“كورونا”.. ولغة التهديد

اخبار البلد - 

 

في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الآفتين القاتلتين، الفقر والبطالة، وذلك بالتزامن مع اقتصاد متعثر، لا يعلم مآلاته إلا عالم الغيب، تُصر الحكومة على استخدام مصطلحات من قبيل التهديد والوعيد، بحجة الخوف على المواطن، ومنع انتقال العدوى.
الرئيس بشر الخصاونة أكد، في اجتماع لمجلس الوزراء، يوم الأحد الماضي، "ضرورة عدم التهاون في تطبيق ما ورد من إجراءات واشتراطات في أمر الدّفاع رقم 32 لسنة 2021”.. هذا "الأمر”، الذي يُجبر العاملين والموظفين في منشآت القطاعين العام والخاص على تلقي لقاح فيروس كورونا المستجد.
الحكومة التي صرحت مرارًا، وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها، بأنها لن تلجأ إلى إجبار المواطن على تلقي مطعوم "كورونا”، تتراجع عن ذلك بإصدار أمر دفاع، يُجبر المواطن على الإقدام على تلك الخطوة، وإلا فالخيار الثاني هو عمل فحص "بي سي آر”، مرتين كل أسبوع، يومي الأحد والخميس.
ذلك خيار، ليس بسهل أبدًا، وقد يكون كذلك بالنسبة لموظفي القطاع العام، الذين يُتهمون بأن دوامهم "مرن، سلس، سهل”.. أما موظفو القطاع الخاص، فذلك صعب عليهم، لا بل صعب جدًا، فعندما لا يلتزمون بتلقي اللقاح، عليهم اللجوء إلى الخيار الآخر، وهنا تكمن المشكلة.
إذ كيف، سيغض صاحب العمل النظر عن العامل لديه، يومين في الأسبوع الواحد، لكي يأتيه بفحص "كورونا”؟، والجميع يعلم كيف لا يترك رأس المال حيلة لــ”مص” دماء عامليه، سواء كان في ساعات الدوام أو بالأجرة التي يتقاضاها، فهو يتحين كل فرصة للنيل من راتبه أو أجره، ولا يترك "حيلة” إلا ويمارسها في سبيل ذلك.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، قد يشكل هذا الأمر فرصة لدفع العديد من أصحاب العمل، للتخلص من الموظفين والعاملين لديهم.. والحجة جاهزة، لا بل أصبحت "مقوننة”، وهي تنفيذ أمر دفاع.
لسنا من دعاة وجود "مؤامرة”، ولا الابتعاد عن تلقي المطاعيم، فالجميع يعي ويعلم، بضرورة ووجوب أن يكون هناك حرص والتزام أكثر وأكثر، خوفًا من انتكاسات صحية، لكن بالمقابل، يكفي تهديدًا للمواطن، الذي أصبح وضعه المعيشي يصعب على العدو قبل الصديق، فأغلبية المواطنين يحصلون، بشق الأنفس، على وظيفة أو عمل يدر عليهم دخلًا، يستطيعون من خلاله العيش "العادي” هم وأفراد أسرهم.
لا أحد يُنكر أن وباء كورونا أصاب العالم أجمع، لكن في نفس الوقت كل دول العالم، وخصوصًا المتحضرة والمتقدمة منها، لم تُجبر أيا من مواطنيها على تلقي ذلك اللقاح، ولم تقم بتوجيه تهديد أو وعيد لشعوبها… فها هي ألمانيا أصدرت قرارًا يقضي بعدم إلزامية تلقي مطعوم "كورونا”.
والمتتبع لدول العالم، يرى بأن شعوبها عادت إلى حياتها الطبيعية، ويرتادون أماكن التسوق بكل حرية، وكذلك الملاعب لمشاهدة الرياضة بأنواعها المختلفة، ومن غير ارتداء الكمامات.. فضلًا عن أن شعوب تلك الدول يقيمون تجمعات، بشتى أنواعها، بلا أي رقابة، الأمر الذي يدل على أن تلك الدول أيقنت بضرورة العودة إلى الحياة الطبيعية، على قاعدة أو نظرية "البقاء”.
فهل نحن أحرص على حياة المواطنين من تلك الدول المتقدمة؟ التي تحترم وتجل مواطنيها وعقولهم وآراءهم وطروحاتهم، لا بل يصل الأمر إلى حد تقديس فكرهم وتوجهاتهم!.