الطريق طويل لنسرع عجلة الإقتصاد
اخبار البلد -
هناك شبه إجماع على ضرورة الإسراع في استعادة معدلات النمو الإقتصادي التي كانت سائدة في العقد الأول من الألفية الثالثة، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟
فمشاكل وتحديات الإقتصاد الأردني هيكلية وليست سطحية أو آنية، وقد تفاقمت خلال جائحة كورونا وانعكست
على أبرز المؤشرات الإقتصادية الرئيسية فزادت من تباطؤ معدلات نمو الناتج–سالب 6.1 %للعام 2020،
وارتفاع معدلات البطالة – قرابة 25 -%وخاصة لدى الشباب والمرأة، وتفاقم حجم المديونية بالأرقام المطلقة
.والنسب المئوية للناتج، وارتفاع العجز التجاري وعجز الحساب الجاري واتساع الفجوة بين الدخول .
كما أن هناك شبه اجماع لدى مراكز القرار والمؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث وعامة الناس أن هذه المشاكل لا تحل باتخاذ اجراءات أو حزم بسيطة وانما بتغيير جذري في السياسات الإقتصادية والمالية والنقدية والإستثمارية والتجارية والصناعية وسياسات التعليم والتدريب وخاصة المهني منه .
إن عودة معدلات النمو الإقتصادي الى مستوياتها ما قبل الجائحة لا تكفي لأنها لم تحقق أية انعكاسات على التشغيل
والفقر والبطالة .
هناك حاجة ماسة للإسراع في وضع خطة إستراتيجية وطنية واضحة المعالم للتنمية المستدامة على مستوى
الإقتصاد الكلي، كما وجه جلالة الملك، ينبثق منها خطط قطاعية على أن تكون هذه الخطة عابرة للحكومات في الأردن .
ويفضل أن ُتقر بقانون حتى تصبح ملزمة للحكومات المتعاقبة. وأن يتم الإستفادة من نتائج الدراسات العلمية المبنية
على جداول المدخلات والمخرجات التي توضح التشابك والتداخل بين القطاعات .
وأن تكون الشراكات والإستثمار بين القطاعين العام والخاص على رأس أولوليات الخطة. وأن يكون عنصر تنمية
الموارد البشرية والتعليم والتدريب المستمر في قلب اهتمام الخطة، وأن يكون التركيز منصبا على استخدام كافة
عوامل الإنتاج بكفاءة لاستدامة التنمية. وأن تكون عناصر الثورة الصناعية الرابعة حاضرة ومكونا أساسيا من
مكونات كل محور وعنصر في الخطة. وأن تكون التنمية شمولية في مختلف مناطق المملكة مبنية على الميزات
التنافسية للمحافظات الإثنتي عشرة. وأن يكون التنويع القطاعي عنوانا لكل محور من محاور الخطة. وأن تتم
مراجعتها على أساس سنوي. وأن يتم إعادة وضعها بالكامل بعد كل خمس سنوات تقريًبا نظًرا لوتيرة التغيير وعدم
اليقين في اقتصاد اليوم، ولضمان توافقها مع الإحتياجات المتغيرة باستمرار. وأن يتم تخصيص موارد بشرية كفؤة
.لتنفيذ ومتابعة الخطة وتوفير مصادر تمويل مستدامة لكافة محاور الخطة .
ومن الحكمة أن يتم الإستفادة من الفرص التي ضاعت في السنوات والعقود الماضية ومنها على سبيل المثال، تركز
استثمارات المغتربين في العقار والأراضي بدلا من الصناعات بكافة مكوناتها للمساعدة في زيادة تمكين الإقتصاد
الأردني من الإعتماد على الذات وزيادة معدلات النمو وتحقيق إيرادات أكبر للخزينة وخلق فرص عمل للأردنيين .
المطلوب تغيير جذري في السياسات الإئتمانية من القروض الشخصية والسيارات وغيرها الى قروض منتجة
وخضراء. وتوجيه الإستثمارات للقطاعات المولدة لفرص العمل والتي تحقق المزيد من الإعتماد على الذات .
تخفيف كلف الإنتاج وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة أمر ملح لزيادة تنافسية السلع التصديرية. استقرار التشريعات
المتعلقة بالإستثمار غاية في الأهمية لطمأنة المستثمر على أمواله ومشاريعه وتقليل المخاطر التي تواجهه. قوانين
الضريبة بحاجة ماسة لمراجعة شمولية وهيكلية العادة التوازن للسياسة المالية، فبعض المواد غير واضحة وتفسر
.دائما بما يخدم مصلحة الخزينة على حساب العدالة والشفافية والمصلحة العامة للإقتصاد .
طريق الإصلاح أمامنا طويل وتسريع عجلة التنمية الإقتصادية متطلب أساسي لإحداث قفزات متينة وسريعة في
النمو والتنمية مع بداية المئوية الثانية للمملكة هذا العام .