أين "إسرائيل" من الأزمة السوريّة؟
لم يعد سيناريو "إسقاط نظام" الرئيس السوري بشار الأسد سيناريو ممكن الوجود. المواقف والتحليلات التي تصدر من هنا وهناك، وتتحدث عن "إسقاط النظام"، باتت مواقف "عدة شغل" الهجمة على هذا البلد، ولا تعدّ بالضرورة تعبيراً عن قدرات فعلية متاحة في أيدي المهاجمين. وصلت الحرب على سوريا، كجهة أساسية ومركزية في محور المقاومة، إلى حائط مسدود. مع ذلك، الهجمة ما زالت حية، ولم تلفظ أنفاسها، ولا يُقدّر لها أن تلفظ أنفاسها قريباً. ويمكن وصف مشهد المواجهة كالآتي: بدأت سوريا تنفلت من أزمتها التي أُريد أن تصل إليها، وفي المقابل، يفقد أعداؤها القدرة على الانتصار، ولا يريدون التراجع إلى الخلف والاستسلام.. وهو واقع يشير إلى أن وجهة الحرب باتت حالياً في اتجاه واحد: جهود للمحور الأميركي لإبقاء الأزمة على حالها، وإشغال النظام والمحور التابع له في الساحة السورية لأطول فترة ممكنة. أي محاولة إبعاد هذا المحور عن استحقاق انتصاره على المحور الأميركي.
تعذَّر الخيار العسكري ضد سوريا ليس نتيجة موازنة بين النتائج والأثمان وحسب، بل نتيجة عوائق وموانع مادية، تحول دون استخدامه، بدأت تتكشف أخيراً، فيما العقوبات دونها أيضاً عوائق، ليس أقلها أنها ترتدّ سلباً على المعاقبين، عدا عن قدرة محور المقاومة على تعويض الخسائر، ما يحول دون فاعليتها المتوخاة. في الوقت نفسه، وهو الأهم، أثبت النظام في سوريا، رغم أشهر طويلة من الهجمة بكافة أنواعها ومستوياتها، تماسكه ومنعته داخلياً، بل إن الإجراءات العربية الأخيرة، كما يتبيّن من ساحات المدن السورية، زادت من منعته، وهي نتيجة مناقضة لما أراده عرب أميركا.
أين إسرائيل في ظل انسداد أفق الهجمة على سوريا؟
لا تختلف كثيراً مصلحة إسرائيل عن المصلحة الأميركية والخليجية إزاء سوريا: إما "إسقاط النظام"، وإما إبقاؤه في دائرة الاستنزاف الداخلي. وفي كلتا الحالتين تحييد دوره أو إنهاؤه، في محور المقاومة. والحديث الأخير لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد يشير إلى أن إسرائيل عادت وجدّدت رهاناتها على إسقاط النظام، على خلفية الحراك العدائي الخليجي تحديداً، إذ قال "إسرائيل ترى في توجّه جامعة الدول العربية ضد سوريا تطوراً مهماً يقرّب الرئيس السوري من نهاية حكمه"، مع إعادة التنبّؤ "بسقوط النظام" خلال أشهر، وأن ذلك يفيد "إسرائيل" في كسر محور المقاومة.. في الوقت نفسه، برزت خشية إسرائيلية، وإن يتيمة حتى الآن، عبّر عنها رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، من إمكان تمدّد سيطرة الإخوان المسلمين على أكثر من دولة في المنطقة، ومن بينها سوريا، الأمر الذي يعني "تهديداً استراتيجياً على المدى البعيد". وفي الواقع، لا يوجد تعارض بين الموقفين، إذ يوصّف باراك مصلحة إسرائيل في "إسقاط النظام" السوري كفرصة تجبي تل أبيب من خلالها فوائد كبيرة، أما جلعاد فيوصّف مصلحة "سرائيل" في عدم تولّي الإخوان المسلمين للسلطة، كتهديد مستقبلي كامن، خاصة إذا أضيف إلى ذلك نجاح إسلامي في أكثر من بلد عربي.. أي إنهما يوصّفان الفرصة والتهديد الإسرائيليين المتلازمين في مآلات الساحة السورية، على فرض "سقوط النظام" فيها.
من جهة ثانية، وأساسية، يصعب التصديق أن الاستخبارات الإسرائيلية غير مدركة أن النظام في سوريا بات منيعاً أمام الهجمة، ويصعب التصديق أن تقديراتها ترى نقيض ذلك، ما يعني أن أحاديث "إسرائيل" عن "إسقاط " الرئيس الأسد، واليوم الذي يليه، غير ذات صلة بتقديرات تل أبيب الحقيقية في هذه المرحلة، بعد أشهر من المواجهة وتبيّن منعة النظام، إلا إذا أريد إسرائيلياً، من خلال التصريحات والمواقف المعلنة، الحثّ على مواصلة المقاربة العدائية ضد النظام، وإشغاله في صراع داخلي وضغط خارجي، من شأنهما أن يحيّدا دوره وفاعليته تجاه "إسرائيل" والمنطقة.. ولجهة الموقف الإسرائيلي أيضاً، يجب استحضار الآتي: أي خيار عسكري إسرائيلي مباشر ضد سوريا بات متعذراً، إن لم يكن منتفياً، في ظل خشية تل أبيب من تبعاته، وإمكان أن ينزلق إلى مواجهة مع أكثر من جبهة، بعيدة كانت أو قريبة، أو أن يسبّب سقوط مزيد من الأنظمة الحليفة لإسرائيل في المنطقة.
