الأردن وحماس: العلاقة ما تزال في «الثلاجة»
اخبار البلد - حسين الرواشدة
فتحت الحرب الأخيرة على غزة ملف مستقبل العلاقات السياسية بين الأردن وحماس، فقبل نحو عشرين عاماً تم اغلاق مكاتب حماس في عمّان، وترحيل قادتها الأربعة الى الدوحة، منذ ذلك الوقت اقتصرت العلاقة بين الطرفين على البعد الإنساني وتقديم المساعدات، حيث انشأ الأردن مستشفى ميدانياً في غزة، وسمح لبعض قادة حماس بزيارة عمان في عدة مناسبات عائلية.
صحيح انه في مرات قليلة ومتباعدة زمنياً جرت بعض الاتصالات من خلال قنوات خلفية غير معلنة، وصحيح ايضاً ان هذه «البرودة» في العلاقات لم تمنع قيادات حماس، في الداخل والخارج على حد سواء عن اعلان احترامهم للدور الذي يقوم فيه الأردن تجاه القضية الفلسطينية، لكن الصحيح ايضاً هو ان الأردن تخلّى سياسياً عن «ورقة» حماس، كما فعل ذلك تماماَ مع «جماعة» الاخوان المسلمين، وفي ذلك إشارة واضحة الى استراتيجية حسمتها الدولة في ترسيم علاقتها مع «الإسلام» السياسي بشكل عام.
في سياق النقاش العام الذي جرى اثناء «جولة» الصراع الأخيرة مع الاحتلال، ثم ما جرى من تلاحم فلسطيني للدفاع عن «المقدسات» في القدس، وما أحرزته «غزة» من انتصار معنوي أعاد «القضية» الفلسطينية الى بؤرة الاهتمام الدولي والعربي، ثم ما سوف يطرأ لاحقا من تحولات سياسية على صعيد التعامل مع الفلسطينيين، يمكن للدولة الأردنية ان تفكر في اتجاه «تقييم» العلاقة مع حماس.
وفي تقديري ان هذا «التقييم» سيحتاج حسمه الى وقت طويل لمحددين رسميين اثنين» الأول ان ارتباط الأردن مع الفلسطينيين سياسياً له عنوان واحد وهو «السلطة» المعترف بها دولياً، وبالتالي فإن عدم مشاركة حماس في السلطة (التشريعية والتنفيذية) سيشكل «حجة» تحول دون ذلك، اما المحدد الثاني فهو ان ارتباط حماس تاريخياً وجغرافياً بالأشقاء في مصر يمنح الرسمي الأردني «ورقة تحفظ» للدخول على هذه العلاقة، ربما احتراماً للدور المصري، وربما لرغبة في عدم الانخراط في «اشتباكات» وانقسامات الداخل الفلسطيني.
سواء أكانت هذه الأسباب مقنعة ام لا، فإن سؤال المصلحة الأردنية من «التطبيع» السياسي مع حماس سيبقى مطروحاً للنقاش في الأيام القادمة، لكن المؤكد ان ما جرى في فلسطين وما «أنجزته» حماس في الأيام المنصرفة يصب في «الرصيد» الأردني من جهة اسناد وتأكيد مواقفه من «صفقة القرن» ومن تداعياتها وارتداداتها التي تسببت في محاصرة الأردن سياسياً واقتصادياً، إضافة الى انه منح الأردن «فرصاً» جديدة للتعامل مع متغيرات مختلفة بأدوار تقتضيها مصلحته، كما تقتضيها علاقته التاريخية والمصيرية بالقضية الفلسطينية.
في ضوء ذلك، اعتقد أنه من المبكر توقع عودة «العلاقات» في المدى المنظور بين الأردن وحماس، لكن ذلك لن يمنع من تدفق اكبر «للاتصالات» عبر قنوات مختلفة، كما انه لن يمنع من تطور هذه الاتصالات الى «تنسيق» في الحدود الدنيا اذا تم رفع «الحظر» عن حماس دولياً، كما اشارت تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين، او اذا استجدت تطورات جديدة على صعيد الداخل الفلسطيني، او على صعيد العلاقة «المجمدة» مع تل أبيب.