يا ما في الشوارع والسجون مظاليم
اخبار البلد-
سأعرض واقعة كما شهدتها قبل ايام واضيف إليها حكاية أخرى تدور في ذاكرتي منذ ثلاثة عقود.
سأسرد الواقعه أولا ثم الحكايه بعدها.
الواقعه وباختصار شديد. ان أحدهم وضع يده على مؤخره سيارة أنثى فقذفته بحذائها في الحال . وهي حادثة حقيقة وقعت امامي بالصدفة أثناء تواجدي وسط جموع المتسوقين المحتشدة في السوق ليلة العيد، وقد مر الحذاء على مقربة مني بسرعة البرق وكاد يلامس انفي قبل ان يرتطم بخاصرة الجاني أو من كانت تظن انه جاني .فيما توقفت انا عن المسير لمتابعة تطورات الحدث. أعاد احد الماره إليها الحذاء ، دست فيه نصف قدمها وجرت نحو الفتى لاستكمال العراك .وقبل ان يعرفوا الحقيقة تفجر الحماس عند بعضهم وتطوعوا للدخول في جو المعركة للذود عما كانوا يعتقدون انه الشرف العظيم ، شتمه أحدهم وصفعه اخر، وامسك به ثلاثة رجال آخرون من عابري السبيل وصلوا للتو ولم يشهدوا وضع اليد على المؤخره ولا قذف الحذاء وسألوها ان كانت تريد الإبلاغ عنه والشكوى عليه.
وتكاثف الناس في اللحظة وهبطوا إلى الشارع في وقت واحد ، وازدحم المكان وظنوا به ظن السوء ، وتوقفت لفتره حركة السير.
بالنسبة لها كانت مجرد نوبة غضب عابرة ، وكانت تدرك ان المسألة تخلو من التحرش . ولم تكن نية الفتى تتجه لهذا التصرف. مجرد حركه عبثية طائشة قام بها بالضغط على مؤخره السياره أثناء توقفها الى أسفل مرات متتاليه ما جعلها تتارجح لبرهة دون أن يتوقع تبعات ذلك العبث الساذج، وهذا كل ما في الامر.
قبل ثلاثة عقود، وفيما انا خارج من المحكمه بعد أداء الشهاده في قضية كبرى بحكم وظيفتي كضابط تحري وتحقيق. .. فيما انا خارج من هناك صادفت شخص اعرفه... قلت له خير انشالله. عسى ما في شي؟ . قال اخي جرى توقيفه اليوم، ادعت عليه امرأة بالتحرش وهتك العرض والاغتصاب أثناء قيامه بتوصليها الدائم من منزلها إلى العمل، اشتكت اليوم مدعية ان ذلك حدث قبل خمسة سنوات. بعدها ترك العمل على سيارة الاجره ولم تشاهده منذ ذلك الوقت حسب اقوالها.. ثم قال إنها تبدو غير طبيعية وتعاني من حالة ما . ادعت على أكثر من خمسة عشر اخرين بذات التهم وتم توقيفهم أيضا. قدمت قائمة طويله بأسمائهم، كل مره تتذكر اسما جديدا وتضيفه إلى لائحة المغتصبين بلا بينة أو دليل.
واضاف الشخص الذي اعرفه . وقعنا الان في دوامة السجون والقيود الجرمية... كفالات ومحامون، وتعطل أو فصل من العمل وسمعه سيئة، ومشاكل عائلية قد تنتهي بالطلاق وتشتت الأسر والعالم بكل من فيه لا يرحم الأبرياء.
هذه معضله مزمنه في العدالة القانونية والاجتماعية. يوقف أبرياء ويودعون إلى القضاء على أثر شبهة أو ادعاء كاذب عن سرقه أو إيذاء أو حتى جناية كبرى ويطلب منهم إثبات العكس والاتيان بدليل على برائتهم ويعجزون عن ذلك، وقد لا تظهر برائتهم الا بعد سنين وتكون حياتهم حينها قد دمرت تدميرا.