في هذا الإطار، يشير نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، موشيه يعلون، الذي يتولى أيضاً حقيبة الشؤون الاستراتيجية، إلى موقف اللاموقف في "إسرائيل"، والمرتكز على حالة الترقّب الذي يسود تقديراتها (الإذاعة الاسرائيلية 29/11/2011)، إذ يقول إن "المواجهات في سوريا تتواصل يومياً، مع سقوط عشرات القتلى، حتى في صفوف القوات الأمنية النظامية، حيث باتت المعارضة أيضاً مسلحة، ولنترك هذه العملية قائمة تسير على منوالها، ثم بعدها نُشغل بنتائجها".
تعذَّر الخيار العسكري ضد سوريا ليس نتيجة موازنة بين النتائج والأثمان وحسب، بل نتيجة عوائق وموانع مادية، تحول دون استخدامه، بدأت تتكشف أخيراً، فيما العقوبات دونها أيضاً عوائق، ليس أقلها أنها ترتدّ سلباً على المعاقبين، عدا عن قدرة محور المقاومة على تعويض الخسائر، ما يحول دون فاعليتها المتوخاة. في الوقت نفسه، وهو الأهم، أثبت النظام في سوريا، رغم أشهر طويلة من الهجمة بكافة أنواعها ومستوياتها، تماسكه ومنعته داخلياً، بل إن الإجراءات العربية الأخيرة، كما يتبيّن من ساحات المدن السورية، زادت من منعته، وهي نتيجة مناقضة لما أراده عرب أميركا.
أين إسرائيل في ظل انسداد أفق الهجمة على سوريا؟
لا تختلف كثيراً مصلحة إسرائيل عن المصلحة الأميركية والخليجية إزاء سوريا: إما "إسقاط النظام"، وإما إبقاؤه في دائرة الاستنزاف الداخلي. وفي كلتا الحالتين تحييد دوره أو إنهاؤه، في محور المقاومة. والحديث الأخير لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد يشير إلى أن إسرائيل عادت وجدّدت رهاناتها على إسقاط النظام، على خلفية الحراك العدائي الخليجي تحديداً، إذ قال "إسرائيل ترى في توجّه جامعة الدول العربية ضد سوريا تطوراً مهماً يقرّب الرئيس السوري من نهاية حكمه"، مع إعادة التنبّؤ "بسقوط النظام" خلال أشهر، وأن ذلك يفيد "إسرائيل" في كسر محور المقاومة.. في الوقت نفسه، برزت خشية إسرائيلية، وإن يتيمة حتى الآن، عبّر عنها رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، من إمكان تمدّد سيطرة الإخوان المسلمين على أكثر من دولة في المنطقة، ومن بينها سوريا، الأمر الذي يعني "تهديداً استراتيجياً على المدى البعيد". وفي الواقع، لا يوجد تعارض بين الموقفين، إذ يوصّف باراك مصلحة إسرائيل في "إسقاط النظام" السوري كفرصة تجبي تل أبيب من خلالها فوائد كبيرة، أما جلعاد فيوصّف مصلحة "سرائيل" في عدم تولّي الإخوان المسلمين للسلطة، كتهديد مستقبلي كامن، خاصة إذا أضيف إلى ذلك نجاح إسلامي في أكثر من بلد عربي.. أي إنهما يوصّفان الفرصة والتهديد الإسرائيليين المتلازمين في مآلات الساحة السورية، على فرض "سقوط النظام" فيها.
من جهة ثانية، وأساسية، يصعب التصديق أن الاستخبارات الإسرائيلية غير مدركة أن النظام في سوريا بات منيعاً أمام الهجمة، ويصعب التصديق أن تقديراتها ترى نقيض ذلك، ما يعني أن أحاديث "إسرائيل" عن "إسقاط " الرئيس الأسد، واليوم الذي يليه، غير ذات صلة بتقديرات تل أبيب الحقيقية في هذه المرحلة، بعد أشهر من المواجهة وتبيّن منعة النظام، إلا إذا أريد إسرائيلياً، من خلال التصريحات والمواقف المعلنة، الحثّ على مواصلة المقاربة العدائية ضد النظام، وإشغاله في صراع داخلي وضغط خارجي، من شأنهما أن يحيّدا دوره وفاعليته تجاه "إسرائيل" والمنطقة.. ولجهة الموقف الإسرائيلي أيضاً، يجب استحضار الآتي: أي خيار عسكري إسرائيلي مباشر ضد سوريا بات متعذراً، إن لم يكن منتفياً، في ظل خشية تل أبيب من تبعاته، وإمكان أن ينزلق إلى مواجهة مع أكثر من جبهة، بعيدة كانت أو قريبة، أو أن يسبّب سقوط مزيد من الأنظمة الحليفة لإسرائيل في المنطقة.
في هذا الإطار، يشير نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، موشيه يعلون، الذي يتولى أيضاً حقيبة الشؤون الاستراتيجية، إلى موقف اللاموقف في "إسرائيل"، والمرتكز على حالة الترقّب الذي يسود تقديراتها (الإذاعة الاسرائيلية 29/11/2011)، إذ يقول إن "المواجهات في سوريا تتواصل يومياً، مع سقوط عشرات القتلى، حتى في صفوف القوات الأمنية النظامية، حيث باتت المعارضة أيضاً مسلحة، ولنترك هذه العملية قائمة تسير على منوالها، ثم بعدها نُشغل بنتائجها".