عندما قال العم أبو صخر (الله يساويها ببعضها)
نمر بظروف صعبة، من يشك في ذلك؟ لا أحد، ولكن ليس المهم أن تقتنع أننا نمر بظروف صعبة وانما المهم أن تشعر بذلك وطنيا، أي عقليا وعاطفيا، هذا الكلام موجه الى رجال الدولة والى أغنيائها.
ولنبدأ اليوم بالحديث الى الاغنياء، ولن أكرر على مسامعهم خطبة الجمعة عن الصدقة والزكاة فهذه لم تعد تؤثر في كثيرين ولن تقنعهم بالتخلي عن جزء من أموالهم لصالح الفقراء وحجتهم في ذلك أن على كل انسان ان يسعى لكسب المال بعرق جبينه ويعتمد على نفسه.
سأقول لهم فقط ان التخلي عن جزء بسيط من الثروة أفضل من فقدانها كلها، فلدينا كتلة هائلة من الشباب تمر بحالة يأس وإحباط وهاهم يعبرون عن احباطهم بمناوشات جانبية في الجامعات وصلت أحيانا وفي بعض المناطق الى حد البحث عن مصيبة مهما كانت ينتصرون فيها الى المجرم في مواجهة قوى القانون والامن.. رأيناهم يغلقون شوارع ويحاولون الاعتداء على الامن لحماية مطلوب على قضية جنائية. ومثل هذه الاحداث فاقت في قوة دفعها وجنوحها نحو العنف كل مسيرات القوى السياسية الاصلاحية وأشغلت من قوات الامن أعدادا تفوق ما كان يحشد لمواكبة أي مسيرة في ساحة الجامع الحسيني !! وعليكم أن تلاحظوا أن مسيرات الجامع الحسيني والكرك والطفيلة وغيرها لها من ينظمها ويوجه سيرها وينهيها، أما حراكات الشباب الغاضب المتحرش بالدرك وبمرافق الدولة فلم يعد لكبار العشائر سلطة عليها وليس لها من يقودها وسيكون الوطن وقودها عندما يستثمرها الاعداء نارا للفتنة الداخلية بكل سهولة ويسر.
هل ينفع المال في غياب الأمن؟ هل يستطيع النائم على كنز أن يغمض جفنيه وهو خائف يرقب الابواب والنوافذ؟
العم (أبو صخر) رجل طيب من السلط وكان يحب مرافقة والدي (يرحمه الله) بالسيارة حيثما ذهب وكان كلما مر من أطرف دابوق وصولا الى أطراف البقعة يكرر جملة (الله يساويها ببعضها) وكان الوالد يسأله (هل تقصد أن تصبح دابوق مثل مخيم البقعة أم يصبح المخيم مثل دابوق) وكان دائما يمتنع عن الاجابة.. وأغلب ظني ولمعرفتي بأنه كان يجيب على السؤال عن حاله بكلمة واحدة (مستورة) فانه كان يتمنى أن تتحول دابوق الى مخيم البقعة.
هل يريد أغنياؤنا أن نصل الى يوم يهتف فيه عشرات الالاف بصوت واحد (الله يساويها ببعضها)، أم تريدون أن يخرج الناس في مسيرات شعارها (الشعب يريد البقعة = دابوق)؟؟.
قبل أيام أحالت إلي أمانة عمان قضية مرفوعة ضدها للترافع فيها، وهي دعوى من مواطن ابتنى قصرا في دابوق بمبلغ ستة ملايين دينار وعندما تغير منسوب أحد الشوارع أمام قصره بادر لرفع دعوى يطالب الامانة بالتعويض عن نقصان قيمة القصر، بالمقابل هناك مواطن في مخيم البقعة تمر قناة المياه العادمة المكشوفة أمام باب (قصره) ولم يطالب بالتعويض عن نكد العيش.
وللأنصاف فاننا حين نتحدث عن الاغنياء لا نخص دابوق وقصورها ولا عبدون وجناتها وانما كل من لديه عشرة الاف دينار زائدة عن مستلزمات عيشه فهو غني.
لماذا ننتظر ونبني آمالا في أن يتقبلنا مجلس التعاون الخليجي.. ؟ فلدينا الحل الافضل الذين يقوي نسيج المجتمع وينشر المحبة بين الاغنياء والفقراء..
انني أدعو أغنياء البلد الى يقظة وطنية شاملة وعلينا أن نجد صيغة توافقية تطوعية بانشاء هيئة وطنية مستقلة يمسك بها الثقات من رجالات الوطن، ليودع فيها كل غني من الشمال الى الجنوب ما لايقل عن 25% من فائض ثروته، وتقوم على تنفيذ خطة للقضاء على الفقر والبطالة في الاردن،, واذا صدقنا النيات وعقدنا العزم فستجمع هذه الهيئة مساهمات بمليار دينار، ويدخل الضمان الاجتماعي بمثلها، وسيزرع جيش المهندسين الزراعيين العاطلين عن العمل صحراء الاردن ويحيلونها الى جنات وسيلتحق بهم مهندسو الطاقة لتضيء شمس الصحراء ليلها ومزارعها.
لنتذكر عندما حرك الطمع بالربح الزائف الاف المواطنين جمعوا خمسماية مليون دينار ووضعوها بين أيدي شركات البورصة الوهمية ثم بدأوا يلطمون الوجوه ويحمّلون الحكومة المسؤولية.. !!
أيها الأغنياء عليكم حماية ثرواتكم بالتنازل عن جزء منها وعلى راي التاجر (اصرف مال بتحيي مال) فقط ليجتمع منكم خمسون لقول (بسم الله وعليه توكلنا).