حوارات الفايز تحريك مياه راكدة وسط تشكيك البعض بجديتها
اخبار البلد ـ بمبادرة ذاتية كما أعلن دولة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز ، بدأ لقاءاته حول إعادة النظر بقوانين ناظمه للحياة السياسيه، تشمل الانتخابات النيابية، والحكم المحلي، والأحزاب . قوانين لطالما تم تعديلها أو تغييرها سابقاً مرات عديدة، منذ أكثر من ثلاث عقود من الزمن، كلما كان هناك أزمه سياسيه، أو اقتصاديه تمر بها البلاد ، أو حاله معينه تستدعي بالضروره حراك إنتخابي تتكئ عليه الدوله أمام الجهات الدوليه، أو لإمتصاص ردة فعل محليه تقتضي أدوات مواجهتها الهروب للأمام بعملية اشغال لفترة معينه، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .
سببان يدعمان وجهة نظر اصحاب الرأي المشكك بأن الفايز يقدح من رأسه، وبدون ضوء أخضر، في عملية استمزاج واستماع، أو حتى جس نبض بعض ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وشيوخ العشائر، والروابط، والنقابات المهنية، والأحزاب، وممثلي المخيمات، والفعاليات الشبابيه، والنسويه، والقطاعات الاقتصاديه، الاول يستند على ان الخلفيه الوظيفية البيروقراطيه التي مارسها الرجل منذ تخرجه من الجامعه، وانخراطه بالعمل الدبلوماسي ابتداءً ثم انتقاله للديوان الملكي دائرة صنع القرار في دوله تعتمد المركزية في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية والتي تُحتِم عليه التنسيق المسبق في أي مُشاغله أو احتكاك مع الجمهور وحتى اختيار نوعية الحضور . والسبب الثاني الموقع الذي يشغله دولته باعتباره يرأس الغرفه الثانيه من مجلس الامه وان كان بالتعيين ، ولم تصل كامل مشاريع القوانين بعد إلى المجلس، وقبل وصولها من المفروض أن يقع هذا الجهد على عاتق الحكومه، وعند إرسالها لهم تبدأ مهمة مجلس الامه بغرفتيه.
الفايز بحكم المواقع الوظيفيه القيادية التي شغلها يُعتبر طرف في نهج السياسية الاردنيه، وهو جزء من منظومة تنفيذيه ، وتشريعية لها ما لها وعليها ما عليها مما أصاب البلد من نجاح، أو إخفاق خلال العقود الماضية، وقد تصيب سهام النقد حواراته بمقتل، وتبعثر الجهود التي يبذلها بمعاونة نائبه في مجلس الأعيان، لعدم توافر شروط الحياد الموضوعية في أدبيات الحوار الهادف، والصريح، والتي من اهمها أن تتألف الجهه التي تقوم بالحوار من مؤسسه، أو أشخاص لا يملكون غايه، أو هدف مع أو ضد ولديها أو لديهم مهمه معينه واضحة المعالم، ضمن فترة زمنية مناسبة ترفع تقريرها مع التوصيات للجهه التي قامت بتكليفهم بشكل رسمي. وبما أن دولته غير مُكلف من اي جهه، يقفز إلى ذهن اي متابع أو محلل سؤال برسم الاجابه لمن تُرفع نتائج هذه الحوارات، ومن المعني بفلترتها ، ام تبقى كتغذيه راجعه لدى مجلس الأعيان عندما تُقدم الحكومة مشاريع قوانينها ؟
في كل أحاديثه يؤكد دولته على أن المرجعية في إجراء الحوارات وتبادل الأفكار حول مُجمل القضايا، والتطلعات، والطموحات ، والتحديات، هي من الثوابت الوطنية والأوراق النقاشية، التي طرحها الملك لمستقبل الاردن، والإصلاح الشامل الذي يسعى إليه، ويتطلع له الشعب الاردني، وهنا تكمن المفارقة التي تتعارض مع الفكر الذي يروج له دولته، والذي يُغلب فيه التنمية على ما سواها، والإصلاح السياسي حسب رأيه ليس أولوية بل هو مطلب قد يتحقق بالتدريج بما يراعي المصلحه العامه . اي بمعنى أن الأمور تمام والوضع "قمرا وربيع" والمطلوب تعظيم الإنجازات وتنميتها ولا تحتاج إلى إصلاح . وهذا ما يبرهنه حديثه عن وزارة التنمية السياسية التي تم استحداثها في عهد حكومته "لم يكن الهدف أن تقوم هي بعملية الإصلاح السياسي بل إن تكون حافزاً ومشجعاٌ على الحراك السياسي في الاتجاه الصحيح".
المتتبع للقاءات التي انطلق قطارها من محطة عمان العاصمة إلى باقي المحافظات، ولقاءاته مع مختلف الفعاليات، يلحظ حجم الوجع والألم الذي يعتري المواطن الأردني، من خلال اهتماماته المتعلقة بكيفية معالجة الفقر، والبطالة، ومكافحة الفساد، وكل ما يتصل بهموم حياته اليوميه التي تقع ضمن سياق الإصلاح الاقتصادي، والاجتماعي مما انعكس ربما على توسع دائرة اهتمام دولته في طرح عناوين عريضة لمجمل التحديات الاقتصادية والاجتماعية وبعض القضايا الخلافية والجدليه مثل الهوية الجامعه، وسيادة القانون، والعدالة الاجتماعية . مما يدل على أن رثي الفتق للقوانين عنوان الحوارات على أهميتها لا يكفي وانما هي خطوه يجب أن تتبعها خطوات .
رغم اتساع مساحة الاختلاف في التفكير الجمعي بين الموالاة، والمعارضة إن جاز التعبير، وتصلب بعض المواقف التي بات يتمترس خلفها كل طرف . ورغم تباين الاجتهاد في آلية حل المشكلات التي يعاني منها الوطن وكيفية الاشتباك معها يبقى دولة الفايز علامه فارقة بين الكثيرين ممن استلموا مواقع وظيفية قيادية في الدولة الأردنية، حيث لم يغب عن المشهد بمنصب أو بدونه، ويطرح رأيه الذي يؤمن به بكل جرئه ، ورسخ حضوره في اغلب القضايا المطروحة على الساحة، وان غابت شمس الصحراء وسُمرتها عن قسمات وجهه وحضنته سفوح جبال المدينه التي أحب إلا أن البداوة تبقى حاضره في أدبه وخُلقه ووفائه لمن يُحالف أو يوالي .
حمى الله الاردن واحة أمن واستقرار وعلى أرضه ما يستحق الحياه .