إعراب الجملة الخليجية..كيف؟!
أعتقد ان اعراب الجملة الخليجية، بخصوص دعوة الاردن للانضمام لمجلس التعاون لا يحتاج إلى كل هذا الكم من الاجتهاد والارتجال..فأقصى الطرق الى الصواب هي الحقيقة، وتقبلها على صعوبته أحياناً يوقف الخطأ..
وكلام المسؤولين الخليجيين أصبح واضحاً والرد عليه لا يكون إلا بالحوار العميق وعبر القنوات السياسية والدبلوماسية الهادئة من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة وخاصة العلاقات الثنائية مع كل بلد خليجي وهي علاقات مميزة..
لا أعتقد أن اعراب الجملة الخليجية صعباً لمن يعرف النحو الخليجي ولكن صعوبة الاعراب واستعصاء القدرة عليه تبدأ حين تدخل أجندات مختلفة على الحالة ويأخذ الارتجال شكل الفزعة التي تفسد الأمر وتجهض المحاولات الجادة..فيسمح لكل من هب ودب أن يعكس مصالحه الفردية على حساب مصالح الدولة الأردنية..
أنا ضد الحجر على أي رأي من اي مواطن مهما كان موقفه وموقعه شريطة أن لا يتجاوز إبداء الرأي اللياقات المعروفة والحرص على علاقات الأخوة ضمن المعايير الدارجة حتى لا يبيع علينا أحد الشتائم المقذعة وتدمير الصلات باسم حرية التعبير..
قرأت واقع اللحظة الراهنة واستفدت مما توفر لي من معلومات واتصالات في زيارتي لسلطنة عمان والأخرى الأخيرة إلى دولة الامارات وقد التقيت بالعديد من الآراء في مستويات مختلفة وفي كل تلك الآراء التي أتفق معها والتي لا أتفق ظل الحرص بادياً ومؤكداً على ضرورة استمرار العلاقات الأردنية مع المنظومة الخليجية في أحسن أوضاعها وظل منطق الخلق والأدب واضحاً في التعليق على ذلك..
ما ذكره لي الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية في إجابته على سؤالي حول الموقف من دعوة الأردن لعضوية مجلس التعاون الخليجي كانت واضحة وهي تتساوق وتتطابق الى حد كبير مع موقف دول المجلس الأخرى مثل موقف سلطنة عمان الذي سبق موقف الامارات وكذلك الموقف القطري الحريص أيضاً والذي استمعت اليه من السفير القطري في عمان مانع الهاجري وأعتقد أن وزير الخارجية ناصر جودة هو الأكثر معرفة ولا يجوز محاصرة رأيه في الشارع..بمثل هذه التعليقات التي نسمعها ونقرأها على المواقع فهو يدرك أن هناك وجهات نظر عديدة لا بد من تقريبها واعادة صياغتها وهو يفعل وأن هناك ما يستطيع الأردن أن يقدمه وهناك ما لا يستطيع لأن ذلك جزء من تركيبته الاجتماعية والسياسية والثقافية..واذا كان الوزير ناصر قد بدأ متفائلاً ونشر تفاؤله في تصريحاته المعكوسة على داخلنا الأردني فذلك من سمات الدبلوماسية التي لا تعمد إلى المواجهة المباشرة وانما إلى التفاؤل الهاديء..
أقول للوزير النشيط جودة «إن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً» وأنا أقدر له دوره وأعرف معاناته في هذا المجال ومحاولته اعراب الجملة الخليجية أمام صخب محلي هنا وقد لا يتفهم وقد لا يريد البعض للمحاولة الأردنية أن تستكمل شوطها لادراك النتائج بغض النظر عن التفاؤل أو التشاؤم!!...
ما زالت المحاولة لاعراب الجملة الخليجية بخصوص العضوية قائمة واذا لم تنجح هذه المحاولة وهذا أمر يجب أن يكون طبيعياً وموضوعياً وأن يجري التعامل معه بواقعية وقبول فليس معنى ذلك أن نخسر ما تحقق من علاقات مميزة عبر السنوات الطويلة الماضية من علاقات جرى بناؤها بحرص حين تبدأ أطراف غير مسؤولة بالنيل من هذه العلاقات..
لنا مصالح كبيرة وواسعة مع دول الخليج ولا نريد أن نكرر أخطاء جرى الوقوع فيها في الماضي وقد دفعنا ثمنها حين دفع أبناؤنا العاملون هناك الثمن..قد لا تكون الاشتراطات الخليجية المعلنة لانضمام الأردن للمجلس هي وحدها الكافية فقد تكون هناك شروط أخرى غير معلنة لهلا علاقة بطبيعة التركيبة السياسية والاجتماعية الأردنية وتحولاتها الجديدة في ظل الربيع العربي وصعود الاسلاميين وحركات الاحتجاج وقد تكون دول الخليج المحافظة تخشى ذلك وتخشى أن يصدر الى تراكيبها ما لا تستطيع أن تحتويه وبالتالي تخشى من احداث متغيرات على بناها التي ما زالت تتوافق عليها..إذن لننظر الى مصالحنا ولنقدر أيضاً كيف يفكر الآخرون فإذا ما أدركنا ذلك بالحوار أصبح سهلاً اعراب الجملة الخليجية التي ما زالت حتى الآن ممنوعة من الصرف..