لحظة التغيير

اخبار البلد - علي ابو حبلة 

 

نعيش لحظة وطنية مهمة وحساسة، ومن واجبنا فهمها والاحاطة بمعانيها ومدلولاتها. اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسة هي نقطة بداية، وما ان تعلن عن مخرجاتها وتوصياتها حتى تبدأ الدولة بكافة مفاصلها في عملية مراجعات تعيد ترتيب البيت الداخلي لتتناسب والوضع المستقبلي المرغوب. التغييرات القادمة اكبر واهم من الاشخاص، بل هي جوهرية وجذرية في النهج وفي الاجراءات.

هذه اللحظة الوطنية للتغيير تشكل نافذة فريدة لاعادة صياغة منظومتنا السياسية برمتها. ففيها فرصة استراتيجية لتأسيس علاقات صحية ما بين السلطات وفيها اعادة تصويب لعلاقة البرلمان مع الحكومة بالذات. لطالما ابدى الناس احباطهم من عدم فعالية التمثيل النيابي في طرح القضايا الرئيسية او اعطائها حقها من النقاش. وايضا كان هناك المراوحة في انطباعات الناس عن العمل الحكومي ومصداقيته. اضافة الى ذلك، لدينا فسحة رحبة لاعادة تشكيل اعراف العمل العام بشكل يضبط اداء العمل الحكومي ويعيد له تألقه ورونقه، والاهم من هذا وذاك، مكانته واحترامه.

كنا نكرر ان ما كانت تقوم به مؤسسات الدولة في العقود الثلاثة الماضية هو العمل بنظام التجزئة في الحلول، وخصوصا في الملفات الكبرى. وكان الجميع يرى ان عمليات التصحيح والمعالجات الموضعية لا تشكل اساسا ناجحا لنهضة حقيقية، ولا تؤسس لنقلات نوعية على قواعد ثابتة. ان محاور عمل اللجنة الملكية تمس مفاصل العمل السياسي والحكومي وبشكل مباشر. هذا التغيير المنشود سيؤدي، باذن الله، الى فتح افاق جديدة ويمهد لبرامج بعيدة المدى تعمل على انفاذ نهضة وطنية شاملة عابرة للحكومات.

اعطى جلالة الملك اللجنة جرعة اضافية من الثقة في لقائه الاخير معها، وعزز من استقلاليتها، واكد على خطورة ان يتم التدخل في اعمال اللجنة من اي جهة كانت. وفي لقائه الاعلامي اوضح رئيس اللجنة، دولة سمير الرفاعي، ان العمل جاد للوصول الى حكومات برلمانية فاعلة في خلال عقد من الزمان وبشكل مدروس.

بقي ان نستشعر كمواطنين هذه اللحظة الوطنية وان نتلقفها لانجاحها. انها لحظة ثمينة جدا لا بد من التعامل معها بايجابية وبمسؤولية وطنية. علينا ادراك ان المستقبل لا يتنظر، وواجبنا ان نعمل اليوم من اجل الاجيال القادمة.