زهير العزه يكتب: للاجئون الفلسطينيون وألاقلام المعبّدةِ لطريقِ جَهنّمَ
أخبار البلد ـ اليوم الصورة لا تحتاج الى كثير العناء لتحديد ملامحها .. فبعد المقال المسيء للتاريخ الاردني وللجيش العربي وبطولاته والذي نشره عريب الرنتاوي في صحيفة الدستور واثار عاصفة من الغضب ، هو بكل المقاييس ليس له قيمة تؤثر في المشهد الفلسطيني "باعتباره كان يتناول الفصائل الفلسطينية" ، الا أنه فيما يتعلق بالمشهد الاردني وبالدور التاريخي البطولي للقوات المسلحة وما حققته من إنتصارعلى العدو الصهيوني في معركة الكرامة، فأن المشهد مختلف بالتأكيد وهو دون أدنى شك قد غيب الحقيقة .
فعريب تبنى رواية ياسرعرفات عن حرب الكرامة ،والتي فضحها أحد ألد خصوم الاردن زعيم الجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل والذي شارك في المعركة ،ويمكن لمن يريد الرجوع لتصريحاته حول معركة الكرامة وما قاله عن بطولات الجيش العربي في هذه المعركة ودوره الرئيس في هزيمة جيش الكيان الصهيوني ان يراجع مقابلة جبريل مع قناة الجزيرة ، وسيتضح له أيضا حجم مساهمة التنظيمات الفلسطينية انذاك .
وانني إذ اؤكد أن عريب هو ومن يتبناه داخليا يدركان أنه لا ينطق بأسم الشعب الفلسطسيني المهجر من وطنه ،أو الذي يعيش تحت نير الاحتلال الصهيوني ،وأن مقالات عريب ليست لها التاثير على المستوى الشعبي الفلسطيني فمن يقرأؤن مقالاته هم بعض النخب أو مجموعات محدودة جدا من الناس ،وهذا حال العديد من الكتاب ،كما وانني لم اكن شخصيا أود الكتابة حول مقالته ،لكن ما نشر وينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وما ظهر من بعض هذه المنشورات أو التعليقات التي تلمح الى أن عريب يمثل وجهة نظر اللاجيء الفلسطيني الى الاردن استفزني ، خاصة بعد إصرار البعض على إعتبار عريب يعبر عن ضمير ووجدان الشعب الفلسطيني اللاجيء عند اشقائه في الاردن "وهذا ليس صحيحا" فجحود عريب او تغييبه للحقيقة لا يمكن اعتباره موقفا وجحودا للاجيء الفلسطيني بحق الاردن وقيادته الهاشمية التي دفعت وتدفع ثمنا باهظا بسبب تمسكها بالحق الفلسطيني ، او بحق تضحيات شهداء الجيش العربي والعشائر الاردنية التي أكدت كل الاحداث التاريخية أنها عشائر قومية عروبية بالفطرة ولا يمكن لأحد أيا كان أن يزاود على دورها في معارك الامة ،وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبالقدس كرمز لهذا النضال منذ ما قبل نكبة عام 48 وحتى يومنا هذا .
الفلسطينيون اللاجئون أو حتى من يحمل الجنسية الاردنية بغالبيتهم ينظرون للاردن بغير منظار بعض الانتهازيين أو كل الاخرين الذين تبنتهم مؤسسات رسمية أردنية، سواء كان هذا التبني في الاعلام أو في المجالات الاخرى وخاصة تلك المتعلقة بالوظائف العليا بالدولة أو بالمواقع النيابية وغيرها من مواقع ، فالمنظار بالنسبة للاجيء هو أن الاردن الذي دفع ثمنا غاليا من أجل فلسطين هو متنفس ورئة وأرض حماية ورعاية ، ومقر إقامة مؤقت لحين العودة ،وأن مسألة العودة هي مسألة وقت ، وهم يتمسكون بحق العودة كمن يحرص على روحه ، وقد شاهدنا جميعا كيف ثاروا ضد قيادة سلطة رام الله لأنها من وجهة نظرهم تنازلت عن حق العودة،كما أنهم يرفضون حل الدولتين الذي يحرمهم من حق العودة الى كل فلسطين من بحرها الى نهرها ، وزيارة واحدة لاي مخيم أو تجمع للاجئين الفلسطين يثبت ذلك .
لقد قال لي ذات يوم شيخ سكن مخيم البقعة منذ العام 67 بعد أن هجر أول مرة من أرض 48 الى الضفىة الغربية ،ومن بعدها الى أرض الاردن الطيبة ،أن الاردن المعطاء دفع الثمن من أجل فلسطين ،وإن اللاجيء الفلسطيني عندما يعود الى فلسطين سيسمي الشوارع والبيوت والحارات ومراكز الثقافة والمؤسسات وفلذات الاكباد بأسم الاردن ومدنه وقراه ،وقال نحن في الاردن شعرنا بالامان وشعرنا بحب الناس، وعاد لنا الأمل بأنه يوما ما سنعود الى فلسطين كل فلسطين ،وأضاف نواجه مع اخوتنا في الاردن كل مشروع يريد طمس هويتنا أو يذيبنا ، كما نحن نتشارك معهم في الدفاع والحفاظ على الهوية الاردنية من خلال رفضنا للتوطين، والتي تريد القوى العظمى الداعمة للكيان الصهيوني أن تمسحها من الخارطة الجغرافية والسياسية ، نعم قال الشيخ اشياء كثيرة يعجز أصحاب الحقوق المنقوصة ممن باعوا واشتروا بأسم القضية أن يفهموا معناها ..!وهذا ليس ضربا من الخيال أو "تسليك" حال أنه واقع وحال كل المهجرين الفلسطينيين الى الاردن، قالوها ويعنون ذلك ،وهم يعنون كل حرف ونقطة ويعنون أن وجهتهم هي فلسطين وعاصمتها كل القدس .. إما منتصرين أو شهداء.. ولو توفرت الظروف الاقليمية لغالبيتهم لوجدتهم الان على الحدود مقاتلين .. فهم لا يرغبون بوطن غير فلسطين وهذا أمر محسوم ، كما أنهم يعرفون أن الاهل في الاردن المحاصرمن قبل أعمدة الغدر والخيانة وطواغيت المال العربي بسبب مواقفه من فلسطين القضية والارض والهوية، لا يعرفون الا الدفءوالحب والامل والوفاء للشعب الفلسطيني ، ومن هذا الوفاء امتلك الفلسطيني اللاجيء أو الذي يعيش تحت وطأت الاحتلال، القدرة على الصمود والمواجهة .
اليوم لا يجب أن تكون كلمات لا تقراء لولا هذه الضجة التي اثيرت حولها بالرغم من المرارة، عنوانا من عناوين اشغالنا عن مواجهة العدو الصهيوني ومواجهة المؤامرات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية من البعض القليل من العملاء الفلسطينيين وبعض العرب الذين يخدمون أجندات الغرب الاستعماري والصهاينة ،كما لابد أن نتنبه لما تقوم به نفس هذه القوى من حياكة مؤامرات ضد الاردن قيادة وارضا وشعبا، وهذا ما نشهده منذ مطلع العام ولغاية الان............... واليوم أيضا لا يجب أن نضيع في متاهة كتاب لهم تجارب في احداث الازمات، ولا يجب ان ننجر الى ما كانوا يسعون اليه من اخذنا نحو الهاوية، وعلى مؤسسات الدولة أن لا تترك كل الحبال على غاربها....... فكثيرة هي المقالات التي تنشر معبّدة لطريقِ جَهنّمَ.