هل تفعلها مصر و تهاجم السد الإثيوبي؟

أخبار البلد-

 
إنه السؤال الاكثر طرحا على مدار الشهرين الفائتين؛ هل ستهاجم مصر اثيوبيا في حال ملء السد؟ سؤال يزداد إلحاحا بعد اعلان اديس ابابا بدء المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، متجاوزة بذلك كل الجهود الدبلوماسية المصرية، ومتجاهلة المناورات العسكرية التي أجرتها القاهرة تحت اسم حماة النيل في السودان ومناورات قاهر.

الاسوأ من ذلك ان جنرالات اثيوبيا يقللون من اهمية الغارات المصرية على سد النهضة ولا يتوقعون ان تؤدي الى تعطيله، في حين يذهب آخرون الى ان مهاجمة السد ستؤدي الى فيضان مدمر يغرق الاراضي السودانية والمصرية ما يعني استحالة مهاجمة مصر للسد.

البعض الآخر يذهب الى ان مصر لن تهاجم السد وستعتمد على المعارضة الاثيوبية والقبائل المتمردة ومنها قبيلة الأوجادين التي تستوطن غرب الحبشة؛ القبيلة التي يقام على أرضها سد النهضة، وقبيلة بني شنقول وتستوطن وسط الحبشة، وقبيلة عفر في شمال الحبشة، ولكن هل تستطيع هذه القبائل تدمير السد دون مساعدة مباشرة من مهندسين ومختصين .

آخرون يرون ان الزمن تجاوز الحل العسكري لأزمة سد النهضة، وأن على مصر التعامل معها كأمر واقع يمكن التعايش معه، فالهجوم لن يكون مؤثرا على السد، وسرعان ما ستعالج اثيوبيا آثاره، بل وستعمد الى رفع المخزون وارتفاع السد ليتجاوز الـ180 متراً؛ أمر يعتقد البعض الآخر انه لا يناسب النزعة العسكرية التي هيمنت على الدولة المصرية و قدمت الجيش المصري كحامي للدولة والقادر على مواجهة التحديات التنموية الى جانب الامنية؛ فهل يتجاهل الجيش المصري الحل العسكري وهو احد اهم ادواته.

سيناريو اخر يطفو الى السطح فيظل هذا الجدل ونموذج حرب الفوكلاند التي اندلعت في اعقاب فرض الحكومة العسكرية في الارجنتين سيادتها على الجرز المتنازع عليها مع بريطانيا منذ القرن التاسع عشر؛ فالجزر قضية كرامة وطنية خصوصا وان الجيش الارجنتين الذي سيطر على البلاد اراد ان يثبت قدرته على تحقيق ذلك مع تقدير حاطئ ان بريطانيا لن تتدخل؛ لتندلع حرب دامت 74 يوما انتهت بسيطرة بريطانيا على الجزر مجددا.

إذا كان الجيش الارجنتيني تحدى بريطانيا العظمى القوة البحرية والنووية الكبرى والعضو الدائم في مجلس الامن من اجل جزر نائية فان مصر امام تحدي اقل من الناحية العسكرية واكبر من ناحية التهديد الاستراتيجي للنيل ومياهه؛ فهل تمتنع مصر عن مهاجمة اثيوبيا التي تعاني بعض اقاليمها من مجاعات مزمنة وحروب دائمة وهزيمة مخجلة اما متمردي التيغراي شمال شرق البلاد لم يمض عليها ايام قليلة؛ الامر الذي سرع جهود رئيس الوزراء ابي احمد لملء السد لإشغال الاثيوبيين بنصره المزعوم على اكبر قوة اقليمية في القارة الافريقية الا وهي مصر العربية؛ فالأمر يتحول شيئا فشيئا الى مسالة كرامة وطنية فضلا عن كونه تهديد استراتيجي.

يبدو سيناريو الفوكلاند الأقرب الى الواقع، غير ان المبررات المصرية أقوى بكثير، فالنيل يعد شريان حياة للدولة المصرية؛ ورمزا للكرامة والسيادة والرفاه، وبدونه فإن مصر ستكون رهينة بإرادة دول المنبع التي ستتسابق عاجلا ام آجلا لبناء السدود.. حرب توفرت كل شروطها حتى اللحظة؛ فهل يفعلها الرئيس المصري؟