أولويات الحكومة اليوم وليس غدا
اخبار البلد ـ ليست المشكلة في تحديد أولويات الحكومة خلال الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة. فهناك العشرات، بل المئات من الخطط والبرامج. لكن المعضلة الحقيقية، كانت وما تزال، في القدرة على ترجمة هذه الأولويات واقعا، وبما يلبي تطلعات الناس، ولو على مراحل.
ففي أحاديث العديد من قطاعات المجتمع، على اختلاف ميولهم السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، وسواء كان ذلك على لسان المسؤول أو المواطن، يصل المرء إلى استنتاج أن الهم الاقتصادي، والذي تفاقم على مستوى الدولة والأفراد بفعل تتابع ضربات فيروس كورونا، يكاد يسيطر على فكر الأغلبية.
وعند الحديث في التفاصيل، يتضح أن معظم فئات المجتمع تطالب بأن تقدم الحكومة حزما اقتصادية أكثر، تبني على ما سبق، لإنقاذ القطاعات والفئات المتضررة بفعل كورونا. ومن جانب آخر، نرى أن معظم أبناء وبنات الوطن يخشون البطالة، وما يتبعها من عوز، وتأثيراتها على استقرارهم الاجتماعي والنفسي. وأخيرا، نلمس أن خدمات البنية التحتية وإدامتها بدأت تأخذ حيزا من هم المواطن اليومي، خصوصا بعد الحديث من قبل العديد من المسؤولين عن واقع مائي صعب هذا الصيف، وبعد حادثة انقطاع الكهرباء الذي عم البلاد قبل أيام معدودة.
كل هذا يقودنا، وبعيدا عما لا طائل منه، إلى أن على الحكومة أن تنظر إلى هذه الأمور الثلاثة بجدية، وأن تعمل على تقديم حلول قصيرة وبعيدة المدى تلبي، ولو تدريجيا، آمال الناس بخصوصها.
وقد تشمل هذه الحلول إعلان الحكومة عن برامج دعم جديدة للقطاعات والفئات المتضررة من جائحة كورونا حتى وإن كلف الأمر زيادة الدين العام (فهو يزداد بطبيعة الحال)، وإطلاق برامج تشغيل وطني وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وفي النهاية تفعيل أو صياغة خطط، بتفاصيل واضحة وسقف زمني محدد، لصيانة ما يلزم من البنى التحتية في المملكة، وإطلاق الجديد منها وفق الحاجة. وهذا سيضمن انسياب الخدمات بلا انقطاع.
يخطئ من يعتقد أن هموم الناس ليست اقتصادية بالدرجة الأولى، هذا مع الإقرار بأهمية السياسية منها، لكنها تبقى في المحصلة شأن الدولة والنخب، من قانون انتخاب ومشاركة حزبية وغيرها. صحيح أن وجود أحزاب فاعلة ذات برامج سيسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للناس، لكن هذا الأمر بحاجة لوقت ليؤتي ثماره، ونحن لا نملك ترف الوقت.
على الحكومة التحرك مستندة إلى حقيقة أن وباء كورونا بدأ بالانحسار عالميا وليس محليا فقط، وأن موجاته القادمة ستكون أكثر ضعفا مع استمرار حملات التلقيح وتعزيز المناعة المجتمعية. وهذا يعني أن عجلة الحياة ستعود خلال أشهر معدودة إلى طبيعتها قبل كورونا.
وليكن واضحا أن وضع خطة تنفيذية، وليس استراتيجية نظرية على الورق فقط، لجذب الاستثمارات العربية والعالمية هي أولوية الحكومة الأولى وذراعها مستقبلا لتحقيق مختلف الطموحات الرسمية والشعبية في آن واحد، خصوصا في مجال محاربة البطالة، التي يجب أن تكون الهم الأكبر للحكومة.
ولنتذكر جميعا أن وطنا يحتفل بمرور 100 عام على تأسيسه
و75عاما على استقلاله، بقيادته الهاشمية التي يحمل رايتها بكل حكمة واقتدار واستشراف للمستقبل جلالة الملك عبدالله الثاني، يستحق أبناؤه وبناته أن يتطلعوا إلى حكومة قادرة على إنجاز ما هو حق لهم.