سوء ادارة مشروع العقبة .. الخسائر والمسؤولية!

 
خسرت العقبة الكثير من جاذبيتها الاقتصادية، وقد عشنا حتى رأينا اهم مشروع يتم اطلاقه يتعرض لخسائر فادحة، على اكثر من صعيد، حتى لنسأل عن كل المشروع وضرورة تقييمه.

مشروع العقبة الخاصة، كان واعدا للغاية لان المراهنات على نجاح المشروع كانت كبيرة، فيما عاند مسؤولون وخبراء اقامة كل المشروع في وقت ما، لاعتبارات كثيرة، ورغم ان الرسميين يتحدثون بلغة المليارات عن المشاريع التي اقيمت في العقبة، الا ان مشاكل المشروع والمدينة باتت اكثر تعقيداً.

اخطر ما تعرض له مشروع العقبة الخاصة يتعلق بالتخبط حول هوية المدينة، فتارة يريدونها سياحية، وتارة ميناء بحريا، وتارة مجمعا صناعيا، وفي احيان اخرى تم الخلط بين هذه الهويات، لان مساحة المدينة محدودة برغم مد حدودها، ولان الشاطئ محدود ايضاً.

واجه المشروع مشاكل تتعلق بسكان المدينة فلا يمكن خلع الناس من جذورهم وترحيلهم وتحويل المدينة الى شرم شيخ اخرى مغلقة، الا على السياح، وفوق ذلك حدث تخبط في كثير من المشاريع، ولمسنا تغييرا في خطط كثيرة وتأجيلا لخطط كثيرة، حتى قصة نقل الميناء، من جهة، واقامة مرسى زايد تعرضتا الى ما يعتبر اساءات بالغة، تعرضت الى من اشترى الميناء، فيما كان مواطنون يعتبرون ان سعر البيع غير عادل اساسا.

التغيرات الاجتماعية ايضا على المدينة لم تكن واضحة، فمدينة يراد لها ان تكون سياحية، يتم جلب الفنادق والفلل اليها، ومدينة بها حجم مرتفع من التدين لم تقبل مراكز المساج وانتشار دور اللهو، وهكذا تصارعت الهويات الثقافية والاجتماعية، وتناقضت، وكان هذا المشهد احدى محطات التناقضات حول هوية المدينة الاجمالية.

لمس الناس سريعا ان حياتهم انقلبت فعلا الى ماهو اصعب مع المشروع، فالاسعار ارتفعت، وايجارات البيوت اشتعلت، وفرص العمل لم تحدث انقلابا في المنطقة، الا بقدر بسيط، مع الاعتراف هنا ان المشروع برمته ترك اثارا تحسينية محدودة على المدينة من الداخل وطبيعة حياتها، الا انها لم تنقلها من حالة تشوه الهويات الى هوية محددة.

الشهور الاخيرة لسلطة العقبة الخاصة كانت سلبية حتى في تقييمات لمرجعيات عليا، لاننا بدلا من جلب الاستثمار الى المنطقة، بتنا نواجه مشاكل مع ذات موظفي السلطة المفترض فيهم تنفيذ الترويج للاستثمار، وحمل المشروع، وبتنا نواجه مشاكل ايضا بشأن سمعتها، فقد تضررت صورتها الانطباعية كثيرا، لاعتبارات مختلفة.

اليوم تأتي الاسئلة حول الحاجة لوجود مركز جمركي عند مدخل العقبة، والحاجة الى سلطة مستقلة، ولماذا تبقى المدينة مفصولة معنويا بهذا الشكل، خصوصا، ان كل الاعفاءات والمزايا الاستثمارية يمكن تقديمها دون ان نضطر الى فصل العقبة جزئيا، ودون ان نسعى لجعلها شبه مستقلة.

الخسائر في سمعة العقبة سياحيا واستثماريا، خسائر كبيرة، وقد خسرنا اغلب الجهد الذي تم بذله خلال العشر سنوات الماضية، وهكذا خسائر تعد خطيرة للغاية، لان بناء السمعة والصورة الانطباعية بحاجة الى كلف، فيما استعادة السمعة المهدورة بحاجة الى كلف مضاعفة، هذا اذا نجحنا اصلا، في استعادة ماخسرناه.

الربيع العربي ووضع الاقليم، والوضع الاقتصادي العالمي لعبت دورا في تراجع مزايا المنطقة الخاصة، الا ان علينا ان نعترف ان سوء ادارة المدينة والمنطقة خلال الفترة الماضية، ادى الى مضاعفة الخسائر والمزايا، حتى وصل الوضع الى ثورة الموظفين التي كان يمكن تداركها لو تذكر المسؤولون انهم لا يعملون في متصرفية، وانهم يديرون اهم منطقة اقتصادية في الاردن.

اذا كانت العقبة لقبت هذا المصير، فماذا نقول عن بقية المشاريع التي اعلنا عنها ولم نرَها، مثل المفرق الاقتصادية، وماذا نقول عن المشاريع الاقل اهمية، والاسئلة كثيرة، والاجابات قليلة، لان اغلبنا يعاند في الاعتراف خوفا على موقعه وكرسيه، مما يجعلنا امام مهمة اعادة تقييم كل المشروع، واين الخلل في ادارته هذه الايام.

فرق كبير بين العقبة الاقتصادية المزدهرة، والعقبة التي باتت عقبة في وجوهنا!.