حفلة نفاق و تخبيص إذاعي ! ،

يخطيء المنافق طوال حديثه معك و أنت تعرف انه منافق و "سحيّج" ، لكن في أحيان كثيرة يجري الله الحق على لسانه دون أن يدري أو من كثرة هذره للكلام دون عقل بهدف "ترقيع" موقف رسمي أو مدح النظام و لو كان على باطل !! .
الموضوع و ما فيه ،،
تأخر نهاري و تأخرت في الخروج للعمل إذن لن اذهب مع حافلة الأكاديمية و لكنني سأركب تكسي أجرة و سأسمع ما يريد "الشوفير" أن يسمعني إياه ، ركبت ... نعم ، تماماً كما توقعت فبرامج السحيجة الإذاعية الصباحية إما ...... و إما ......... لإذاعتي روتانا و أمن أف إم !!! فأنا مضطرة إذن للتصفيق طوال الطريق فهذا الاردن أردنا ! لكن على ما يبدو أني صادفت فقرة المكارم الهاشمية لحظة دخولي السيارة ! اسمعوا معي هذة القصة .
استقبل المذيع البطل "ع.ع" على إذاعة أمن ، تلقى اتصالاً هاتفياً من فتاة طلبت أن لا تذكر اسمها و صوتها منكسر جداً ، بدأت تسرد حكايتها و حكاية بيت من غرفة واحدة يعيش فيه ثمان بنات و والدهن العاجز ، السقف "زينكو" و الحالة صعبة جدا و الفتيات لا يجدن عملاً ، قالت في عبارات قصيرة : " و الله يا عمو انو ما النا حدا ، و الله يا عمو انا انفضحنا بين الناس قد ما طلبنا ، رحنا لكل المسؤولين و الله يا عمو ما خلينا رئيس وزرا و لا نائب و لا مسؤول في الديوان الا و الكل بيوعدنا خير بس ما بيعملوا اشي" ، لكنها حقيقة كسرت نفسها لمن لا يستحق و لا يجب عنده الانكسار و اهانت كل مواطن اردني و آلمتني حينما قالت " يا عمو أنا داخلة على الله و من ثم عليك يا عمو و الله ما النا حدا بعد الله غير انت "!!!!!!! لماذا يا حرّة ؟ اعرف انك ترددين ما لا تفقهين معناه و تسمعين من المتسولين كلمات ترددينها علها تجد رداً و ترقق قلب الحجر عليكِ لكنك و الله ذبحتيني فيما قلتي ، و ما الدخول على هكذا رجال يفيد فليس عندهم لكي خير !! لكنه بخبث رد عليها : " الحاجة بتذل يا اخوان ... فزعتكوا لهالبنات يا اخوان .. و الاردني ما بنذل .... غير اطلبلك الديوان الملكي هسه .. هدول الهاشميين أهل خير ...الارض الهم .. المال مالهم ... بيكرمونا دايما بمكارمهم " !!!! لا تعليق .
هل تهللت الفتاة ؟ هل شكرته ؟ هل أيّدت كلامه ؟ لا ... لم تفعل ... لقد صدمته و ألجمته و صبت كوباً من الماء المثلّج فوق رأسه و كلماته المثقلة بعبارات السحيجة و المنافقين ، قالت " عمو بس احنا الملكة رانيا زارتنا بسنة ال 2003 ! وعدتنا خير ، حرام هي ما بتقصر بس بجوز انشغلت !!!! كان معها وحده بتقولها حاضر يا مولاتي رح نعمللهم بيت – و تعود لتأكد ذات العبارة الساذجة – حرام هي ما بتقصر بس بجوز انشغلت " !!! . لا أجد كلمة لأعلق على هذا الحوار الذي يتكرر عشرات المرات يومياً من مواطنين يستغيثون مطالبين بحقوقهم بكل ادب ، لكم التعليق .
