الكل يتحدث عن الفساد!!
الكل في بلدي صار يتحدث عن الفساد من رأس الهرم إلى قاعدته... والغريب بالأمر أننا نتحدث عن فساد شامل مالي وإداري وحتى أخلاقي في بعض الأحيان، ومكمن الغرابة طبعا تكمن في أننا أصبحنا نشك بالجميع دون إستثناء ... فما معنى أن الملك يريد الإصلاح ومحاربة الفساد ورئيس الوزراء يريد ذلك بكل تأكيد ويريد تطبيق القانون على الجميع والوزراء يطالبون بالنزاهة والنواب يترصدون للفاسدين والصحف الإلكترونية والورقية تراقب وتتابع وتنشر ... والمواطنون يسعون إلى العدالة والحرية وتطبيق القانون على الجميع بدون لف ولا دوران ولا استثناءات، فأين يكمن الخلل إذا؟!، هل الفساد وأهله أقوى من الدولة بكل أركانها؟! ... أم ما الذي يحدث؟! ... هل يوجد أناس خارقون لا يستطيع أحد أن يوجه لهم تهمة؟! ... الصغير والكبير في الأردن يعرف معظم رؤوس الفساد وأكثر قضاياه التي لم نرى نتائجها ولكن ما يزيد حنقه وقهره أنه يرى بعض الفاسدين المفسدين يترقون ويتطورون وتتضخم ثرواتهم دون أي خوف من عقوبة أو قانون أو مساءلة ولا يخشون إظهار ذمتهم المالية ولا حتى من أين لك هذا ... فما هذا؟!؟.
الوضع في الدول العربية من حولنا يتطلب وقفة جادة وحقيقية لكل غيور على هذا البلد ، ويحتم على الجميع تحمل مسؤولياتهم والقيام بأمانة الوظيفة أو المنصب أو حتى الكلمة التي يكتبونها أو يطلقونها، فالمواطن بدأ ييأس من صدقية وجدية محاربة الفساد في بلدنا الغالي، فالرجاء الحار والشديد لجميع المسؤولين... توقفوا قليلا عن الحديث عن الفساد فقد تعبت مسامعنا من حديث بلا فائدة ملموسة، نرجوكم إصمتوا قليلا ومن ثم أخرجوا على الشعب بتائج حقيقية وبأجوبة منطقية لأشياء كثيرة حصلت وتحصل، ولقضايا أخرى نومت أو أهملت أو تركت... ارحمونا من تشكيل اللجان التي لا تسمن ولا تغني من جوع ... بشرونا بولادة قرارات بصحة جيدة وبدون عيوب تشوهها ... اعملوا على ردم الفجوة الهائلة بين المواطن العادي والمسؤول ... وحاولوا إعادة بناء جسور الثقة بين الطرفين ... فغالبية الشعب بحاجة لأن يشعر بأنه جزء مهم ورئيسي بهذا البلد وليس تكملة عدد، يجب أن يشعر الجميع في بلدي الفقير المسكين والغني أن حقه مصان مهما كان خصيمه إن كان صاحب حق.
يدفعنا إلى هذا الحديث حبنا لبلدنا وغيرتنا عليه وحرصنا على أمنه وإستقراره ومن بعد الأحداث التي بدأنا نشاهدها مؤخرا من تطاول على هيبته ومحاولة زعزعة أمنه من البعض ولجوء البعض للحصول على حقه بيده، ونستغرب بشدة لماذا تنتظر الحكومة والمسؤولين حدوث مظاهرة هنا أو إعتصام هناك أو تكسير وتخريب... حتى تتذكر بعض المشاكل أو الهموم أو القضايا وتقوم بحلها في بعض الأحيان مباشرة وبسرعة خيالية، فإن كان حل بعض هذه المشاكل سهلا لهذه الدرجة وإن كانت مطالب هؤلاء محقة فلماذا تنتظر الحكومة؟! وتفسح المجال أمام القلة القليلة غير المسؤولة طبعا التي تحاول أن تفسد الأوضاع وتعمل على تعكير الجو حتى تغطي على بعض انتهاكاتها وملفات فسادها وإفسادها في البلد، يجب أن يكون القانون هو الفيصل والحكم على الجميع حتى يشعر الفقير أن حقه محفوظ وأمواله بأمان ومستقبل أولاده لا يهدده جشع فاسد أو تطاول حاقد يدعي بأنه مدعوم من فوق ولا يستطيع أحد محاسبته، بإختصار لا نريد كلاما عن الفساد فقد وصلنا حد الإشباع نريد نتائج لهذا المخاض الطويل وندعو الله ونلجأ إليه جل جلاله ألا تطول عملية الوضع فالشعب يراقب ويتابع في صالة الإنتظار ويأمل أن يخرج عليه أحد أطباء الإصلاح الحقيقي في البلد ويبشرهم ببعض ما يسر خاطرهم ويريح بالهم ويشعرهم أن الكلام الكثير لم يكن مجرد جعجعة لا أمل بخروج أي طحين منها.
abomer_os@yahoo.com