لنا حين يعلمون أن اللصوص والأعداء الذين كانوا يقاتلونهم بالأمس، أصبحوا أعز الأصدقاء! وأن الذين ذهبوا لنجدتهم وضحوا بأنفسهم لأجلهم أصبحوا هم الأعداء!