بخفض الضريبة تزداد الإيرادات

أخبار البلد-

 
تشكل الضرائب، بأشكالها المتعددة، إحدى الأدوات الرئيسية للسياسة المالية التي توظفها الحكومات بهدف تحصيل الإيرادات اللازمة لإدارة الموازنة العامة للدولة وتقليل العجز الناتج عن النفقات، وتأخذ العلاقة بين الضريبة والإيرادات اتجاهاً عكسياً على الأمد الطويل، خاصة في حالات تباطؤ النمو الاقتصادي، فزيادة الضرائب تشكل كلفة مضافة على المستهلكين والمنتجين من خلال انخفاض معدلات الاستهلاك وتراجع معدلات الإنتاج بصورة تنعكس على الطلب الكلي في الاقتصاد، وبالتالي تراجعاً في الإيرادات التي يتم تحصيلها.
الطلب الكلي للاقتصاد الذي تؤدي زيادة حجم الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والحكومي فيه الى تحفيز النمو والتشغيل، هو ما نسعى إليه حالياً، فتقديرات دائرة الإحصاءات العامة للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام 2021، تظهر نموا بلغت نسبته 0.3 % مقارنة بالربع الأول من العام 2020، هذا يعني أن الاقتصاد ينمو لكن بصورة متباطئة، حيث إن تراجع الطلب الكلي في الاقتصاد الناتج عن تراجع حجم الاستهلاك هو أحد أهم أسباب ذلك التباطؤ.
ففي دراسة تقدیر الطلب الكلي للاقتصاد الأردني الصادرة عن البنك المركزي، تشير النتائج إلى أن الإنفاق الاستهلاكي الخاص يشكل الحصة الكبرى من الناتج محلياً بنسبة 83.2 %، یلیه الإنفاق الاستثماري للقطاعین الخاص والعام بنسبة 23.0 %، ثم الإنفاق الحكومي (الاستهلاكي) بنسبة 17.1 %، هذا يعني أن معظم الطلب الموجود بالاقتصاد ناتج عن مكون الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي تحفيز هذا المكون الأساسي سيزيد القدرة الشرائية للمواطن ويدعم إمكانيات الطلب الكلي، وبالتالي يزيد من وتيرة الإنتاج محدثاً زيادة في الإيرادات.
الإيرادات الضريبية ارتفعت في الربع الأول بنسبة 27.3 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والسبب في ذلك يعود الى ارتفاع إيرادات الرسوم الجمركية ولضريبة الدخل وضريبة العقار وضريبة المبيعات، فقد ارتفعت الأخيرة بنسبة قاربت 30 %، تلك الزيادة في الإيرادات، باعتقادي، نتجت بسبب سريان قانون الضريبة الجديد الذي حدد الإعفاءات الضريبية ووسع قاعدة المكلفين وأدخل شرائح مؤثرة في الوعاء الضريبي إضافة للجهود المقدرة والمثمنة في مكافحة التهرب الضريبي، لكن تلك الزيادة لم تأت بصورة أساسية كنتيجة تحسن النمو الاقتصادي الناتج عن تحسن إمكانيات الطلب الكلي في الاقتصاد.
إن تخفيض الرسوم الجمركية والضريبية على مدخلات الإنتاج للقطاعات التي لها ميزة تنافسية في الاقتصاد وتسهم في صورة عالية في الناتج والتشغيل، سيكون له أثر إيجابي في زيادة الإنتاج والصادارت، لكن الأهم بنظري هو إعادة النظر بضريبة المبيعات التي تفرض على السلع والخدمات التي تشكل ما يقارب 71 % من الإيرادات المحلية (في تونس تشكل 13 % وفي المغرب 12 % حسب منتدى الاستراتيجيات)؛ حيث سيعمل ذلك على زيادة معدلات الإنفاق والاستهلاك المحلي، خاصة في القطاعات المراد تنشيطها كالقطاع السياحي، وبالتالي زيادة معدلات الطلب الكلي الذي يعتمد بشكل أساسي على إنفاق هذا المكون، هذا الارتفاع سينعكس إيجابا على مؤشرات النمو وسيزيد الإيرادات كنتاج لحالة اقتصادية صحية وليس من منظور الجباية المعتاد.