الاسلاميون صنفان: خشن وناعم

على مدى العقدين الماضيين, اختار الغرب (أمريكا وأوروبا) الاسلام عنواناً للصراع مع الأمة العربية, وقد رأت هذه الأمة أن هذا العنوان جدير بالصراع ولم تتنكر له, وبعكس ما توقع أو انتظر الأمريكان والاوروبيون, فإن العرب أقبلوا على الاسلام وأظهروا المزيد من الاحترام له والتمسك به, بل إن فريقاً من غير المتدينين, وحتى كثير من العرب المسيحيين, صاروا يقدمون أنفسهم باعتبارهم "إسلاميين سياسياً", أي أنهم شاركوا بقبول التحدي الثقافي والحضاري والسياسي مع الغرب. 

بالنتيجة فشل المسعى الأمريكي والأوروبي لتخويف الناس من الاسلام والاسلاميين, كما أن كل الجهود والأموال التي أنفقت في سبيل خلق صيغ اسلامية جديدة, وخاصة ما سمي بالاسلام "الأمريكي", او الاسلام "المودرن" فشلت.

اليوم يختار الامريكان والأوروبيون صيغة أخرى مناقضة للأولى من حيث العنوان شكلياً على الأقل, وبغض النظر عن صحة وجود صفقة او عدمه بين الفريقين, فإن الدارج اليوم أن عنوان "الاسلاميين" صار يحظى بالقبول حيناً او عدم الرفض, وأحياناً الترحيب, عند الأمريكان والأوروبيين.

خلال العقدين الماضيين, تعامل الاسلاميون بما سمي "عقلانية", فكانوا يعملون على إخفاء قوتهم الحقيقية, وفي الانتخابات اتبعوا أسلوب عدم الترشح لكل المقاعد والمراكز خوفاً من ان يَدخلوا أو يُدخلوا غيرهم في معارك كبرى.

اليوم, من حق الاسلاميين أن يتقدموا بكل قوتهم, وأن يصلوا الى كل المواقع التي يستطيعون الوصول اليها, وعلى الآخرين القبول, غير أنه (والعلم عند الله), لا يوجد ما يجعل الاسلاميين يعتقدون أن جوهر خلاف الأمة مع الأمريكان والأوروبيين قد تغير حتى وإن تغير العنوان.