ربيع القدس وانتفاضة أرض فلسطين

أخبار البلد-

منذ انطلاقة انتفاضة شعبنا الفلسطيني في القدس العاصمة، خلال شهر رمضان دفاعا عنها، بعد محاولات الاحتلال الإسرائيلي إيجاد وقائع جديدة على الأرض، ـــفي محاولة لإنقاذ نتنياهو الذي كان في طريقة المحتوم إلى السجن على خلفية قضايا الفسادــــ والذي قوبل بردة فعل فلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية، من النهر إلى البحر، بدأت تتكشف حقيقة وحدة شعبنا وتمسكه بحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف أو التنازل مهما كانت التضحيات.

في انتفاضة القدس وربيعها، الذي امتد إلى عدوان همجي على قطاع غزة في يومه العاشر، التي أضيفت على أجندة الأهداف أمام نتنياهو للهروب من أزماته وفشله، والذي قوبل كذلك بفعل قوي يتناسب مع حجم الجرائم التي يرتكبها، مع الفارق الكبير في موازين القوى والفتك التي تستخدمها قوات الاحتلال، والتي عمدت إلى قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير المنازل والبنية التحتية، وإعادة غزة إلى ما قبل إنشاء السلطة الوطنية، في محاولة يائسة من نتنياهو للبحث عن انتصار تدميري باستخدام أفضل أسلحة الدمار الأميركية، والتي أدت حتى هذه حتى مساء يوم الأربعاء حسب تقارير وزارة الصحة إلى استشهاد "219" شهيدا، واصابة 1530 مواطنا بجروح مختلفة، من بين الشهداء، 63 طفلاً، و36 سيدة، و16 مسناً، وتدمير مئات المنازل والشقق السكنية والأبراج والمؤسسات والمدارس ورياض الأطفال، وشبكات الطرق، والمياه، والصرف الصحي، والاتصالات، في 1900 غارة من الطائرات والمدفعية والبوارج الحربية.

ويعكس حجم التدمير غير المسبوق الذي العدوان الإسرائيلي، حالة القلق والخوف الشديد التي تنتاب إسرائيل جراء التحدي الفلسطيني في كافة أماكن تواجد أبناء شعبنا على كامل أرض فلسطين وفي الشتات، وفي شوارع العواصم العربية والدولية والتي أعادت للقضية الفلسطينية بهاءها واعتبارها، بعدما تغيبت بفعل اشغال الشعوب العربية في قضايا وصراعات داخلية، والتي على أساسها اعتقد نتنياهو انها فرصته الذهبية لتنفيذ مخططاته الاستيطانية والتوسعية، واذا بالشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده على أرض فلسطين يخرج، في تحد واضح، ويعيد دولة الاحتلال إلى المربع الأول، وأجواء الانتفاضة الأولى عام 1987م.

أما الرسالة التي بدأ الاحتلال يضعها في سلم أولويات المواجهة، هي التحرك المنظم للمحافظات الشمالية، والذي تقف خلفه حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي ينذر بقلب الطاولة برمتها إن لم يتحرك المجتمع الدولي فورا لوقف هذا العدوان بكل أشكاله ومواقعه، وإنهاء كل مسببات المواجهة الأخيرة، وأهمها عنوانها المقدس القدس العاصمة، والذي كان واضحا في خطاب الرئيس محمود عباس أمام اجتماع البرلمانات العربية، والذي وضع فيه محددات التحرك الدبلوماسي الفلسطيني والعربي والدولي، وأول أهدافه إنهاء العدوان الإسرائيلي في كل أماكن تواجده في القدس ومن كل الأرض الفلسطينية، وصولا إلى تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية التي جدد الدعوة لها، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات العامة في حالة ضمان مشاركة القدس العاصمة فيها.

الرئيس محمود عباس في خطابه أمام اجتماع البرلمانات العربية، وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في إطلاق عملية سياسية من أجل لجم الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وتهديدها المتواصل للاستقرار في المنطقة بفعل تصرفاتها، والذي يتطلب إطلاق عملية سياسية بمرجعيات دولية لتحقيق هذا الهدف، مؤكدا أن لا حل للصراع دون أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، مؤكدا على الثوابت الفلسطينية التي لا يمكن التراجع عنها، بل لم يولد بعد الفلسطيني الذي يتنازل عنها.

أخيرا وبعد، 21 عاما وأمام التصدي الفلسطيني الموحد كافة أماكن تواجد شعبنا، هل يدرك "نتنياهو" أن القدس ما زالت العنوان والهوية، وأنها ليست ملكا لرئيس أميركي أو غيره، وهل يدرك المجتمع الدولي أن الاستقرار في المنطقة مهدد برمته إن لم يتم وقف هذه الحكومة اليمينة المتطرفة، وإعادة عملية السلام إلى السكة الطبيعية، وفق القرارات الدولية والحل السياسي العادل والشامل.