المُستعمِرون يطلبون «الصَفحَ» ولا «يعتذِرون»....يا لـِ«استكبارِهم وغَطرستِهم»

اخبار البلد - محمد خروب


على نحو بدا مُنسَّقاً...إعترفت «المانيا» بارتكاب «إبادة جماعية» في ناميبيا الإفريقية قبل أزيد من قرن, كان سَبقها بيوم واحد الرئيس الفرنسي ماكرون, عندما «أقرّ» بالدور الذي لعِبته بلاده في «الإبادة الجماعية» للتوتسي في رواندا/1994...ما طرح المزيد من الاسئلة وأثار الشكوك في شأن هذه «الصحوة» المفاجئة للدول الإستعمارية, تجاه الإقرار بمسؤولياتها في الفظائع التي ارتكبتها بحق الشعوب/الدول التي استعمرتها عبر غزوات استهدفت نهب ثرواتها وتسخير شعوبها لخدمة أهدافها الإمبريالية, فضلاً عمّا خلّفته من مآسٍ وأحقاد ناتجة عن?ممارستها العنصرية وإدعاءاتها مساعدة الدول وشعوبها للخروج «المزعوم» من التخلّف والجهل, الى رحاب الحضارة الغربية والقيم الأخلاقية والديمقراطية التي تواصِل بثّها, رغم أفول الإستعمار القديم وتحوّله الى «استعمارات حداثِيّة» لا ضرورة فيها الى تواجد عسكري ثابت, بعد نجاحها في تطوير أساليبها عبر توظيف «الأنظمة الوطنية » التي سلّمتها مقاليد السلطة, ودعم سفاراتها واستخباراتها ورهط مناصِريها/ خدمِها في منظمات المجتمع المدني الـ"NGO's » كوكلاء لها في بث السموم والترويج لفضائل الديمقراطية الغربية وقِيم الغرب الإستعماري.
 
ما علينا....
 
وزير الخارجية الألماني زار ناميبيا الخميس مرتديلاً بنطالل جينز و"جاكيت سبور» أسود اللون، دونما اكتراث باللياقات السياسية/الدبلوماسية التي يتعامل معها الغرب الإمبريالي بـ"صرامة» ولا يسمح اختراقها، ألقى جملة من المواعظ على مستمعيه من أحفاد ضحايا جرائم بلاده....بكلمات ومصطلحات استعلائية ومغسولة تفيض غطرسة واستكباراً، مُعتبراً الإعتراف بـ"الإبادة الجماعية» التي ارتكبتها ألمانيا بقتل «70» ألفاً من شعب هيريرو وشعب ناما, «مُبادرة» (اي مِنّة تجاه من سفكَت دماءهم وأزهقت أرواحهم, فقط لتثبيت استعمارها وإشباع نهمها ال?مبريالي,عبر غزو مجتمعات واظبت وما تزال اعتبارها مُتخلِّفة,وربما غير جديرة شعوبها بالبقاء), ولم يتردّد لفرط غطرسته,القول: في ضوء المسؤولية التاريخية «الأخلاقية» لألمانيا...سنطلب «الصفح» من نامبيا ومن أحفاد الضحايا, على «الفظائع» التي ارتكِبت بحق الضحايا, مستطرداً في استعادة لإستعلاء أجداده المُستعمِرين,...إن ألمانيا ستدعم إعادة الإعمار والتنمية في نامبيا, عبر برنامج مالي قيمته(1,1) مليار يورو, مشدّداً أن «هذه الأموال ليست تعويضات على اساس قانوني( تنويه: المبلغ المُتواضِع سيُدفَع على مدى 30 عاماً مُقبلة).
 
هنا تكمن القطبة الإستعمارية المَخفية أقرب الى الاعيب المُستعمِرين مع الشعوب المُستعمَرة افريقية وغير افريقية. ليس بث المزيد من الوعود الكاذبة بل وأيضاً اعتبار نسبة ذكاء هذه الشعوب مُتدنِية, مقارنة بما هم عليها المُستعمِرون الغربيّون...يَطلبون «الصفح» ولا يعتذرِون, لأن «الإعتذار» يعني ضمن أمور أخرى دفع تعويضات وإعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر القانون الدولي, وليس وفق الرواية الإستعمارية المُهيمنة.(للمرء مُقارنة اعتذار ألمانيا عن ارتكابات النازية بحق «اليهود» وليس أي دولة/شعب آخر, ومواصلتها دعم اسرائيل بالما? والسلاح شبه المجاني حتى بعد 75 عاماً على هزيمة النازية).
 
ماذا عن ماكرون ؟
 
الرئيس الفرنسي الذي يرفض الإعتذار عن التاريخ الأسود للأستعمار الفرنسي للجزائر التي كانت تسمى «الجزائر الفرنسية", ولا يتردّد في مواصلة التذاكي واللعب على المصطلحات والألفاظ, تارة حول «مصالحة الذاكِرة» وطوراّ عن صفحة جديدة من العلاقات «الخاصة والمتميزة» مع الجزائر, ويتمسّك بما قاله الرئيس الأسبق ساركوزي باستعلاء: الأحفاد لا يعتذرِون عمّا فعله الأجداد", ذهبَ ماكرون الى رواندا البلد الإفريقي الذي استعمرته فرنسا, كما معظم دول وسط وغرب افريقيا لـ"يفتح صفحة جديدة دون أن يعترف بمسؤولية بلاده عن الإبادة الجماعية ال?ي تعرّض لها «التوتسي", نافياً تواطؤ بلاده في حدوثها ومعترِفاً بلغة مُخاتلة/مُخادعة بـ"معاناة الشعب الرواندي». دون ان يُسمِّي المسؤول عن ذلك... مَن أمرَ/شارَك/غضّ الطرف,أو شجّع/موّل/سلّح, مُفاخراّ في استذكاء استعماري مكشوف:ان الإعتراف بهذا الماضي يُعدّ » لفتة بلا مُقابل» لمواصلة تحقيق العدالة",مُتجاهلاً عن قصد ما قاله مؤرخون فرنسيون: بأن «عناصر التواطؤ كانت حاضرة, بسبب وجود قوات فرنسية في رواند خلال تلك الحقبة...وان مسؤولية فرنسا ثقيلة جداً.
 
صحوة إستعمارِية مُفاجئة قد تكون مقدمة فرنسية/ألمانية/أوروبية/أميركية لإعادة تدوير الإستعمار القديم, واستعادته بشعارات وخطاب جديدين في مواجهة نفوذ/دور «صيني» مُتنامٍ, وايضا «روسِيّ»...في القارة السوداء.