( الدستور الكوكتيل ) و ( مصاص الشعب).


.. مات كثير من الناس بعد مراجعتهم لاحدى المستشفيات الموجوده بدوله من دول اميركا اللاتينيه .. ولم يعرف سبب وفاتهم .. وعندما تكررت حالات الوفاه اجتهد الاطباء كثيرا لمعرفه السبب .. فقد لاحظوا بأن كل من توفى كان يعاني من (نوبه سعال ) وزكام .. ولكن هذا ليس بالسبب الذي يجعل الناس تموت .. وعند مزيد من التحقق والفحصوات وجدوا بأن الجميع تناول ( عقار او دواء ) يحمل نفس الاسم وهو دواء مضاد حيوي للسعال والزكام .. وعند جلب عينه من هذا الدواء وتم فحصه وجدوا بأن هذا الدواء تركيبته ليس بالتركيبه الطبيه المدروسه والمجربه والخاضعه لمعايير صناعة الدواء بما يتوافق مع الطب .. لقد كانت تركيبته خاطئه مما جعله (دواء سام ) .. وعند التتبع لهذا الدواء وجدوا بأنه رخيص الثمن والمتوفيين هم من الطبقه الفقيره .. لعدم قدرتهم على شراء دواء جيد ومعتمد ومرخص من الصيليات لجؤا الى شراء دواء رخيص تبين فيما بعد انه مهرب ودخل البلاد بطريقه غير مشروعه ويباع بالسوق السوداء وبالقطعه عن طريق مندوبين ( لا يخافون الله ) ولا يهمهم اراوح الناس بقدر ما يهمهم جشعهم وطمعهم مثلهم مثل (تجار المخدرات والسموم ) ... وعند تحويل القضيه الى ( الامن والشرطه ) تبين ان هناك حاويات مليئه بالادويه الفاسده تدخل البلاد عن طريق ميناء ( ميلانو ) الايطالي .. ميناء ميلانو يجمع عنده حاويات كثيره جدا وفوق التصور فضغط العمل والرشاوي وشراء الذمم والضمائر من موظفي الجمارك والمراقبين والعوز والفقر يدفع بهؤلاء الى تمرير هذه الحاويات الى الواجهات المقصوده بدون اتلافها او ظبطها او تحويا اصحابها الى الشرط والقضاء.
اين يتم صناعة هذا الدواء ؟ .. وكيف يتم شحنه بالحاويات الى الدول الفقيره والمتخلفه والفاسده بأنظمتها ؟ ... تبين ان هناك عصابات متخصصه بصناعه الادويه عن طريق الاستعانه ببعض مصنعي الادويه المشتراه ذممهم حيث يقومون بتحليل دواء معين معروف ومشهور ومضمون ويعرفون تركيبته وكون المواد الداخله بصناعته مكلفه نوعا ما مما تجعل قيمه الدواء غالي نسبيا فهم يتعمدون بوضع او استبدال تركيبه الدواء الاصلي بتركيبه قريبه منه مكونه من مواد متوفره ورخيصه الثمن ولها اثار جانبيه قاتله (وذات سميه ) وممنوعه دوليا وطبيا استخدامها .. والهدف ان يباع هذا الدواء بثمن رخيص للفقراء وغير الفقراء ايضا مما يحقق لهم الربح الوفير ومما يدفع الناس للاقبال عليه لرخص ثمنه ... ويتم تصنيع هذا الدواء بمستودعات وشقق وبمناطق لا تثير الشبهات وغرف غير مهيئه صحيا ايضا ... ومن ثم يقومون بتغليفها وتعبئتها ووضعها بحاويات واخراجها من البلاد بالرشاوي وشراء الذمم ايضا الى ميناء ميلانو .. ويتعمدوا ان يرسلوه الى ميناء (ميلانو) لمعرفتهم الضغط الكبير على هذا الميناء مما يتيح لبضاعتهم الفاسده ان لا تخضع للرقابه المرجوه .. ثم تذهب هذه الحاويات الى البلد المقصود والمراد بيع البضاعه فيه .. ويتعمدون ان تذهب بضاعتهم الى دول فقيره والفساد متغلغل بها وتدخل البضاعه تحت مسميات مختلفه ( معجون اسنان .. مبيدات حشرات .. مواد بناء .. الخ ) .. تكون معاملتها الجمركيه ومعاملتها الخاصه بالشحن مغلوطه ومموهه .. وهذه العصابات لها اعضائها وافرادها بكل مكان وبالتسلسل منذ البدايه ( تصنيعها ) الى ان تنتهي بأيدي الناس... ميناء ميلانو احد الموانئ التي يرتاحون للتعامل معه لانه يصدر ويستقبل ويوجه تقريبا اكثر الحاويات من العالم وللعالم.. ميناء حي ونشيط الى ابعد حي .. مع اخذ بعين الاعتبار بأن هناك موانئ اخرى يستغلونها في انحاء العالم ما دام هناك تبيع ضمائرها ولا يهمها سوى المال .. بالمال تستطيع ان تبيع وتشتري اي شيء عند النفوس الضعيفه والمريضه.
