حوارات الإصلاح . ونظرية "القدر والمغرفة"!
اخبار البلد -
حوارات الإصلاح.. ونظرية «القدر والمغرفة»!*أحمد حمد الحسبان
الراي
خلافاً لما يبديه بعض الشاكين من كثرة ظهور أعضاء اللجنة الملكية على وسائل الإعلام في حوارات تتعلق بتصوراتهم حول الإصلاح، وما يجري داخل اللجنة الأم ولجانها الفرعية، أرى أن ما يجري حالة إيجابية، لها نتائج مهمة أقلها إطلاع عامة الناس على ما يطرح، ووضعهم في تفاصيل كثيرة ترشّد ما يطمح إليه العامة، وتزود الأعضاء برد فعل الشارع ومقترحاته.
فعلى مستوى الشارع هناك طموحات لا حدود لها بأن مخرجات الحوار يمكن أن تقفز بالحياة السياسية الأردنية قفزات كبيرة تضعه في مصاف دول سبقتنا في هذا المجال عقوداً عديدة، وتخطت الكثير من العقبات سواء ما كان منها متعمداً أو بحكم التركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
فمع التقدير لما تبديه النخب أولاً، والعامة ثانياً من طموحات وآمال، تتعلق بنوعية الحياة السياسية المنتظرة، وتفاصيل قانوني الانتخاب والأحزاب، وطموحي الشخصي والعام بأن تشكل مخرجات الحوار نقلة فعلية تصوّب ما نعانيه من خلل تراكمت مسبباته حتى أصبح داء نأمل أن لا يكون من الصعب شفاؤه، أرى أن العملية محكومة بمثل شعبي تحول مع مرور الزمن إلى حكمة رددها الكبار وتعامل معها الصغار.
الحكمة التي تتكون من أربع كلمات عامية تقول «اللي في القدر بتطلعه المغرفة». ومعناها أن الواقع هو الذي يفرض النتائج.
في هذا السياق، لنعترف، دون أن نتخلى عن أحلامنا، بأن واقعنا صعب، وأن مخرجات الحوار لن تكون بمعزل عن هذا الواقع. فقد حاربت الحكومات المتعاقبة الحزبية، وأسهمت إجراءاتها في بلوغ عدد الأحزاب حوالي الستين حزباً، لا يتجاوز عدد أعضاء الحزب الواحد «حمولة سيارة». ولا تستطيع مجتمعة إنجاح مرشح واحد دون دعم عشائري.
وفرضت نظام الصوت الواحد في قانون الانتخاب فكانت النتيجة تكريس نوع خاص من العشائرية، يقترب من العائلية. وتحايلت لاحقاً على القانون الذي جاء نظامه على شكل قوائم ليتبين أنه نظام الصوت الواحد ولكن بأسلوب جديد.
وتدخلت بعض الحكومات في الانتخابات، وطوّعت مجالس برلمانية تحت عنوان «الشراكة» وتجاوزت على صلاحيات السلطة التشريعية، باعتماد أسلوب تبادل المصالح.
وفي المقابل، لم يفلح الناخبون في تطوير أدواتهم لانتخاب الأكثر كفاءة ضمن ما هو متاح من هوامش. فتكرر فوز من كانوا موضعاً للنقد في دورات سابقة. حيث فاز بعضهم بالمال، وآخرون بأسلوب «الفزعة».
كل ذلك، يلتقي مع تلميحات أطلقها بعض أعضاء اللجنة في حواراتهم الإعلامية، وسمعناها خلال حوارات رئيس مجلس الأعيان التي سبقت تشكيل اللجنة، مفادها أن الإصلاح سيكون بالتدريج. وأن العملية تحتاج إلى وقت يتم خلاله تنمية الحياة السياسية وتسمين الوعي العام بأهمية الإصلاح الكامل وصولاً إلى قوائم حزبية وحكومات برلمانية.
فهل فهمنا الرسائل جيداً؟
وكم هو الوقت الذي تتطلبه العملية؟
تساؤلات لا نملك الإجابة عليها إلا من زاوية الأمل بأن نبدأ فوراً، وأن نتمسك بالبناء على الواقع مع تعظيم إيجابياته، وإطلاق العملية الإصلاحية بأقصى طاقة ممكنة، واستبعاد كل التراكمات التي أسهمت في إعاقة التقدم، أو في دفعنا إلى التراجع للخلف.
وليس ذلك مستحيلاً.