إرنست همنغواي وزوجاته الأربع

أخبار البلد -

 
ثمة مصطلحٌ في قواميس علمِ النفس يسمّى serial polygamy، يتعلق «بتعدد الزوجات التسلسلي»؛ فما أن يتزوج الرجلُ حتى يعد العدة لعشيقةٍ تكون هي الزوجةَ التالية، ثم عشيقةٍ مع الثانية لتصبح زوجةً ثالثة، وهكذا يستمر المسلسلُ المتشابه في حلقاته. يعتبرُ الكاتبُ الأمريكي إرنست همنغواي خيرَ نموذجٍ لهذه الحالة

تزوج همنغواي بأول زوجاتهِ عام 1921 وهو في الثانيةِ والعشرين من عمره وكانت أمريكية تدعى هادلي ريتشاردسون، تكبره بثمانية أعوام. تم الزواجُ في ولايةِ متشيغان الأمريكية، ثم سافر الزوجان معا إلى باريس، حيث كان همنغواي يعمل مراسلاً لصحيفةِ «تورونتو ستار» كان للزوجين أثناء إقامتهما في باريس بيتٌ في جنوبِ فرنسا يذهبان إليه في العطلات وفي فصل الصيف، وكانا يقضيان الشتاء في النمسا، وكان لهادلي صديقةٌ أمريكية تدعى بولين فيفر، وقع إرنست في حبها، وصارت عشيقته. وفي إحدى فصول الشتاء كانت بولين في زيارة للزوجين في جبال الألب فعاد همنغواي مع عشيقته بولين إلى باريس تاركًا زوجته وطفله وحيدين في جبال النمسا، بعدها بسنوات علمت هادلي بعلاقة زوجها الغرامية مع صديقتها فطلبت الطلاق، الذي تمّ عام 1927، ولم تكن هادلي راضية عن زوجها؛ كانت تقول إن الوقت الذي كان يقضيه في الحانات مع المومسات هو أكثر من الذي يقضيه في بيته مع عائلته. صارت بولين الزوجة الثانية لهمنغواي وكانت تكبره بأربع سنوات. تزوج همنغواي ببولين في باريس، وحرص على أن يكون زواجه دينيا فغير دينه ودخل الكاثوليكية، وتزوجا في كنيسة سان هونوريه في باريس وذهب الزوجان بعدها للعيش في كاي ويست في فلوريدا

في عام 1936 تشتعل الحربُ الأهلية الإسبانية فيدخل همنغواي وزوجته في خلافٍ شديدٍ؛ تقف بولين في صف فرانكو، في ما يكون إرنست في جانب الجمهوريين، حيث يذهب إلى إسبانيا لتغطية الحرب، وهناك يلتقي بمراسلةِ حرب أمريكية تدعى مارتا غيلهورن في فندق فلوريدا، في مدريد، الذي كان يقيم فيه مراسلو الحرب، وكان الكاتب قد التقي بها سابقا في كاي ويست. تصبح مارتا عشيقة لهمنغواي، قبل أن يتزوجها بعد طلاقه من بولين بأشهر عام 1940

يتزوج الكاتب بمارتا غيلهورن، وكانت وقتها تعمل مراسلة حربٍ، وتكتب كما همنغواي الرواية، واشتهرت بأسلوبها الساخر الذي يشبه أسلوب همنغواي إلى حد كبير (حتى أن محبيها قالوا إنها هي من ساعد همنغواي في الانتهاء من رواية الشيخ والبحر وليس أدريانا ايفانسيش، التي لم تكن تجيد الإنكليزية)

اشترت مارتا بيتا في هافانا وكتبت هناك بعضَ كتبها، وجاء همنغواي للعيش معها وكان يكتبان معا في الغرفة نفسها

يذهب همنغواي إلى لندن لتغطية الحرب العالمية الثانية عام 1940 وهناك يلتقي بصحافية أمريكية تدعي ماري ويلش، سرعان ما يقع في حبها وتصبح عشيقته، وفي عام 1945 شرعت الحرب العالمية الثانية تقترب من نهايتها، ويقرر الحلفاء إنزال قوات في منطقة النورماندي الفرنسية، وحين يسمع همنغواي بهذا الأمر يلجأ إلى الحيلة في منع زوجته مارتا من الذهاب إلى لندن لتغطية الحرب، فيذهب إلى الصحيفة قبلها ويوقع عقدا يكون فيه هو المراسل للأحداث من هناك، ولأن الصحيفة لا يحق لها إرسال أكثر من مراسل واحد، لم يبق لمارتا إلا السفر بطريقتها الخاصة، وعندما وصلت مارتا إلى أوروبا قبل همنغواي أرسل إليها الكاتبُ برقية يقول فيها جملته المشهورة «عليك أن تختاري بين سريري وساحة الحرب» لكن مارتا تختار ساحةَ الحربِ، دون أن تعرف أنها بذلك سوف لن تعود إلى بيتها أبدا، ولم يرجع همنغواي مع مارتا بعد نهايةِ الحرب، لكن مع عشيقته ماري ويلش التي أصبحت زوجته الرابعة، بعد مارتا حيث تم الزواج في كوبا في ربيع عام 1946. أخذت ماري مكان مارتا ورفض همنغواي إرسال المخطوطات والأغراض التي تخص مارتا

لم تكن حياة زوجات همنغواى سهلة معه: ماتت مارتا منتحرة وبولين بنزيف في الدماغ وقال ابنهما الطبيب، إن موتَ أمه يعود إلى نزاع حاد بين أبويه

مسلسل زوجات همنغواي لم ينته هنا، ففي عام 1949 يذهب الكاتب إلى فينيسيا لأول مرة ليلتقي بفتاة تصغره بأكثر من ثلاثين عاما، لكن هذه المرة بدا همنغواي بسبب أمراضه رجلاً في الثمانين، وهو لم يبلغ الستين بعد؛ صار سكيرا ومريضا لا يقدر على لعب دور «الذكر الأمريكي» الذي عرف به.