والأن ...
هناك امور اصبحت تراودني عندما اشتري .. استعمل .. اي دواء ؟ .. نحن هنا بالاردن والحمد لله يوجد رقابه ممتازه على الادويه .. ومرخصه وخاضعه للرقابه والفحص .. والادويه الداخله الى الاردن والمصنع منها داخليا ايضا على درجه عاليه من الجوده .. وهذا معروف ومشهود له بكل انحاء العالم ... ولكن هذا لا يعني ان نرخي الحبل بهذا الموضوع الحساس .. فسوق السوداء والتهريب لم يبقي شيء الا وتاجر به .. حى اعضاء البشر يتاجر بها .. يجب ان تبقى العيون منفتحه على مدار 24 ساعه .. للرقابه والتاكد والفحص ومراقبه كل الادويه بجميع انواعها ومصادرها وتاريخ تصنيعها وتاريخ انتهائها والجهه المصنعه واسمائها والجهات التي تبيعها الى غيره من الامور التي تضمن ان يصل الدواء الى أيدي الناس بطريقه سليمه ونظيفه ونافعه .
يصادفني كثير من الناس انهم يحملون معهم ادويه يجلبونها معهم من الخارج .. صدف اني كنت اعاني من الزكام والسعال وجائني صديق لي مقيم (بكندا ) .. وعندها شفق على حالي واعطاني دواء مشيرا لي بأ، هذا الدواء قوي جدا وهو خاص بالزكام تصنعه كندا .. وكندا مشهوره بأدويه الزكام والسعال عالميا لأن بلادهم تعاني دائما وعلى مدار السنه من البرد والثلوج وشعبها دائما معرض للاصابه بالزكام والسعال لذلك بحكم حياتهم واالبيئه الموجوديين بها فقد برعوا بأنتاج وتصنيع ادويه الزكام والسعال بما يتماشى مع طقسهم ومناخهم .. والسؤال كان .. هذا الشخص القادم من كندا ومعه دواء سعال او زكام ما الذي يضمن لي انه مهرب ويباع بالسوق السوداء بكندا ..وما ادراني انه منتهي مفعوله وسام وخطير وممنوع دوليا وعلى القائمه السوداء ؟ .. ربما صديقي اخذه من صديق له اخر.. هل صديق صديقي ثقه ؟ هل صديق صديقي اشترى الدواء من مكان معروف ومرخص وجيد ومراقب من قبل الدوله ؟ .. ام ربما انه اشتراه من احد الاشخاص بطريقه غير مباشره وهذا الشخص (مهرب ورجل عصابات ) ويتاجر بالادويه المسمومه والفاسده والادويه التي تركيبتها غير صحيحيه .. هناك كثير من الناس تأحذ من ناس اخريين ادويه .. من الداخل او الحارج .. الم يسأل أحدهم او يخطر بباله ربما هذا الدواء غير صحيح وفاسد وقاتل .. ؟ هنا يجب التوعيه ويجب ان لا يأخذ اي شخص دواء من اي شخص اخر او يسترخص دواء وعليه يجب ان يعتمد المراكز الصحيه والمستشفيات والطبيب والصيدليات المرخصه والمعروفه والمشهوره لتناول الدواء ...
