نحن نضعف بلدنا!


كلنا نطالب بتطبيق القانون ومعاقبة الخارجين عنه مهما كانت مواقعهم, وكلنا نشكو ونتذمر لو شاهدنا أي حالة تقوم فيها جهة رسمية بحماية شخص على حساب آخر ويزداد غضبنا لو كان الأمر على حساب حقوقنا الشخصية, أي أننا جميعاً نطالب بالقانون ونرفض الانتقائية ونرفع أصواتنا ضد من نعتقد أنه أخذ حقاً لنا أو حقاً للدولة.
نحن في بلد فيه مستوى نفتخر به من التماسك الاجتماعي العائلي والعشائري, وعندما يصاب فرد من أي تجمع يقف الناس إلى جانبه وهذا أمر ايجابي, ونريد هذا إذا كان الشخص مظلوماً أو صاحب حق أو يمر في أزمة تستدعي وقفة تضامن وعون مادي أو معنوي.
لكن المؤسف أحياناً أن نجد حالات ولو قليلة ننحاز فيها إلى أحد أقاربنا أو أبناء عائلتنا أو عشيرتنا وهو في حالة مخالفة للقانون أو تجاوز على الحقوق العامة, لهذا قد نجد شخصاً يتم اتهامه بالفساد لكننا نجد من يدافع عنه ويقف إلى جانبه ويجد لنفسه مبرراً مقنعاً أو غير مقنع مثل القول بأن الفاسدين كثر فلماذا يدفع ابننا الثمن, أو اتهام الدولة بأنها استهدفت ابن العائلة أو العشيرة.
وربما نجد حالات ندافع فيها بحكم العلاقة الاجتماعية عن قريب لا خلاف على أنه تجاوز القانون, وأن الجهات الرسمية لم تقصده لأنه فلان أو من العائلة الفلانية بل لأنه فعل ما يريد على حساب حقوق الناس والقانون, لكننا يمكن أن نحولها إلى نخوة اجتماعية نعبر عنها بإغلاق طرق أو إشعال إطارات أو أي فعل, بما في ذلك التطاول على رجال الأمن وربما إطلاق النار.
الاستعراض على حساب القانون ليس حالة عابرة لأن القانون مثل الكرامة لا يمكن أن نحافظ عليها يوم ونهينها ونحتقرها يوماً آخر, وإذا قررت أي مجموعة اجتماعية من عائلة أو عشيرة أن تغلق شارعاً أو تستخدم الأسلحة لفرض صوتها والاستقواء وحرمت الآخرين من الحياة الطبيعية فإنها ستكون يوماً آخر هي من يتم حرمانها والاستقواء على أمنها لأن الآخرين يملكون فعل ذات الشيء عندما تتضرر مصالحهم.
لا يجوز أن نلجأ للشارع والسلاح وحرق الإطارات وإغلاق الطرق إذا لم يعجبنا قرار محكمة أو إذا خالف مصالحنا تقرير لجنة, أو نطالب بإقالة وطرد أي مسؤول عن مؤسسة في محافظتنا إذا لم يستجب لمطالبنا الخاصة أو لم يكن مطية لقادة الواسطات والمحسوبيات.
إذا رفضنا قرارات المحاكم التي تعاقب المحسوبين علينا, وشككنا بعمل كل المؤسسات إذا لم تحقق مصالحنا الذاتية, وإذا كان بعث الفوضى رسالة نرسلها لصاحب القرار حتى يقوم باسترضائنا والرضوخ لنا, فإن هذا يجعل كل شخص يحمل قانونه في سلاحه أو في « القداحة « التي يشعل بها حريقاً أو العصا والحجارة التي يقذفها على مبنى حكومي.
كلنا نريد الأردن قوياً منيعاً يواجه التحديات, لكن لن يكون الأردن كما نطالب إذا استباح كل منا القانون حسب مصالحه, ولن يكون الأردن منيعاً إذا كان البلد بالنسبة لأي شخص تلبية لطلبه الشخصي أو حمايته من قانون عادل وعقوبة يستحقها أو يستحقها احد أقاربه.