هكذا تكلّم حَمد...
«إذا كنتم تطلبون منا قرارات باهتة في الموضوع السوري، تشبه القرارات الباهتة للجامعة العربية خلال حرب إسرائيل على غزة 2008، فهذا ما لا يرضاه الضمير! ليست هناك إرادة عربية لمواجهة إسرائيل»...
... هكذا تكلّم رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم في المؤتمر الصحافي الأخير، معللاً الأسباب التي حَدَت بالجامعة العربية، وهي حالياً في عهدته، اتخاذ قرار عقوبات اقتصادية على سوريا «قِصاصاً» لها على عدم توقيع البروتوكول الذي تقدمت به الجامعة، لسوريا، كما هو من دون تعديل، من أجل حلّ أزمتها!
وإذا كان لنا ان نناقش هذا الكلام، بالضبط، دون أي كلام آخر من المؤتمر الصحافي الذي قيلت فيه أشياء وأشياء مما لا يُقال، ولا يُفعل، فإن الاستنتاج المباشر يدلّ على أمرين؛ لهما ثالث:
الأول هو ان قرارات الجامعة العربية خلال حرب إسرائيل على غزة كانت باهتة: «اعتراف» صريح ينبغي ان يجد من يتلقفه من الفلسطينيين الذين استُشهدوا حينذاك!
الثاني هو ان معاملة سوريا كمعاملة إسرائيل.. تستثير الضمير! أي أن الضمير الذي لم تستثره دماء الفلسطينيين في غزة بيد إسرائيل، لا بد من انه مُستثار من دماء سوريين معارضين حسب التسمية العربية، «إرهابيين» حسب تسمية النظام السوري، بيد الأمن السوري. أي ان من لم تحركه الدماء الفلسطينية إلا إلى قرارات باهتة، تنشَّط الآن على قرارات حازمة بعدما حركته الدماء السورية المعارضة أكثر من تلك الفلسطينية... من دون أن يكون في هذا الكلام أي دفاع عن القتل أو الظلم في ما يحصل في سوريا، وتتابعه بغضب وتحديداً للأبرياء أو للمنادين بالإصلاح بلا إرهاب!
أما الأمر الثالث الذي يكاد يكون العجب العجاب فهو قول بن جاسم انه «ليست هناك إرادة عربية لمواجهة إسرائيل».. وهذا كلام، في علم المقارنة، يقود إلى القول «إن هناك إرادة عربية لمواجهة سوريا» اليوم، فضلاً عن السؤال الذي يطرح نفسه في البحث عمن يحرك الإرادة العربية المذكورة في الحالين: حال إسرائيل وحال سوريا، هل هي الإرادة العربية نفسها أم الإرادة الدولية... ذلك ان الإرادة الدولية بطبيعتها جاهزة لمواجهة سوريا فكيف إذا قادتها أياد عربية، أما الإرادة الدولية لمواجهة إسرائيل فهي استحالة كاملة.
قد يكون ما قاله حمد بن جاسم، في هذه الفكرة، كلاماً «غير مسؤول»، نظراً لمجيئه رداً على سؤال مفاجئ، وربما صادم، كلام «غير مسؤول»، أي أنه خارج المُخطَّط له من الكلام، نظراً لتضمنه إدانة لمواقف الجامعة العربية في حرب إسرائيل على غزة عام 2008، فضلاً عن انه «غير مسؤول» في الاعتراف بعدم وجود إرادة عربية لمواجهة إسرائيل، فضلاً عن انه «غير مسؤول» في إيحاء غير مقصود طبعاً بأن الضمير العربي لا يتحرك إلا حسب... الإرادة الدولية!
بين المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه بن جاسم، يسانده نبيل العربي أمين الجامعة العربية، تجميد عضوية سوريا في الجامعة، والمؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه بن جاسم يسانده العربي نفسه، قرار العقوبات الاقتصادية العربية (ـ التركية) ضد سوريا، انخفضت لهجة بن جاسم دراماتيكيا، تردد انه نتيجة الجدل الجدي الذي جرى في قاعات التحضير لقرار العقوبات، حول جدواه، وما هي الدول التي ستطبقه، وهل دول الجوار السوري قادرة على تطبيقه أم سيصيبها منه ضرر موازٍ، ومن سيوقع عليه في العلن لكنه في السر سيجد طريقه إلى التملّص منه كونه «أمراً سيادياً»، وكم سيتأثر به الشعب السوري الذي ارتُكِبَ باسمه!
قد تكون المرة الوحيدة التي تتبوأ فيها قطر سدة «القرار» العربي من دون إثارة أي حساسيات لدى المملكة العربية السعودية التي يبدو فيصلُها في الاجتماعات هادئاً جداً، مطمئناً إلى ان حجم قطر، وإن تجاوز المتوقع أخيراً، إلا انه مستحب كونه مرضياً عنه في المملكة، لا بل ان قطر حالياً بالسيف السعودي، وصاحب السيف متفرّج... خشية الفشل!
وقد تكون المرة الأولى التي لا يتحلى فيها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بدبلوماسيته المعهودة، كما قال. عن الجامعة العربية تحدث كما لم يتحدث من قبل. ربما كان يفيده هذا البيت في إكمال المعنى الذي أراده لمن يتبوأ اتخاذ قرارات الجامعة العربية اليوم: يَظُن في نفسه، ها نفسُهُ فَقَدَتْ/ كالشعبِ قال: أنا أصلي من الشجرِ!
ورغم كل شيء. «مفهومٌ» الموقف العربي «المتضامن» ضد سوريا، أما الموقف التركي فينبغي إعلان جائزة عالمية يربحها من يفهم «لغة» الأتراك السياسية الآن، والتي باتت تشبه لعبة «اليويو» (يا طالعة يا نازلة!)، على أن يتسلم الجائزة من المتعهد المالي الثوري العالمي... في قطر!