بما ان موضوع ( السوق السوداء) موجود وهذه حقيقه ثابته بكل دول العالم .. لكن الدول التي تنعم بالاستقرار تحد من نشاط هذا السوق .. اذا عمت الفوضى بأي بلد بالعالم مهما كانت اسبابها .. نجد فورا تنشط هذه الاسواق وتبيع اي شيء غير مباليه بأرواح الناس وغير مباليه ايضا بتنميه دولها وغير مهتمه بالقوانيين والتشريعات والثورات والمظاهرات ولا يعنيها امر الاصلاح او التغيير .. على العكس هناك عصابات تنتهز فرصه خراب الدوله والفوضى والهيجان لتأخذ راحتها بترويج بضاعتها الفاسده بجميع انواعها هي تجدها فرصه بغياب القانون والمراقبه والنظام .. لذلك كنا دائما ندعو الى اي عمليه اصلاح او تغيير يجب ان يتم ( بالحوار ) والبعد عن العنف وهذا الكلام لا يقتصر على الاردن فحسب بل كل دول العالم بلا استثناء .. على الاقل لنأخذها من باب ان لا نسمح لاصحاب النفوس المريضه بالمتاجره بالبشر وترويج بضاعتهم استغلالا للظروف التي تنجم عن الفوضى بالبلد .. الشعب حينها سيلجأ الى شراء ادويه مهما كانت او اغذيه بسبب عدم توفرها او التي كانت الدوله قد وفرتها للشعب عند استقرار النظام .. عند ما تعم الفوضى يصبح االشعب مضطرا لشراء اي حليب مثلا لاطفاله موجود بالاسواق وقد يكون مسموما وغير صالح.. الخ ..
ومن الملاحظ .. رغم قيام النظام واستقرار دول الا ان (السوق السوداء) والعصابات تمارس نشاطها .. ورغم الرقابه ورغم العقوبات الا ان هذه الحاله موجوده ولكن بنسب .. في حاله استقرار النظام تكون النسب قليله ومسيطر عليها ومحصوره .. اما اذا غاب النظام وعمت الفوضى هنا الكارثه نخشى ان يمسك الاقتصاد رجال العصابات عن طريق استغلال ظروف الناس ولكن حينها سينتقل رجال العصابات والمهربين من العمل بالظلام الى العمل بالنور و(ببدلات انيقه) تحت مسميات رجال اعمال مستثمرين خبراء .. الخ .. كما حصل (بروسيا ) نأخذها كعينه ليست ببعيده .. الان من يمسك الاقتصاد هم المافيا تحت مسميات رجال الاعمال لأن انهيار دوله (الاشتراكيه ) واعاده بناءها كرأسماليه هذا التحول الكبير جعل البلد ( روسيا ) تدخل بفجوه وفراغ كبير اثناء عمليه الانتقال والتحول وهذا الفراغ استغلته ( المافيا ) وسددت الفجوه باعمالها القذره وتسويقها لبضاعتها الفاسده وما نذر الصالح منها... وانتقلت اعمالها من مسك عصب الاقتصاد الى التدخل بالشؤون السياسيه واقتحامها لايجادد بيئه وقوانيين على مقاسها تخدم مصالحها .
والأن ...
ثورات الربيع العربي .. الجميع مع التغيير .. وضد الانظمه الديكتاتوريه .. والشعب له الحق بأن يكون له مطالب مشروعه .. ونجحت ثورات كثيره .. وهناك ثورات بطريقها للنجاح .. لكن على اصحاب الثورات بعد ان تخلصوا من (الديكتاتوريات ) عليهم فورا ان ينتبهوا بالدرجه الاولى وذات اولويه قصوى الى ( الامن الوطني ) الداخلي والخارجي ثم الى ( الامن الغذائي ) ثم الى (الامن الاجتماعي) ثم الى ( الامن الاقتصادي ) ثم الى ( الامن السياسي ) بالتسلسل .. لكي تؤتي الثورات نجاحها .. وألا اذا اختلفت الاولويات ستستغل هذه الفجوات من قبل اصحاب النفوس المريضه لكي يمسكوا زمام الامور ويتوجهوا بالدوله الى الانهيار الكامل والفوضى والفساد والحروب الاهليه والعصابات .. (وكأنك يا ابو زيد ما غزيت ) .. على العكس (الهروب من انظمه ديكتاتوريه سائده وفاسده الى انظمة عصابات حاقده وفاسده) .
المرحله حساسه وخطيره .. والحاله برمتها تحتاج الى عقول مدبره وحكيمه وحازمه .. لا تهاون بأمن المواطن والوطن .. ولنستفيد من تجارب غيرنا .. هناك دول انتهت من الثورات والان هي بحاله تخبط وفوضى .. والادهى والامر هذه الحاله من الفوضى يا ليتها تبقى تخص الدوله بعينها ولكن من الملاحظ انها تؤثر وستؤثر على من حولها والدول المجاوره ..
