تيزي_وزو_تحترق.. هل حرائق الجزائر مُدبرة؟ ومن الجهات المتهمة بافتعالها؟
أخبار البلد -
يتصاعد الدخان مؤخراً في عدة دول من العالم، في مشهد يحبس الأنفاس ويدق نواقيس الخطر من كارثة محتملة تهدد الحياة البشرية على هذا الكوكب. وإن كان الحديث والتحليل لهذه الظاهرة علمياً، أيدت فيه التقارير الأممية والأكاديمية المخاوف من التغير المناخي الذي أصبحنا على عتباته بشكل أقرب في الفترة الأخيرة، ومن الضروري مواجهته، فإن بعض هذه الحرائق، وجهت فيها أصابع الاتهام إلى عدة أطراف بافتعالها وتأجيجها. ومن بينها حرائق الجزائر، التي تتهم فيها السلطات الرسمية أطرافاً وعصابات إجرامية بإحراق البلاد لزعزعة الأمن والاستقرار.
عشرات الحرائق في شمال البلاد
تجتاح شمالي الجزائر عشرات الحرائق، منذ مساء يوم الاثنين 9 أغسطس/آب الجاري، ملتهمة آلاف الهكتارات من الغابات، ما اضطر العديد من السكان إلى الفرار من منازلهم التي التهمتها النيران.
وتعتبر الجزائر الدولة الكبرى إفريقياً، التي تمتد على طول ترابها نحو 4.1 ملايين هكتار من الغابات فقط، حصدت منها نيران صائفة 2020 نحو 44 ألف هكتار. واليوم يستعر من جديد قرابة مئة حريق عبر نحو 18 ولاية جزائرية، وذلك وفق ما صرحت به المديرية العامة للحماية المدنية والجهات الرسمية.
وإلى حدود هذه اللحظات، لا يزال الأهالي وفرق الإنقاذ متجندين يحاولون السيطرة على الحرائق الهائلة، التي نشبت خاصة بشكل مخيف في ولاية تيزي وزو، وهي منطقة معظمها جبلية وغابية، تقع في شرقي العاصمة الجزائر، تمكنت فيها فرق الإنقاذ بالاستعانة بالولايات المجاورة من إخماد نحو 14 حريقاً.
ووفق ما أكدته الجهات الرسمية، فقد تسببت هذه الحرائق في سقوط عشرات القتلى والجرحى، من بينهم مدنيون وعسكريون تجندوا لإيقاف الكارثة. ونعى في ذلك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الضحايا في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر قائلاً: "ببالغ الحزن والأسى، بلغني نبأ استشهاد 25 فرداً من الجيش الشعبي، بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من مواطن من النيران الملتهبة، بجبال بجاية وتيزي وزو. أمام هذا الخطب الجلل، ننحني بخشوع أمام أرواح أبناء الوطن البررة. تعازيّ لكل أسر الشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون".
ومن جانبها أشادت وزارة الدفاع الجزائرية بدور الجنود ومن بينهم الضحايا الذين قضوا، في إنقاذ نحو 110 من المواطنين بينهم نساء ورجال وأطفال من ألسنة النيران.
ومع ارتفاع حصيلة الضحايا، وعدم القدرة على السيطرة على النيران التي تتقدم بسرعة وتأججها مع موجة القيظ، ويزيد في اندلاعها نشوب مزيد من الحرائق الضخمة على حدود الجارة تونس، أطلقت الجهات الرسمية في الجزائر صيحة فزع وطلبت المساعدة من المجتمع الدولي، وتجري في الوقت ذاته محادثات مع شركائها لاستئجار طائرات لإطفاء الحرائق. فيما يشير المسؤولون إلى دوافع إجرامية تقف وراء هذه الحرائق.
عصابات إجرامية وراء الحرائق
عقب زيارته برفقة وفد وزاري إلى ولاية تيزي وزو، صرح وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود بأن "اندلاع 50 حريقاً في نفس التوقيت من المستحيلات السبعة، ومصالح الأمن ستباشر التحقيقات اللازمة". وأكد بلجود وجود أيادٍ إجرامية حاقدة على الجزائر تقف وراء حرائق الغابات، على حد تعبيره.
وبدوره أكد محافظ الغابات بولاية تيزي وزو يوسف ولد محمد في تصريح إعلامي ترجيح بلجود، معتبراً أن "الحرائق نشبت بفعل فاعل واختير لها يوم حار وأماكن معينة".
وفي الأثناء أوقفت أجهزة الأمن الجزائرية عدة أشخاص يشتبه بهم في الضلوع في افتعال هذه الحرائق، حيث أعلنت الإذاعة الجزائرية يوم الثلاثاء 10 أغسطس/آب الجاري عن اعتقال 3 من المشتبه بهم في مدينة المدية شمال الجزائر.
وفي السياق ذاته أعلن الدرك الوطني الجزائري عن اعتقال شخص رابع في ولاية عنابة وهو بصدد إشعال حريق في غابة بجبال سرايدي شمال شرق البلاد.
ويعتقد ناشطون ومحللون أن الأطراف التي تقف وراء هذه الحرائق تهدف أساساً إلى إدخال البلاد في حالة فوضى، والاستثمار في الغضب الشعبي مؤخراً على خلفية المطالب الاجتماعية، لتأجيج الشارع من جديد على السلطات الجزائرية، خاصة أن تزامن هذه الحرائق قد ينم عن مخطط رُسم بإحكام لإثارة البلبلة.
بينما يذهب آخرون إلى الاعتقاد أن هناك شبكات إجرامية وجهات خارجية تقف وراء هذه الحادثة، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي تندلع فيها حرائق في الغابات الجزائرية ويعتقل فيها مشتبهون يكشف تورطهم في ما بعد في تلقي أموال من الخارج.
ففي صيف 2020، بعد أن اندلعت حرائق ضخمة في عدد من الغابات الجزائرية، أشارت غرفة الاتهام بمجلس قضاء محافظة تيبازة، إلى أن التحقيقات ومعاينة الهواتف لبعض المتهمين والمتورطين في اندلاع حرائق الغابات بمنطقة قوراية، أثبتت تلقيهم أموالاً من الخارج. ولا تزال التحقيقات في ذلك مستمرة.
وقد أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وقت سابق بعد إلقاء القبض على عدد من المتورطين والمشبوهين في قضية إحراق الغابات، بصياغة مشروع قانون يعاقب المسؤولين على إشعال الحرائق في الغابات، بأحكام تصل إلى 30 عاماً في السجن، أو حتى السجن مدى الحياة إذا تسبب الحريق في مقتل أشخاص.