السياسة البريطانية الأمريكية ..اختلاف في اختيار طريقة الموت
أخبار البلد-
كلمات بسيطة تخرج من أفواه السياسيين تظهر ما يخفى في الصدور أو تظهر مدى جهلهم في القضايا العالمية، لكن في نهاية الأمر تكشف عن أسرار لا يمكن توقعها بل قد تُظهر أن الأصدقاء في العلن هم متنافسون في السر على إقتسام ما بقي من مصادر لثروات العالم، وقد يعود ذلك لعدم تقاسم غنائم السرقات الماضية بعدالة، مما يجعل اللصوص يتكشفون، هي كلمات بسيطة لكنها تحمل معاني عميقة تجعل العديد من الدول تفكر جدياً في إعادة حساباتها بحثاً عن الجهة الرابحة والقادرة على توفير فرص البقاء للطرف الأضعف، والصراع هنا دوما يكون بين القوة والعقلانية والخداع، وفي النهج القويم تنتصر العقلانية كون الخديعة تتكشف والقوة تزول.
هذه هو الوضع السائد في عالم الصراعات الدولية والذي بدأ يظهر في التنافس بين الصراع الأمريكي البريطاني في نشر سياستهما في العالم، فالولايات المتحدة تبحث عن أصدقاء جدد تعول عليهم في الشدائد والملمات، على أن يكونوا شُركاء كاملي الشراكة في الحرب أولاً ثم السلم كمرحلة ثانوية، وربما تتفق مع بريطانيا في هذا التوجه وبالذات بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ورغبتها الجارفة في الحفاظ على إرثها التاريخي عبر علاقات عابرة للقارات تتميز بسياسات قادرة على إحدث المطلوب والحفاظ على المرغوب.
والغريب في الواقع وليس بغريب في عالم السياسة أن الولايات المتحدة تحتاج إلى السياسة البريطانية في تضليل العالم لتحقيق المآرب الصعبة، كما حصل في عملية غزو العراق التي لم تكن لتتم بالنهج السياسي الامريكي والذي اثار الكثير من المشاكل لواشنطن حين أكثر سياسيوها من التصريح وثبت جهلهم وحمقهم، ليتم الإستعانة بتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا، ليكذب على العالم بطرق شتى حتى تم المراد بتدمير العراق، وبالتالي هما يختلفان حالياً في العلن لكنهما يتفقان في الباطن والجوهر، كون الخروج البريطاني من الإتحاد الأوروبي اسعد الأمريكين كونه أضعف قوة الإتحاد.
ما بين السياسة الأمريكية والبريطانية فوارق قد تناسب البعض لكن البعض الآخر يرفضها، فسياسة واشنطن قائمة على القهر فمن ليس معي عدوي، كما ترفص إمساك العصا من المنتصف للبحث عن الحلول، ولا تملك في سياستها إلا لونين هما الأبيض والاسود وهذا ضعف وفقر سياسي يُضعف من قدرة الدولة على المناورة السياسية في القضايا الهامة، فيما السياسة البريطانية تملك الألوان جميعا وأهما الرمادي الذي يتيح لها فرصة التحرك بالخفاء وتمرير القرارات بسهولة أكبر لتتحق المآرب المطلوبة بسهولة، وبالذات في العلاقات الخارجية مع الأصدقاء والأعداء كما أنها تجعل شركائها يشعرون بمعنى الشراكة على عكس الأمريكية القائمة على التبعية.
ومن الفوارق بين السياستين أن البريطانية قادرة على صناعة الأعداء الأصدقاء بسبب قدرتها على معرفة حاجة عدوها فتلبي حاجته دون أن يطلب، من خلال موقف سياسي غير مطلوب منها أو دعم في وقت عسرة، وبالتالي يشعر عدوها بأن عدو عاقل خير من صديق جاهل مما يقارب المسافات بين الدولتين، فيما السياسة الأمريكة قادرة وبغباء على صناعة الأصدقاء الأعداء لرغبتها في السيطرة المُطلقة على القرار وتتعامل مع أصدقائها كتابعين وهذا يزيد من عدد الأعداء في التحالفات الأمريكية القائمة ولغاية الآن على لغة القوة، مما يعني أن قواعد اللعبة قد تتغير وتتحول الصداقات كما حصل خلال جائحة كورونا حين أدارت ظهرها لأصدقائها مما فتح الباب أمام الصين لإقامة علاقات قوية مع عديد الدول.
لقد ظهر أن النهج الأمريكي لا يتغر وأنه قائم على القهر وعلى نظرية "إبادة الرجل الأحمر” لإقامة دولة، وبالتالي لن يضرها إبادت العديد من الأصدقاء قبل الأعداء لتحقيق رفاهية المواطن الأمريكي، وحتى حين تقدم الدعم تسعى لشراء المواقف السياسية وليس الإنسانية، وقد لا تختلف السياسة البريطانية في عديد المواقف لكنها تتصرف بذكاء يحافظ على كرامة الدولة، لكن في المحصلة لن يقدم اي منهما مصلحة الصهاينة على مصلحة اي دولة في العالم وهذا درس تعلمه العديد من شركاء واشنطن، بإنتظار أن يتعلم العرب هذا الدرس الذي يبين كيف تُدار الأمور وأين تقف واشنطن ولندن في صناعة السياسة العالمية والتي يجب أن تكون في نهاية الأمر بخدمتيهما، مما يجعلنا نشعر ان الفارق يقتصر على اختيار طريقة التبعية والموت