إللّي بيفهم

أنا لا أُدخّن وعائلتنا تخلو من المدخنين باستثناء نفر واحد. ولكنني أحيانا « أعزف على الأرجيلة» في مكان محدد ومع كائنات محددة. أي أن الجلسة محصورة بشخص أو اثنين فقط وتكون « مغلقة «. ولهذا ،» آخذ راحتي» في التأمل و الكلام والتفكير بصوت عال.

أسفل عمارتنا توجد غرفة للحارس، وأمامها « كنبة طويلة تتسع لشخصين، أنا أحدهما . قرابة الثامنة مساء يكون الموعد. « تامر» يجهّز « عدّة» الأرجيلة ، الفحم والمعسّل وكوبين من الشاي « الثقيل».

يرسل لي إشارة عبر « الإنتر كَمّ»، فأهبط مع « أرجيلتي» متدثّرا بعباءة « تونسية» كحلية مزوّدة بقبّعة.

* ميّة مسا.

ـ مسا النور، أبو خالد.

تحية متبادلة مقتضبة ـ حلوة مقتضبة ـ. ثم يبدأ العمل والنميمة واستعراض الكائنات من السكّان: اللي مجوّز جديد. واللي متجوز واللي ناوي يتجوّز على مراته.

البنت اللي مش متجوزة واللي مش عايزة تتجوز واللي حامل واللي بتتعالج عشان تحمل.

قصص « هبلة « ومواضيع « عبيطة «.

يمر بعض السكان ( رجالا ونساء). يركنون سياراتهم ويلقون التحية ويختفون في مصعد العمارة أحيانا « ننمّ « عليهم واحيانا « يفلتون «.

تأتيني بعض أفكار « المقالات» من هذه الجلسات. طبعا حسب نوع «المعسّل» و « النار».

ومن ذلك أننا ( الحارس وأنا ) موضوع الناس التي تختصر عليك الطريق في الكلام والعمل ، وكما يقول « بتجيب من الآخر». وعكسهم الذين يحبون « تعب البال» و» التعقيدات» مع أن المسألة تكون أمامهم واضحة مثل الشمس في عزّ تمّوز.

لاحظنا مثلا ان اصطفاف السيارات امام العمارة يعبر عن فوضى التفكير لدى أصحاب السيارات. ونادرا ما تجد الجميع يوقفون سياراتهم بشكل متواز يسمح لهم بحرية الحركة. أو بعض الذين لا يتوقفون عن التهام السندويشات في المصعد وعند ركوبهم السيارة في الصباح، فينشغلون بالأكل بيد وبيد ثانية يحركون مقود السيارة وسط « غابة « من السيارات والكتل الحديدية. او الذين « يسرقون « لمبات الكراج،

او بعض الذين يلقون زجاجات العصير والمشروبات الاُخرى بجوار موقف سياراتهم . وكذلك بقايا « وجبات الهمبرجر».

وثمة قول شهير للحارس يقول « اللي بيفهم ما بيغلب، المشكلة في اللي ما بيفهم».

وهذا الكلام يلخّص مشكلة الناس في العالم كله.

« اللي بيفهم»

وين « اللي بيفهم» بس؟!



talatshanaah@yahoo.com