قصة المكارم الهاشمية ،،
هل تعرفون بماذا رد المذيع ؟ بالتأكيد فإن كل واحد منكم يتسائل كيف سيرد وهي ألجمت لسانه بكل هذة الحقائق و لا زالت تسائل حاجتها بأدب ، لقد قال بصوت يحاول تجميع نبراته : " هي جلالة الملك و جلالة الملكة – انتبه ل "هي" – الله يطول عمرهم و يخليهم لينا يارب أكيد أكيد نفسهم يوصلوا الخير لكل مواطن بس أكيد ما بيقدروا !!!!!! – و هنا بدأت حفلة التخبيص ليش ما بيقدروا مثلا هل هذا رد مناسب ؟ انت هيك بتحط الحق عليهم !- و انتو أكيد أكيد ما راجعتوا حدا من بعد هذا الوعد من أم الاردنيين – طيب يا عزيزي من دقيقة البنت بتقلك ما خلينا مسؤول في الديوان الا و راجعناه و كان في موظفة مع الملكة بتكتب كل التفاصيل اللي وعدتنا فيها الملكة !! – و أكمل مخبصاً " يعني بجوز من ال 2003 لهلأ صار انشغالات و أجت حكومة و راحت حكومة مشان هيك اختي لازم تراجعوا بجوز ما أعطيتوها ورق مكتوب و استدعايات فراحت الشغلة !!! –يراجعوا ايش انا لسه مش عارفه – لكن الفتاة بخبثها استمرت لتزيد من ويلاته " بس يا عمو و الله و الله سألناهم بس الله وكيلك ما حدا تعرف علينا !!!!! " ، في هذة اللحظة الحرجة بين الطبطة على التقصير و فضح ذل المواطنين فتح الله على المخرج بأغنية وطنية من العيار الثقيل ليلتقط المسكين الذي في الاستوديو أنفاسه .
و لكن الله أجرى الحق على لسانه بعد الفاصل و قال عبارة لو عرف ثقلها و علاما تدل لما قالها في تلك اللحظة : و بكل ألم قال " و الله لو أن بغلة تعثرت في العراق لكنت أن وليها رحمك الله يا عمر " !!! .
صدقت و أحسنت و أجدت و الله لا يمكن و الله لا يعبر في هذا المقام إلا أن نندب على أنفسنا جميعاً أن عمر ليس بيننا و أننا نتسول من ولاة أمرنا حقوقنا ، و بكل ادب لا أدري من أين نأتي به ، قالها يوماً عمر : "عجبت لمن بات ليلته جائعا كيف لا يخرج شاهرا سيفه في وجه الناس" ! فمن أين لنا بكل هذا الأدب ! .
لقد أحرج بعدها المذيع بشده و تلعثم لأن ما حاول ارتجاله من كلام في هذة اللحظة لمواساة الفتاة و عائلاتها سيحل عليه بالخراب لا محالى .
هل المذيع كان صاحي ؟؟ ،،
هذا هو السؤال الذي طرحته على نفسي حين سمعته يرددها و لكنه تلعثم بعدها في أي جملة و لم يستطع المواصلة فعقله الصغير أدرك حجم الكارثة التي نطق بها لسانه الذي سيشهد عليه يوم القيامة و يبدو أنه شهد عليه في الدنيا قبل الآخرة ، و من خبرتي الإذاعية في حجم تدخل المخرج و "زنه" في أُذن المذيع ، فإني أظن أن المخرج قد صرخ و لطم و لعن "......" على ما تلفظ به و دعاه "لترقيعها" و لكنه بالكاد يقدر ، فالكلمة كالثور الذي لن يدخل الجحر إن خرج !! .
حاول المذيع طمأنه الفتاة أخيراً و قال – و قد خبّص أيضاً – " اجتني رسالة من نشامى أبو حسين يا اختي و بتقول الرسالة : خذ تفاصيل و عنوان البنت كامل رح نساعدها باللي بنقدر عليه التوقيع شخص كبير في الديوان " !!! ، قبح الله الوجوه التي تستعبد الناس ! أظنني في دولة لا أملك فيها حصوة واحدة ! أظنني في دولة تملكني بكلي و لا أملك فيها حتى نفسي ! ما معنى أن يوقع المسؤول في الرسالة بهذا الشكل !! كل كلمة دارت هنا تدل على أن المواطن أغلى ما يملك المسؤول فعلاً ، فهو مصدر الدخل الوحيد لجيبه ، و هو المادة الخام لاقتصاده و سفره و ثرائه و منصبه و استقرار أركان حكمه أيضاً ! .
رحمك الله يا عمر و الله لو أنهم أدركوا الأمانه ما حملوها لكنهم بأفعالهم يجرون الناس إلى الشوارع جراً بل يقسمون عليهم أن يفعلوا ! . نهاية عوّض الله عليك يا "ع.ع" في عملك الذي أظن أنك ستخسره بكلمة أنت نفسك لا تعرف من أين أتت ، لكن لا مانع أن تطلب العمل في اذاعة أخرى فالبرامج كثيرة و الزملاء هفواتهم أكثر ! .