... هكذا تكلّم رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم في المؤتمر الصحافي الأخير، معللاً الأسباب التي حَدَت بالجامعة العربية، وهي حالياً في عهدته، اتخاذ قرار عقوبات اقتصادية على سوريا «قِصاصاً» لها على عدم توقيع البروتوكول الذي تقدمت به الجامعة، لسوريا، كما هو من دون تعديل، من أجل حلّ أزمتها!
وإذا كان لنا ان نناقش هذا الكلام، بالضبط، دون أي كلام آخر من المؤتمر الصحافي الذي قيلت فيه أشياء وأشياء مما لا يُقال، ولا يُفعل، فإن الاستنتاج المباشر يدلّ على أمرين؛ لهما ثالث:
الأول هو ان قرارات الجامعة العربية خلال حرب إسرائيل على غزة كانت باهتة: «اعتراف» صريح ينبغي ان يجد من يتلقفه من الفلسطينيين الذين استُشهدوا حينذاك!
الثاني هو ان معاملة سوريا كمعاملة إسرائيل.. تستثير الضمير! أي أن الضمير الذي لم تستثره دماء الفلسطينيين في غزة بيد إسرائيل، لا بد من انه مُستثار من دماء سوريين معارضين حسب التسمية العربية، «إرهابيين» حسب تسمية النظام السوري، بيد الأمن السوري. أي ان من لم تحركه الدماء الفلسطينية إلا إلى قرارات باهتة، تنشَّط الآن على قرارات حازمة بعدما حركته الدماء السورية المعارضة أكثر من تلك الفلسطينية... من دون أن يكون في هذا الكلام أي دفاع عن القتل أو الظلم في ما يحصل في سوريا، وتتابعه بغضب وتحديداً للأبرياء أو للمنادين بالإصلاح بلا إرهاب!
أما الأمر الثالث الذي يكاد يكون العجب العجاب فهو قول بن جاسم انه «ليست هناك إرادة عربية لمواجهة إسرائيل».. وهذا كلام، في علم المقارنة، يقود إلى القول «إن هناك إرادة عربية لمواجهة سوريا» اليوم، فضلاً عن السؤال الذي يطرح نفسه في البحث عمن يحرك الإرادة العربية المذكورة في الحالين: حال إسرائيل وحال سوريا، هل هي الإرادة العربية نفسها أم الإرادة الدولية... ذلك ان الإرادة الدولية بطبيعتها جاهزة لمواجهة سوريا فكيف إذا قادتها أياد عربية، أما الإرادة الدولية لمواجهة إسرائيل فهي استحالة كاملة.
قد يكون ما قاله حمد بن جاسم، في هذه الفكرة، كلاماً «غير مسؤول»، نظراً لمجيئه رداً على سؤال مفاجئ، وربما صادم، كلام «غير مسؤول»، أي أنه خارج المُخطَّط له من الكلام، نظراً لتضمنه إدانة لمواقف الجامعة العربية في حرب إسرائيل على غزة عام 2008، فضلاً عن انه «غير مسؤول» في الاعتراف بعدم وجود إرادة عربية لمواجهة إسرائيل، فضلاً عن انه «غير مسؤول» في إيحاء غير مقصود طبعاً بأن الضمير العربي لا يتحرك إلا حسب... الإرادة الدولية!
بين المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه بن جاسم، يسانده نبيل العربي أمين الجامعة العربية، تجميد عضوية سوريا في الجامعة، والمؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه بن جاسم يسانده العربي نفسه، قرار العقوبات الاقتصادية العربية (ـ التركية) ضد سوريا، انخفضت لهجة بن جاسم دراماتيكيا، تردد انه نتيجة الجدل الجدي الذي جرى في قاعات التحضير لقرار العقوبات، حول جدواه، وما هي الدول التي ستطبقه، وهل دول الجوار السوري قادرة على تطبيقه أم سيصيبها منه ضرر موازٍ، ومن سيوقع عليه في العلن لكنه في السر سيجد طريقه إلى التملّص منه كونه «أمراً سيادياً»، وكم سيتأثر به الشعب السوري الذي ارتُكِبَ باسمه!
قد تكون المرة الوحيدة التي تتبوأ فيها قطر سدة «القرار» العربي من دون إثارة أي حساسيات لدى المملكة العربية السعودية التي يبدو فيصلُها في الاجتماعات هادئاً جداً، مطمئناً إلى ان حجم قطر، وإن تجاوز المتوقع أخيراً، إلا انه مستحب كونه مرضياً عنه في المملكة، لا بل ان قطر حالياً بالسيف السعودي، وصاحب السيف متفرّج... خشية الفشل!
وقد تكون المرة الأولى التي لا يتحلى فيها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بدبلوماسيته المعهودة، كما قال. عن الجامعة العربية تحدث كما لم يتحدث من قبل. ربما كان يفيده هذا البيت في إكمال المعنى الذي أراده لمن يتبوأ اتخاذ قرارات الجامعة العربية اليوم: يَظُن في نفسه، ها نفسُهُ فَقَدَتْ/ كالشعبِ قال: أنا أصلي من الشجرِ!
ورغم كل شيء. «مفهومٌ» الموقف العربي «المتضامن» ضد سوريا، أما الموقف التركي فينبغي إعلان جائزة عالمية يربحها من يفهم «لغة» الأتراك السياسية الآن، والتي باتت تشبه لعبة «اليويو» (يا طالعة يا نازلة!)، على أن يتسلم الجائزة من المتعهد المالي الثوري العالمي... في قطر!