لا "صفقة" جاهزة حتى الآن لإطلاق سراح الدعجة والعنوز

أخبار البلد-

 
لا يتوقع إنهاء قضية الأسيرين الأردنيين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي قريبا، وستأخذ المسألة بعض الوقت، وربما تصدر محكمة الاحتلال حكمها عليهما لرفع "قيمة الصفقة" التي قد تطالب بها تل أبيب مقابل الإفراج عنهما.

وبثبات وشجاعة وبروح معنوية عالية، رغم ظروف الاعتقال والتحقيق القاسية منذ اعتقالهما في 18 مايو/أيار يخوض مصعب الدعجة (29 عاما) وخليفة العنوز (40 عاما) معركة الصمود في مركز الجلمة العسكري الإسرائيلي قرب حيفا، حيث تتهمهما سلطات الاحتلال بعبور الحدود لتنفيذ عمليات ضد إسرائيليين.

الدعجة والعنوز قررا السير من بلدتهما من بلدة صما قرب مدينة إربد، باتجاه الحدود الفلسطينية لدخول فلسطين ومناصرة أهل القدس في الأحداث التي شهدتها على خلفية محاولات المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى أواخر شهر رمضان المبارك.

الأسيران عبرا شمال الأردن باتجاه الحدود الأردنية الفلسطينية بالقرب من جسر الشيخ حسين عبر البيارات الأردنية، ومن ثم عبروا نهر الأردن الواقع على السياج الحدودي بالقرب من مكان سكنهم في صما، وبعد قطع الحدود قاموا بالمشي على الأقدام ما بين 30 إلى 35 كيلومتر، واستغرق المشي حوالي يوم ونصف حتى وصلوا إلى منطقة مأهولة بالسكان ما بين طبريا وبيسان.

وشاءت الصدفة مرور دورية شرطة الاحتلال الإسرائيلية بالقرب من تلك المنطقة التي شكت فيهما بناء على ملابسهما، وتم اقتيادهما إلى مركز الشرطة لاستجوابهما بشكل أولي، وبعدها نقلوا إلى مراكز التحقيق التابعة لمخابرات الاحتلال بعد أن تم تقييدهما ووضعهما تحت الشمس لنحو 7 ساعات، قبل أن يتم نقلهما إلى مركز الجلمة.

الأسيران يتعرضان لأساليب تحقيق قاسية منذ اليوم الأول لاعتقالهما، عدا عن زجهم بأوضاع وظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية، بالإضافة إلى سوء وجبات الطعام المقدمة لهما، كما تعمد سلطات الاحتلال تقييد أيديهما وأرجلهما لساعات طويلة خلال اليوم للضغط عليهما وأجبراهما على الاعتراف بالتهم الموجه ضدهما. وكشف المحامي خالد محاجنة عضو هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عن "تعرضهما لسوء معاملة" و"أساليب تحقيق مرعبة".

وقال محاجنة في تصريح صحفي، إن الأوضاع الصحية للأسيرين الأردنيين في تدهور مستمر، بسبب التعذيب الذي تعرضا له، فيما ترفض السلطات الإسرائيلية نقل أحدهما للمستشفى.

وأضاف أن الأسيرين تعرضا للشتم والإهانات وتعذيب ممنهج، ولساعات طويلة، كما يجري إخضاعهما لجلسات تحقيق طويلة، تحت أشعة الشمس.

سلطات الاحتلال الإسرائيلي وجهت للأسيرين تهمة الدخول لـ"إسرائيل بطريقة غير شرعية والتخطيط للقيام بعمل إجرامي" .

وتحاول سلطات الاحتلال إجبار الأسيرين على الاعتراف بدخول فلسطين بنية تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين، غير أنهما تمسكا بقولهما إنهما قطعا الحدود بنية التوجه إلى المسجد الأقصى للصلاة والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

محامي الأسيران كشف عن الجهود التي تبذلها السفارة الأردنية للإفراج عنهما، بعد استدعاء السفير الإسرائيلي في عمان حيث نقلت إليه رسالة احتجاج على اعتقال كلا من العنوز والدعجة.

وقال الأسيران للمحامي إن "المس بالمقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى خط أحمر عند كل المسلمين"، وقررا الدخول إلى فلسطين بعد "تأثرهما بما شهده المسجد الأقصى من اعتداءات إسرائيلية ومواجهات عنيفة أواخر شهر رمضان".

وصرح في وقت سابق لوسائل الإعلام، بأن الأردنيين تسللا إلى الداخل لمناصرة الفلسطينيين في "القدس والمسجد الأقصى"، دون أن يكون لهما مخططات بارتكاب أي فعل "إرهابي"، كما تدعي السلطات الإسرائيلية، على حد قوله.

وكان الشابان يخططان للمشاركة في المسيرات الأردنية نحو الحدود مع فلسطين يوم الجمعة غير أنهما قررا السير باتجاه الحدود القريبة من بلدتهما. وكانت هذه الزيارة الأولى لهما إلى فلسطين.

وتعيد قضية اعتقال العنوز والدعجة الحديث حول ما يعرفون بأسرى "الدوريات" العرب الذين اعتقلت إسرائيل العشرات منهم، كما قتلت العشرات لدى محاولتهم التسلل وعبور فلسطين لتنفيذ عمليات فدائية بعد حرب 1967، وكان من بينهم أردنيون وسوريون ولبنانيون وسعوديون.

وما زال الاحتلال يعتقل 20 أسيرا يحملون الجنسية الأردنية، بالإضافة إلى الأسيرين الأردنيين الدعجة والعنوز وأسيرين من الجولان السوري المحتل.

الحكومة الأردنية أكد عبر وزير الدولة الأردني للشؤون القانونية محمود الخرابشة، أن الحكومة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية المتاحة، للإفراج عن الأردنيين المعتقلين لدى السلطات الإسرائيلية.

وأضاف الخرابشة في تصريح صحفي سابق أنه "في حال لم تفرج إسرائيل عن الأردنيين ستتخذ الحكومة خطوات تصعيدية"، وأكد أن "هناك وسائل كثيرة ستلجأ لها الحكومة في حال استمرار اعتقال المواطنين الأردنيين"، من دون ذكر طبيعة هذه الوسائل.

واعتبر الوزير الأردني أن السلطات الإسرائيلية خرقت القانون الدولي، مؤكدا أن الأردنيين لم يقوما بأي عمل يضعهما في دائرة الاتهام.

لا يعرف حتى الأن كيف يمكن أن تنتهي قضية الأسيرين فأخر مواجهة دبلوماسية بين تل بيب والأردن تعود إلى نحو عامين حين أفرج الاحتلال عن المعتقلين الأردنيين، هبة اللبدي، وعبد الرحمن مرعي، بعد أشهر من توقيفهما، وتسبب اعتقالهما بأزمة دبلوماسية مع الأردن.

وكان الأردن قد سحب سفيره من دولة الاحتلال احتجاجا على اعتقال المواطنين الأردنيين.

ولم يكشف وقتها عن تفاصيل "الاتفاق " الذي أفضى إلى إطلاق سراح اللبدي ومرعي، لكن يبدو أن الحديث عن "اتفاق " جديد مبكر في ظل الجمود والتوتر الذي تشهده العلاقات الأردنية الإسرائيلية مع وجود بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية.

وإن كانت السرية والخفية والأمينة هي الأقرب لبحث أي اتفاق محتمل.