الخطوة التالية أو ماذا بعد وقف النار؟!

اخبار البلد - جميل النمري 

 

ليس أن القدس تنتفض لأول مرة ولا فلسطينيو ال48 ولا شباب الضفة الغربية وليست أول مرة تنطلق فيها الصواريخ من غزة أو يقوم الاحتلال بقصف مدمر فاق بثلاثة اضعاف – وفق المصادر الفلسطينية - دمار عدوان العام 2014. الجديد ان هذه الجولة – المواجهة تأتي بعد حقبة صقيعية شهدت تراجع القضية الفلسطينية بصورة خطيرة ووصل الأمر خلال ولاية ترامب الى عداء صريح وإهمال تام لمنظمة التحرير ولقضية اللاجئين ونكوص عن مبدأ حلّ الدولتين وطرح حلول اقتصادية وقحة باشر الاحتلال تطبيق مكاسبه منها وسط انكفاء عربي عام. وقد ناكف ترامب معارضيه قائلا أنظروا أين ردود الفعل العربية والاسلامية التي خوفتمونا بها ؟! بل فوق ذلك قد كرّت مسبحة التطبيع.

من هنا قيمة الانتفاضة الأخيرة والمواجهة التي اعتبرنا نتيجتها نصرا سياسيا واضحا للفلسطينيين فقد قام طائر الفينيق الفلسطيني من الرماد وصفّر عداد المكاسب التي حققها الاحتلال، وعادت القضية الفلسطينية الى الصدارة وتوحد الشعب على امتداد فلسطين التاريخية في الميدان وسرت الحرارة في الجسد العربي وتداعى بالسهر والحمّى للأقصى والقدس وفلسطين 

وسرت موجة تعاطف عالمية قوضت حرفيا كل مكاسب الصهيونية على الساحة الدولية.

الآن ينتصب السؤال الذي طرحناه في نهاية المقال الماضي .. ماذا بعد ؟! ماهي الخطوات القادمة وماذا سيبني الفلسطينيون وبالتبعية كل من يلتفون حولهم على ما تحقق في هذه الجولة والتحول النوعي في الداخل الفلسطيني وفي الخارج؟

نخشى من تبديد المكاسب بأداء سياسي ضعيف مشتت والرهان على عودة الاهتمام الأمريكي واستئناف المفاوضات. وهنا لا ندعو الى رفض أو مقاطعة المفاوضات بل الى اعتبارها في وعينا وحساباتنا مشاغلة فرعية لا يعوّل عليها الى يوم يصبح فيه الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الخيار الوحيد الممكن. أكثر جدوى اليوم مواصلة حشر الاحتلال في الزاوية ودوليا استخدام جميع المنابر ومنها المحكمة الجنائية لإيذاء الاحتلال.

نقطة البداية لأي حل مهما كان هو الاعتراف بأن ثمّة احتلالا ودولة فصل وتمييز عنصري خارجة على القانون الدولي والانساني تشبه دولة الأقلية البيضاء البائدة في جنوب افريقيا.

ثمّة أسئلة كثيرة عن وضع السلطة الفلسطينية اليوم والعلاقة مع حماس التي عادت رقما مركزيا في الصراع وعن حكومة 
وحدة وطنية وعن الانتخابات ووضع فتح الداخلي ودور منظمة التحرير وعن ادارة النضال في الأيام القدمة في القدس ومع البؤر الاستطانية ومضايقات العدو وبصورة اشمل إعادة تعريف العلاقة مع المحتل جلاد الشعب الفلسطيني .

اعتقد ان هذه الأسئلة وغيرها تدور في الأفق وما زالت المراجعات جارية وسترتكب سلطة عباس إثما عظيما إن هي لم تستخلص الدرس ان شيئا جوهريا يجب ان يتغير وخطوات حقيقية يجب ان تتم وفي مقدمتها التنازل عن التفرد في السلطة ومنظمة التحرير ناهيك في فتح نفسها. يجب ان تنشأ شراكة جديدة حقيقية متكافأة على مستوى القيادة السياسية للشعب الفلسطني وربما بصيغة جديدة لمنظمة التحرير والفصل بين السلطة السياسية للشعب الفلسطيني والادارة لمناطق في الضفة وغزة. فهذا خطأ ينبغي تصويبه وله ترجمة محددة في الأيام المقبلة.