المطالبه بالتغيير بالحوار او بالمظاهرات السلميه او غير سلميه بالنهايه سيقودنا الى مواجهه الواقع .. والواقع يقول بما أن الغايه والهدف بالنهايه هو ( الحكم للشعوب ) . لذا ومن المؤكد انه سيحصل نزاع بين هذه الشعوب .. الكل يريد ان يأخذ حصته من الثوره .. نفس الفصيل ونفس المبدأ ونفس الفكر ونفس الرابطه ونفس التوجه ( انقسم على نفسه ) مائه شعبه ومائه مذهب ومائه مدرسه ومائه نظريه ... والله لا ادري اي دستور ستضعه هذه البلاد .. ( هل يعقل ان يكون دستور الامم ( دستور كوكتيل) .. من كل قطر اغنيه .. مثلا احدهم يحرم التعامل مع البنوك والاخر يحلل التعامل مع البنوك واحدهم يريد بنوك ذات توجه معين واخر يريد ان يودع بالبنك بدون فائده واخر يريد ان يأخذ فائده من البنوك بدون ان يودع مال فيه ( احدى النظريات ) .. وعلى هالموال .. هل يعني نجاح ثوره ما عندها نقف ؟ .. ما بعد الثوره ما المطلوب .. انا اكاد ان اجزم بأننا سنصبح عرب مستعربه .. كل قبيله او عشيره او عائله او طائفه او حزب او مجموعه .. او مدرسه فكريه معينه .. ستنطوي على نفسها وتعيش بكنتونات مغلقه اشبه بالحكم الذاتي داخل كل دوله .. لن يكون هناك انصهار فيما بينها كمجتمع موحد وكدوله موحده .. وهذا ما يريده الغرب .. نحن نكون اختصرنا على الغرب اشياء كثيره ..
انا لا اقول انني ضد ثورات الشعوب العادله والمحقه .. نحن جميعنا مع التغيير اعيد واكرر .. لكن هذا لا يعني بأن مخاوفنا ما بعد الثورات تجعلنا امام تخبط وفوضى وانهيار .. وكأن سائل يسأل .. ماذا تريد .. اتريد ان تبقى الانظمه الديكتاتوريه قائمه لضمان عدم انقسام الشعب وانهيار الدوله ؟ .. واجيب .. لا بالعكس يجب على الانظمة الديكتاتوريه ان تزول وتختفي ويحل محلها الديمقراطيه والتعدديه والعدل والحريه .. لكن ما اريده ان تنتبه الناس بأن الثورات وما بعدها تحتاج الى شيء من المعجزه لاعاده تنظيم وتوافق وترتيب الدوله وبناء دستور .. وانا شخصيا اذا سأني احدهم كيف تريد البلدان التي انتهت من ثوراتها ؟ .. اجيبهم .. وبصدق وهذا رأي الشخصي .. انا ضد ( الأئتلاف ) بجميع ابعاده ومكوناته وفكرته .. الحزب الذي يحوز على اكبر عدد اصوات واختاره الشعب هو من يشكل الحكومه ويضع الدستور بما يتوافقع مع عقيدته ومبادئه ونظريته وبرنامجه وفكره ) بدون استثناء . . (ديني .. علماني .. ليبرالي .. الخ ) وان يلتزم الشعب برأي الاغلبيه لان هذا هو سبب قيام الثورات .. ولا مجاملات بالسياسه ولا بالديمقراطيه .. الائتلاف يميع الامور .. في حين الحزب الذي انتصر وحاز على اكبر عدد الاصوات لن يكون ببرنامجه او عقيدته ظلم لاحد .. لكن السياسه العامه للحزب المنتصر يجب ان تكون ضمن برنامج هذا الحزب وافكاره فقط .. وبعد انتهاء مده حكمه وبعد ان تكون الناس جربت قيادته وحكمه عليها بعد ان تختار اما باعاده ترشيحه او اختيار احد اخر.. يجب ان لا يكون هناك نزاع ومجاملات بين الاحزاب وخاصة المنتصر والحائز على اكبر عدد للاصوات .
وبالنهايه .. السياسه لا مجاملات بها .
والسلام عليكم .
Burhan_jazi@yahoo.com